الرئيسيةيوميات مواطن

سبعينية ترفض المأوى وتنام في شوارع الدريكيش… من هي؟

تراقب المارة وتحفظ وجوههم وتستمع لقصصهم علّ ذلك ينسيها وجعها..

سناك سوري – عمرو مجدح

في الدريكيش المدينة التي تسحرك بطبيعتها ومناظرها الخلابة وتجعلك تظن لوهلة أنك معلق بين الجبل والبحر ويراودك شعور أنك في الجنة تستوقفك تلك السيدة التي تجاوزت العقد السابع من العمر بتجاعيد وجهها وشعرها الأبيض غير المرتب وقامتها الممتلئة وهي تفترش الأرض أمام الكورنيش.

تحتضن تلك الأكياس الكثيرة حولها وكأن بها كنز ما أو بقايا ذكريات وشخوص وصور لزمن قريب ولعائلة بعيدة وبيت كانت تسكن فيه قبل غدر الزمان الذي جعلها تنام وسط المارة وترفض أي مساعدة لإيجاد مأوى وقد تنال ضربة بعصاها اذا مافكرت بالاقتراب منها !.

لا يعرف أهالي المدينة من هي ولا قصتها الحقيقية فهناك الكثير من الأقاويل والإشاعات عنها من يقول أنها نازحة فقدت عائلتها في الحرب وآخر يعتقد أنها أم لشهيد أصابها الجنون بعد فقدان ابنها ومن يجزم أنها أم لابن عاق تركها والتهى بحياته لكنها في النهاية امرأة فقدت الأمان، عندما اختفت لأيام عن الأنظار قال البعض أن ابنها وقع على تعهد أن يأخذها من الشارع لكنها مالبثت إلا أن عادت.

اقرأ أيضا: طفلة الشعلة في دمشق: أمي ميتة وأبي بالسجن

يخبرنا “يامن يونس” أحد أبناء المنطقة أنه اعتاد على مشاهدتها منذ شهور ويظن أنها مريضة ووضعها العقلي والنفسي غير سليم خاصة وهي تنهال بسيل من المسبات والشتائم على من يقوم بتقديم المساعدة لكن في تلك الليلة التي أمطرت فيها السماء على المدينة كما لما تمطر من قبل وقفت السيدة تحت المطر في مشهد يتجاوز كل مبدعي السينما وبدأت بإطلاق صرخات بطريقة موجعة مادفع “يامن” للبحث عن طريقة سريعة لإنقاذها وإخراجها من الشارع وإيجاد مأوى لها فكونها  عصبية ومريضة أو معتلة نفسيا  ليس مبرراً ولا إنسانياً أن تترك في الطرقات معرضة للخطر.

كان أول مافكر فيه الاتصال بالشرطة لكن أحدا لم يجيب وتكررت اتصالاته لتتجاوز العشرين اتصال بلا رد فبدأ بالبحث عن حلول فكان خياره الأخير الاتصال بالإسعاف الذين قدموا بالفعل إلى المكان لكنها صدتهم بعنف ورفضت التجاوب والذهاب معهم ورحلوا وتركوها وأكياسها تحت المطر.

مازالت السيدة المجهولة تنام في الطريق ومازال أهالي المنطقة يبحثون عن طريقة ما لمساعدتها فيقدمون لها الطعام والشراب لكنها ترفض المغادرة وتتنقل بين الشوارع وكأنها أصبحت بيتها وأمانها وهي جالسة في زاويتها تلك تنظر للبيوت وتراقب المارة وتحفظ وجوههم وتستمع لقصصهم عل ذلك ينسيها وجعها الذي تفجر مرة تحت المطر.

بالتأكيد ليست أول من يسكن الشارع هي واحدة من ألاف الحكايا ففي كل منطقة هناك أناس يعيشون على هامش الحياة ينامون على الأرصفة ويأكلون من الحاويات ويعيشون كالأموات بعد موت عدة أشياء فيهم ويبرر البعض كل ذلك ويلقي باللوم فقط على شماعة الحرب التي أظهرت أسوأ مافينا.

اقرأ أيضاً: رومنسية سيدة سورية.. هذا ما أحلم به!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى