ماذا لو عاد الضرب إلى المدارس السورية وحمل مدرب الفتوة العصا
كلو لأنهم منعو الضرب في المدارس .. أسهل تبرير لأخطاء الطلاب والحنين لزمن العنف
«كلو لأنهم منعو الضرب بالمدارس» عبارة يمكن القول أنها صارت ملازمة لذكر مشكلات بعض الطلاب وسوء سلوكهم. فما سر هذا الحنين إلى زمن الضرب في المدرسة لدى البعض؟ وهل العنف هو الحل فعلاً؟.
سناك سوري _ هادي مياسة
واتخذت السلطات السورية مطلع الألفية قراراً حازماً بمنع الضرب في المدارس ماحال دون استخدام آلاف المدرسين/ات للعصا والسياط في معاقبة التلاميد. وهو أسلوب كان سائداً لسنوات طويلة حتى أن مدرب الفتوة كان أشبه بجلاد بالنسبة للطلاب في المدارس. يتاح له ضربهم بمختلف الطرق التي يصل إليها. ومنذ قرار منع الضرب في المدارس السورية والموضوع مثار جدل بين أنصار التربية العنيفة والتربية اللاعنيفة.
اعتداء على طالبة يؤدي للمطابة بعدم منع الضرب في المدارس السورية
وعلى خلفية حادثة الاعتداء على الطالبة “تسنيم حداد” على يد 9 طالبات في مدرستها ما تسبب لها بأذىً جسدي كبير وصل إلى بتر خمسة من أصابع قدمها. توجّه سناك سوري بسؤال لمتابعيه حول رأيهم بالحادثة لتخرج تعليقات صادمة تدعو إلى تشريع ضرب الطلاب وتعنيفهم على أنها طريقة لتربيتهم وضبط سلوكهم. ووصل الأمر بمطالبة بعض المتابعين بتطبيق عقوبة الإعدام بحق الطالبات المعتديات.
يقول استشاري الأمراض العصبية والنفسية عند الأطفال الدكتور “مازن غالية” أنّ العنف ليس حلاً، بل إنّ التربية العنيفة تعد سبباً مباشراً للسلوك العدواني لدى الطفل. مضيفاً أنها قد تسبب فرط النشاط ونقص الانتباه لديه. كما تؤدي إلى دخول الطلاب في حلقة عبثية من العنف والعنف المضاد المترافق مع التراجع الدراسي، وتنعكس أيضاً على علاقتهم مع الوسط المحيط.
دعوات التربية العنفية سببها الجهل بالأسباب العلمية لاضطرابات السلوك لدى الأطفال واليافعين. وتعود إلى غياب الاطلاع على الأساليب العلمية للتربية الحديثة والتي تعتمد على وسائل إعادة التأهيل السلوكي التربوي. الدكتور مازن غالية
منع الضرب بالمدارس السورية…. عنف بلا جدوى
وعن سبب تلك الدعوات يقول الدكتور “غالية” أنّ سببها الجهل بالأسباب العلمية لاضطرابات السلوك لدى الأطفال واليافعين. وتعود إلى غياب الاطلاع على الأساليب العلمية للتربية الحديثة والتي تعتمد على وسائل إعادة التأهيل السلوكي التربوي.
معظم الحالات ناجمة عن تعنيف الأطفال للحيوانات بطرق مختلفة كالحرق أو الضرب بمسدسات الخرز. لافتاً إلى أن الأطفال تحديداً يمارسون العنف على الحيوانات أكثر من غيرهم. الطبيب جودت يونس
ويعني ذلك أن التعنيف التربوي سواءً في المدرسة أو المنزل لا جدوى منه بل ويؤدي لأثر سلبي يفاقم المشكلة. ويخلق مزيداً من العنف في سلوك الأطفال.
وفي تصريح سابق يقول الطبيب البيطري “جودت يونس” لـ سناك سوري أن معظم الحالات الواردة إلى عيادته ناجمة عن تعنيف الأطفال للحيوانات بطرق مختلفة كالحرق أو الضرب بمسدسات الخرز. لافتاً إلى أن الأطفال تحديداً يمارسون العنف على الحيوانات أكثر من غيرهم.
وهذا قد ينسجم مع فكرة سوء علاقة الأطفال بوسطهم المحيط، والتي أشار إليها الدكتور “مازن غالية” وربطها بالتربية العنفية في أغلب حالاتها.
وفيما يخص الأسباب يقول “غالية” أنّ السلوك العنيف بين الأطفال والمراهقين ناتج عن النمط الاجتماعي السائد والإحساس بعدم تطبيق القانون بشكل عادل بين الجميع. كإعطاء فرص أفضل للأشخاص العنيفين وأصحاب الأساليب الملتوية، وهذا يمثل قدوة سيئة لأطفالنا وشبابنا. وتابع أنّ المسألة تمتد إلى الثقافة السائدة في وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون والتي تشجع على سوء السلوك.
المعالجة تكمن بالبحث عن سبب المشكلة إن كان مَرضياً أو اجتماعياً أو عائلياً، وبالتعاون بين الأهل والمدرسة والإختصاصيين. وهذا هو السبيل الأمثل للمعالجة ولإنشاء أفراد أسوياء نفسياً وقادرين على الاندماج الاجتماعي السليم الدكتور مازن غالية
ولفت “غالية” إلى أنّ غياب التشخيص للأطفال المصابين باضطرابات السلوك قد يشيع الفوضى والعنف بين الأطفال. وأشار إلى أنّ الاستعانة بالعنف في التربية وكذلك العنف العائلي والطلاق وغياب سلطة الأب وعدم المحاسبة في المدرسة، هي أسباب أساسية للسلوك العنيف والسيء لدى الطلاب.
ماذا لو عاد الضرب إلى المدراس؟
وفي مسألة المعالجة والوقاية. أوضح “غالية” أنّ الدعوة إلى العنف في التربية استسهال لفرض السيطرة بدلاً من البحث والمعالجة المنهجية. فالعقوبة ليست هدفاً بحد ذاتها، وقوانين المدرسة تسن عبر المعرفة العميقة بفقه القانون وبالاستناد إلى المعارف الحديثة وليس بالارتجال والدعوات الناتجة عن الرؤية القاصرة.
الأستاذ المحاضر في جامعة “تشرين” قال أيضاً أنّ المعالجة تكمن بالبحث عن سبب المشكلة إن كان مَرضياً أو اجتماعياً أو عائلياً، وبالتعاون بين الأهل والمدرسة والإختصاصيين. وهذا هو السبيل الأمثل للمعالجة ولإنشاء أفراد أسوياء نفسياً وقادرين على الاندماج الاجتماعي السليم. وفق حديثه.
وكي لا يتم فهم مبدأ المحاسبة كدعوة للتعنيف. فقد أوضح “غالية” أنّ المقصود بذلك هو اعتماد أسلوب حرمان الطفل المسيء مؤقتاً من ألعابه التي يحبها. وأكد أنّ اللجوء لذلك يتم بعد عدم نفع أسلوب الثواب والتحفيز الإيجابي المتبع لترسيخ السلوك الجيد والتشجيع عليه.
فهل مازلتم تعتقدون أن سبب مشكلاتنا عائد من أنهم “منعو الضرب بالمدارس”، وهل تعتقدون أن حل المشكلة يكون بعودة الضرب للمدارس؟.