أخر الأخبارالرئيسيةرأي وتحليلسناك ساخن

حراك السويداء بين المؤامرة وامتداد الثورة .. هل يشبه 2011؟

تجاهل السلطة وتبنّي المعارضة .. والحراك مستمر لليوم التاسع على التوالي

يتخوف كثيرون من حراك “السويداء” بوصفه تكرار لما حدث في آذار 2011 ويقرؤونه إما باعتباره “مؤامرة” أو “امتداداً للثورة” بل وحتى “ثورة جوعٍ لا كرامة”.

سناك سوري _ محمد العمر

يتحمّل الحراك كثيراً من الانتقاد والتعليمات والتنظيرات أكثر ممّا يَحتَمِل. والصحيح أنه لا يلتفت كثيراً إليها. فمن جهة يقول طرف إنه إعادة لسيناريو الفوضى والدم مجدداً. ومن جهة يعتبره الطرف الآخر امتداداً لما حلم به منذ 12 عاماً واستمراراً لمسيرته في ركوب غير مبرّر على ما خرج به أصحاب الاحتجاج.

على الجانب الرسمي. تجاهلت السلطة السورية ما يحدث في الجنوب في خطابها الرسمي بل إن وسائل الإعلام الرسمية لم تأتِ على ذكره رغم أنه أبرز حدثٍ في البلاد. وتركت الأمر لإعلاميين وناشطين مناصرين لها. ليردّوا على الحراك بسردية مشابهة لـ 2011 تتمركز حول أن المطالب المعيشية محقّة. لكن لا تدخلوا السياسة في الأمر. ولا تضعوا مطالب سياسية حتى أن كاتباً في صحيفة رسمياً رأى عبر صفحته الشخصية أن المطالبة بتغيير حكومي أمر غير معقول.

في المقابل. حاول معارضون تبنّي الحراك من جهة واعتباره امتداداً لهم وأنهم آباؤه الأوائل. مقابل انتقاده من آخرين اعتبروا أن أصحابه خرجوا عن جوع للمطالبة بلقمة عيش. بينما خرج محتجو آذار 2011 عن كرامة للمطالبة بالحرية وفق حديثهم. بينما لم يكن الحراك الحالي لا في هذا ولا في ذاك أو في كليهما معاً.

إذ أنه لم ينكر على 2011 مطالبها ولم يفصل بين الجوع والكرامة أيضاً. كما أنه في الوقتِ ذاته لم يضع حداً فاصلاً بين ما هو مطلَبي معيشي وبين ما هو سياسي. حيث أن السياسة تعني تفاصيل يوميّاتنا وليس فقط نظريات السلطة وسبل الحكم والقرارات الدولية وصراعات الأقاليم والأقطاب.

هجوم على رايات الحراك

من جانب آخر. فقد واجه الحراك هجوماً حتى على راياته. بين من اعتبر أن على المحتجين رفع العلم السوري لإثبات وطنيتهم. وبين من رأى أن عليهم إشهار العلم القديم المتراوح بين لقب علم “الانتداب” أو “الاستقلال” لإثبات ثوريتهم ومعارضتهم للسلطة. في وقتٍ رفع فيه المحتجون في غالبيتهم علم “الحدود الخمس” الذي يرمز لطائفة “المسلمين الموحدين الدروز” وهو أمر عرّضهم أيضاً لانتقاد ينطلق من أن حراكهم طائفي ينطلق من طائفة واحدة ومنطقة واحدة. ولا يشمل كل السوريين.

تمتلك “السويداء” خصوصية تميّزها عن بقية المدن السورية.فالمحافظة لم تشبه في مسارها خلال الأزمة السورية ما حدث في غيرها من المحافظات. لكن حالها بقي شبيهاً بحال كل المحافظات السورية فوجع البلاد واحد ومعاناتها واحدة. وآلام قرارات الحكومة رفع أسعار المحروقات آلمت غالبية السوريين.

لقد كشف حراك “السويداء” الكثير من العورات. بعد 12 عاماً من التستّر وراء تكبير الشعارات والمغالاة في الاصطفاف. وفتح باب التساؤل عن أولئك الفنانين/ات والناشطين/ات والصحفيين/ات الذين كانوا حتى الأمس القريب يظهرون على وسائل التواصل. ويكتبون ويتكلمون عن أوجاع الناس المعيشية ومطالبهم اليومية وحقوقهم بعيشٍ كريم. إلى جانبِ أولئك المعارضين الذين كانوا حتى الأمس القريب كذلك يظهِرون شماتتهم بجوع الناس وحرمانهم بسبب العقوبات الخارجية. على أنه عقاب مستحقّ لهم لأنهم يعيشون في مناطق تسيطر عليها الحكومة السورية. ثم صاروا فجأة يتبنّون حراكاً ظهر على وقعِ تلك الأسباب.

ربما تتشابه صورة “السويداء 2023” مع “درعا 2011” من حيث الشكل والشعارات. لكن الواقع يختلف بمسافة 12 عاماً. مضت تلك السنوات على وقعٍ من الموت والدمار لم تعهده البلاد في تاريخها المعاصر مطلقاً. وهذه مرحلة مختلفة لا يمكن فيها التنبؤ بما ستحدثه السويداء. لكن بالتأكيد فإن مخاوف الجميع سواء كانوا خائفين من استمرار الوضع المعيشي والاقتصادي والسياسي الحالي أو من إعادة إنتاج العنف مشروعة تماماً. ولا يمكن لأحد أن يستكتر على غيره التعبير عن غضبه أو عن خوفه. لكن الثابت الوحيد أن هذه البلاد تحتاج مخرجاً لن يكون بتخوين المؤيدين ولا المعارضين لسلطة أو حراك. بل بالتفكير معاً والعمل معاً على مخرج ينقذ البلاد من خرابها وعنفها والمؤلم 12 عاماً.

زر الذهاب إلى الأعلى