أخر الأخبارالرئيسيةتقارير

سوريون ضحايا العمل أون لاين.. سرقة فكرية ومادية

هل تعرضتم لأيّة عملية احتيال من قبل صاحب العمل عن بعد سابقاً؟

قبل عدة أشهر، تواصلت “فاديا” (اسم مستعار) 32 عاماً صحفية مستقلة، مع أحد المواقع العربية المهتمة بالشأن السوري. وأرسلت مقترحاً تم قبوله، وإرسال إيميل لطلب محاور المقترح. لتستجيب “فاديا” وترسل إليهم المحاور، وهنا توقفوا عن الرد، لتتفاجأ بمقترحها مترجماً على أرض الواقع لكن باسم أحد آخر.

سناك سوري-خاص

تدرك “فاديا” أنها تعرّضت لسرقة فكرتها، لكنها لم تبادر بتقديم أي شكوى أو سؤال الموقع، لأنها لا تدري أين تقدم شكواها من جهة. ولأن إدارة الموقع لن تستجيب لها من جهة ثانية، كما تقول لـ”سناك سوري”.

لم تكن تلك المرة الوحيدة التي تعرضت فيها الصحفية الشابة لموقف مشابه. فمطلع العام الجاري جرّبت حظها مع موقع عربي آخر، وبعد الموافقة على المقترح أرسلت المادة، ليتم الطلب إليها تعديلها. وبمرحلة التعديل وجدت عنوان مادتها منشوراً في الموقع باسم آخر. المادة كانت تقريباً مادتها لكن جرى معالجتها بشكل موسع أكثر.

ورغم إرسالها عدة إيميلات للموقع تستوضح الأمر، إلا أنهم لم يردوا، ولم تستطع التصرف بقوة أو فضحهم. خوفاً منها على أجر 3 مواد كانت أرسلتها للموقع ولم تقبضه بعد. وبالتالي تعرضت فاديا لسرقة ملكية فكرية من قبل المشرف، إضافة إلى سرقة مادية لأنها خسرت أجر مادة كتبتها وتعبت في إعدادها.

لم تفكر الشابة بخيار توقيع عقد مشترك، استناداً إلى تجارب المحيطين بها والذين لم يبرموا أي عقود. كما قالت وأضافت أن العقود تبرم عادة مع الصحفيين الدائمين، وليس مع المتعاونين وفق مبدأ الاستكتاب، فهي لم تكن تريد العمل كمراسلة إنما كمساهمة.

وعلى الرغم من أنها غير ملزمة نتيجة اختلاف القوانين بين البلدان وعدم القدرة على الملاحقة القانونية أحياناً خارج حدود سوريا. إلا أن توقيع العقود واحد من أهم شروط العمل عن بعد، والذي قد يضمن الحقوق ولو بالحد الأدنى إذا كانت الشركة معروفة وتخاف على سمعتها.

شابة تعمل بالتسويق الإلكتروني – سناك سوري

لا يوجد قانون واضح لحماية الصحفيين المستقلين، وحالهم كحال كل العاملين بنظام العمل عن بعد. الذين غالباً ما يعملون لشركات ومواقع خارج البلاد لا تصلها القوانين. وهو ما يتطلب عقد معاهدات أو اتفاقيات مع البلدان الأخرى لتنظيم العمل عن بعد.

الكثير من السوريين العاملين عن بعد مع شركات ومواقع عربية تعرضوا للاحتيال، ومعظم شواهد المادة رفضوا الكشف عن أسمائهم الكاملة. مخافة توقف الشركات والمواقع عن التعامل معهم. فلا قوانين تحميهم و”أصحاب العمل” “مابدن شوشرة” وقد يبتعدون عن الأشخاص الذين تبرز أسماؤهم كمشتكين واضحين.

تسلية تنتهي بخسارة ثمن الباقة!

قبل يومين، قالت سلاف 28 عاماً، إنها أعدت لوغو لصالح عميلة تعرّفت إليها عبر صفحات الفيسبوك الخاصة بربط صاحب العمل بالعامل. وبقيت أسبوعاً كاملاً تتطلب إليها تعديلات، قبل أن تحظرها نهائياً، ما كلفها ثمن باقة إنترنت هذا عدا عن تعبها.

قد يكون الأمر طلب تعديلات معينة لم تفهمها سلاف، التي تؤكد أنها نفذت كل المطلوب منها. إلا أن التعامل بطريقة الحظر بعد أسبوع عمل كامل يعتبر مجحفاً. وينبغي أن يكون هناك اتفاق مبدئي يتضمن تعويضاً بقدر معين من المال بحال لم ينجح العمل مثلاً.

لا يتوقف “محمد” 32 عاماً، عن التساؤل حول كيف يمكنه العمل بالترجمة عن بعد ويضمن الحصول على أجره. مشيراً لـ”سناك سوري” أنه لا يريد تكرار تجربة العذاب لمدة طويلة وفي الأخير يكتشف أن العمل عبارة عن “نصب”. مستذكراً تجربة مرّ بها حيث اشتغل المشروع بالكامل ونسقه، وحين جاء وقت الدفع طلب إليه صاحب العمل إرسال 100 دولار لربط الحساب البنكي بحساب الشركة. فأدرك أنه تعرض لعملية احتيال كبيرة خسر فيها وقتاً طويلاً وجهداً أطول ذهب سدىً.

