الرئيسيةشخصيات سورية

رحيل حيدر حيدر الذي قال: اسقط في حفرتك الضيقة ولا تتأوّه

حيدر حيدر ابن الطبيعة الذي لم يستطع سوى العودة للريف

رحل الأديب والروائي السوري “حيدر حيدر”، عن عمر يناهز 87 عاماً، صباح أمس الجمعة. تاركاً خلفه إرثاً ثقافياً ضخماً يتغنى به كل من عرفه.

سناك سوري _ دمشق

ودّع “حيدر” ابن قرية “حصين البحر” في مدينة “طرطوس” أحباءه ممن اختار الاكتفاء بهم من حوله في سنواته الأخيرة. فلم تتمكن أسفاره ومغريات المدن من ردعه للعودة إلى البيئة الريفية التي ألِفها.

«الطبيعة هي أُمّي، وانتمائي لها يعود ربما إلى نشأتي الريفية، إلى الأرض التي خبرتُ شِعابها، والبحر الذي آنستُ كائناته وغضب أمواجه. الطبيعة جزء من حياتي مثلها مثل الكتابة والقراءة. فمثلما لا أستطيع النوم قبل ساعتين من القراءة، أيضاً لا أستطيع العيش من دون صيد». هكذا قال الراحل لـ”انديبندنت عربية” في لقاء سابق.

اقرأ أيضاً:“أديب البحر” يغير عنوانه… الراية الشيوعية في وداع “حنا مينة”

خرج “حيدر” من قريته مبكراً، لتبدأ مساعيه في تحويل أفكاره لكلمات لم يكن للقارئ نسيانها. من “طرطوس” إلى “حلب” ومن ثم “دمشق” و”بيروت”. ليصل بطموحه إلى “الجزائر”، “قبرص” و”باريس”.

في عام 1968 صدر للراحل مجموعته القصصية الأولى “حكايا النورس المهاجر”، وليكون حاضراً فعلياً في تأسيس اتحاد الكتّاب العرب. وكان واحداً من الفعّالين في حملة التعريب في دولة “الجزائر” خلال سبعينيات القرن الفائت.

اقرأ أيضاً:من حقيقة فهد سيغاتا إلى أسطورة عاصي الزند .. لماذا قد يهان الإنسان؟

انخرط “حيدر حيدر” بالمناخ الثقافي لأقصى حدوده، وبدأ يجسد تجاربه عبر رواياته وأعماله القصصية ومنها: “الزمن الموحش”، “التموجات”، “وليمة لأعشاب البحر”. “فصل الختام”، “غسق الآلهة”، “شموس الغجر”، “مرايا النار” وغيرها. وتُرجمت أعماله إلى اللغات الألمانية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية.

صاحب رواية “الفهد” لم تتمتع مفرداتها بالصبر الكافي لتبقى أسيرة ضمن صفحاته، وتم تحويلها إلى فيلم سينمائي. للمخرج الراحل “نبيل المالح”. وحاز العديد من الجوائز، من بينها جائزة مهرجان “بوزان” الدولي للسينما في كوريا الجنوبية. وجائزة تقديرية من مهرجان “لوكارنو” السينمائي 1972.

اقرأ أيضاً:الطائر الحر يودع مراياه … وفاة الشاعر السوري فايز خضور

لم يكن فراقه هيناً على محبيه، وضجت صفحات المهتمين بالشأن الأدبي والثقافي بالكثير من عبارات الأسى على فراقه وفداحة خسارته. و أعلن ابنه “مجد” عن وفاته بعبارة «الفهد غادرنا إلى ملكوته».

ونعاه زميله الكاتب “حسن يوسف” مستذكراً لقاءهما الأخير عند وداع الشاعر “عادل محمود” في شهر “تشرين الثاني” 2022. حين اقتسما حرقة قلبيهما أمام قبره، وكتب «النورس المتمرد والفارس البهي حيدر حيدر لروحك السلام».

اقرأ أيضاً:صاحب رائعة هوى بحري.. قمر الزمان علوش رحل وفي داخله جرح

وكتب المترجم “ثائر ديب” «وداعاً، لم تكن “بغتةً قطّ “هذه الطعنات الغادرة في العشب. وداعاً،سلّم على عادل وبندر وممدوح وعلي الجندي وسعد الله و… و… بقية موتانا».

و عبّر الفنان “مصطفى الخاني” عن حزنه بالفراغ الذي يخلفه رحيل الكبار، وبدا نبأ رحيل “حيدر” صادماً على الكاتب “عصام حسن”، واكتفى بعبارة “خسارة جديدة”.

اقرأ أيضاً:الشاعر السوري عادل محمود يفارق الحياة بريئاً كسراب

«الرجل الصامت والغاضب معاً، ورواياته المتموجة بين الحب والغضب وبين العنف والحنان الإنساني. هي ليست مفاتيح لفهم المجتمع فقط، هي أسست بجرأتها لمواقفه العملية، هو ليس حجر أساسٍ في البناء الثقافي السوري فحسب وإنما أمثال حيدر حيدر هم الأساس كله». بتلك العبارات رثته الكاتبة “ريم حبيب”.

كما شارك الروائي “خليل صويلح” في رثاء “حيدر” وقال «هذه بلاد الخسارات..وداعاً». وحسب رأي الشاعر “هاني نديم”، «عاش فهداً ومات فهداً..وداعاً حيدر حيدر وعزاؤنا لسوريا والرواية ومجد وورد ومحبيه الكثر كرواياته».

اقرأ أيضاً:رحيل شوقي بغدادي.. الشاعر اللطيف لدرجة الرعب

يذكر أن الراحل من مواليد 1936 قرية “حصين البحر” في طرطوس”، وخريج معهد المعلمين التربوي في مدينة “حلب”. و انتقل بعده إلى مدينة “دمشق” ليدخل عالم الكتابة في الدوريات اليومية والشهرية.

يقول “حيدر” في روايته “الفهد”، «عابراً في الصنوبر مارا فوق جراح البشر، ثم أختم الرقصة الأخيرة. واسقط في حفرتك الضيقة ولا تتأوه، ولادتك تاريخ الدم، وموتك وطن رايته ممزقة».

اقرأ أيضاً:في غمرة النكبة.. رحيل ناظم مهنا تاركاً خلفه الأرض القديمة

زر الذهاب إلى الأعلى