“محمد” لا يجد أي أجوبة على سؤاله، فالعمل بالنسبة له “ضربة حظ”، وغالباً ما يلجأ للتأكد من اسم الشركة وسمعتها قبل البدء.

أعدت سلاف لوغو لصالح عميلة تعرّفت إليها عبر صفحات الفيسبوك الخاصة بربط صاحب العمل بالعامل. وبقيت أسبوعاً كاملاً تتطلب إليها تعديلات، قبل أن تحظرها نهائياً، ما كلفها ثمن باقة إنترنت هذا عدا عن تعبها.

طرق نصب متعددة!

لا تقتصر عمليات النصب على أصحاب العمل أنفسهم، إنما أحياناً تكون من قبل الشخص المعني بتحويل الأجر. خصوصاً مع الصعوبات الكثيرة بمجال تحويل الأموال من خارج سوريا حالياً، وعدم قدرة إرسالها بطريقة آمنة من بعض البلدان.

تشرح ابتسام المقيمة في سوريا وهي مُدرسة تعمل بالتدريس أونلاين في السعودية، كيف أنها أوقفت العمل لأن الشخص الذي تتعامل معه لتحويل مستحقاتها نصب عليها ولم يرسل لها تعويضاتها منذ 4 أشهر تقريباً. فكل شهر يخبرها أنه سيرسلهم بنهاية الشهر وأنه “عم يجمعلها ياهن”!

تحاول “ابتسام” اليوم العثور على شركة تحويل موثوقة لضمان حصولها على حقوقها المادية من ذوي الطلاب، من دون وجود وسيط.

التشريعات والقوانين لا تستطيع تغطية مثل تلك الحالات غير التقليدية لسوق العمل السوري الخبير الاقتصادي عابد فضلية

أما “مروان” قال إنه عمل موقع خدمات سيرفرات واستضافات لشخص رفض أن يدفع له. وأضاف أنه اكتشف بأن الموقع يعود لشركة “محترمة” والشخص الذي احتال عليه تبيّن أنه قال للشركة بأنه مبرمج ثم طلب من مبرمج آخر هو “مروان” العمل عليه ونسب الجهد له، ثم قبض ثمن الموقع وقام بحظر الشركة ومروان اخذ النقود واختفى.

موضوع شائك

من الصعب ضمان حقوق العاملين عن بعد مع شركات خارج البلاد، لكن يمكن لهم التأكد من اسم وسمعة الشركة قبل الخوض في العمل. كما أنه من المفيد سؤال موظفين سابقين بالشركة أو الوصول إليهم من خلال صفحاتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

يصف المحامي “كمال سلمان” الموضوع بالشائك، ويقول لـ”سناك سوري”، إن العاملين عن بعد يواجهون العديد من المخاطر. مثل الدخل غير المستقر، وعدم القدرة على المطالبة بحقوقهم لدى صاحب العمل الذي يمكن أن يكون شخصاً افتراضياً لا يعلمون حتى اسمه الحقيقي أحياناً.

وأضاف “سلمان”، أن حقوق هذه الشريحة من العمال شبه معدومة بالقانون، لأنه لا يوجد حقوق أو عقد، وحتى إن وجد يكون عقداً إلكترونياً خارجياً وتنفيذه صعب ومكلف كثيراً، إلا إن كان بمبالغ مالية كبيرة جداً، وهي بعيدة عن العاملين بمجال العمل الحر عن بعد.

حقوق هذه الشريحة من العمال شبه معدومة بالقانون، لأنه لا يوجد حقوق أو عقد، وحتى إن وجد يكون عقداً إلكترونياً خارجياً وتنفيذه صعب ومكلف كثيراً. المحامي كمال سلمان

عدم قدرة العاملين عن بعد على ضمان حقوقهم لدى صاحب العمل، قد لا يكون أقسى شيء يواجهونه، ومع صعوبات التحويل إلى سوريا. برزت العديد من شركات التحويل غير الشرعية التي يلجأ إليها أصحاب العمل، وبحسب المحامي “سلمان”. إن أُلقي القبض على صاحب أحد تلك الشركات واعترف بأسماء الأشخاص الذين حوّل لهم نقوداً، قد يتعرضون للمساءلة القانونية.

وأكد المحامي أنه عمل يعتمد على المخاطرة، من دون أي ضوابط، ولا يوجد في القانون السوري ما يشير إليه بوضوح.

وتشكّل سوريا حالياً سوقاً كبيراً للعمل الحر الذي بات أحد أهم مصادر الدخل للشباب السوري. وسط الحاجة الحقيقية لتنظيمه وإعداد قوانين تحمي حقوق العاملين فيه وحقوق الملكية. دون أن يقتصر الأمر على فرض الضرائب عليهم!

 

زر الذهاب إلى الأعلى