أخر الأخبارالرئيسيةرأي وتحليل

بعد 5 أسابيع على الإعلان الدستوري .. أين مجلس الشعب السوري الموعود؟

سوريا بلا سلطة تشريعية .. وقوانين نظام الأسد لا تزال تحكم البلاد

مرّت 5 أسابيع منذ إصدار الإعلان الدستوري في “سوريا” غاب خلالها الحديث عن تشكيل “مجلس الشعب” الموكل بممارسة السلطة التشريعية.

سناك سوري _ محمد العمر

ونصّ الإعلان الدستوري في مادته الرابعة والعشرين على أن “يشكّل رئيس الجمهورية لجنة عليا لاختيار أعضاء مجلس الشعب” وتشرف هذه اللجنة على تشكيل هيئات فرعية ناخبة، وتنتخب تلك الهيئات ثلثي أعضاء المجلس، فيما يعيّن رئيس الجمهورية الثلث المتبقّي لضمان التمثيل العادل والكفاءة وفق ما ورد في الإعلان الدستوري.

المركز السوري للإعلام الإعلان الدستوري
الرئيس أحمد الشرع يوقّع الإعلان الدستوري _ انترنت

لكن الإعلان لم يضع جدولاً زمنياً واضحاً لتشكيل اللجنة العليا، ولم يوضح معايير تشكيلها أولاً أو معايير تشكيل الهيئات الناخبة وعددها وكيفية الترشّح والتصويت.

قوانين النظام تحكم البلاد

وفي وقتٍ تغيب فيه السلطة التشريعية عن البلاد، منذ مؤتمر النصر في 29 كانون الثاني الماضي، حين تم الإعلان عن حلّ مجلس الشعب الذي انتخب في عهد النظام البائد، فإن الإعلان الدستوري نصّ في مادته الـ 51 على استمرار العمل بالقوانين النافذة ما لم يتم تعديلها أو إلغاؤها.

أي أن القوانين والمراسيم التي تم وضعها خلال عهد النظام السابق لا تزال سارية المفعول، ومن الممكن مقاضاة المواطن السوري اليوم في حال مخالفتها، وتكون ذريعة قانونية لمحاسبة المواطنين وكأنّ شيئاً لم يتغيّر منذ سقوط النظام.

النيل من هيبة الدولة .. تهمة مستمرة

فعلى سبيل المثال، تم استخدام المواد المذكورة في قانون العقوبات العامة والمتعلقة بـ”إضعاف الشعور القومي، والنيل من هيبة الدولة، وإثارة النعرات الطائفية” ضد الناشطة السورية “غادة الشعراني” بعد مشهد حديثها مع محافظ السويداء حول الانتهاكات التي حصلت بحق ناشطين كانوا متوجّهين من “السويداء” لحضور فعالية في “الرقة” فتعرّضوا للاعتقال والتعذيب.

علماً أن اتهامات من طراز “النيل من هيبة الدولة” و”وهن عزيمة الأمة” كان مضرب مثل في استغلال نظام “الأسد” للقوانين في قمع آراء السوريين.

الناشطة غادة الشعراني مع محافظ السويداء خلال استقبال الوفد الذي تعرض للاعتداء والاعتقال – فيسبوك

هذه الحادثة تعيد التذكير بأن قوانين صدرت في عهد النظام واشتهرت باستخدامها في قمع الحريات مثل قانون “الأحزاب” وقانون التظاهر وقانون جرائم المعلوماتية، لا تزال سارية عملياً وإن لم تستخدم بعد، لكن الأمر يظهر أهمية حضور السلطة التشريعية لتخليص السوريين من هذه النصوص ووضع قوانين تلائم المرحلة الحالية.

برلمان مبتور الصلاحيات

وعلى الرغم من الحاجة إلى حضور مجلس الشعب من الناحية التشريعية من خلال إلغاء أو تعديل قوانين سابقة أو إقرار قوانين جديدة، إلا أن الإعلان الدستوري منع عنه وظيفته الأساسية الثانية المتمثّلة بالرقابة على أعمال الحكومة، حيث نصّت المادة 30 من الإعلان والمتعلقة بمهام مجلس الشعب أنه يحقّ له عقد جلسات استماع للوزراء، أي أنّ أقصى ما يمكنه فعله يختصر بـ”الاستماع” دون حقّ في المساءلة أو المحاسبة أو حجب الثقة عن وزير أو عن كامل الحكومة كما يفترض أن يكون حتى في الأنظمة الرئاسية.

المؤسسة البرلمانية في نهاية المطاف تعتبر أداة تمثيلية للشارع، وتشكيلها في حالات استثنائية كالتي تمرّ بها “سوريا” يشكّل فرصة لتمثيل مختلف أطياف المجتمع والتعبير عن الانفتاح على الجميع، كما أن إعادة صلاحياتها الرقابية على أعمال الحكومة يمنح الشارع شعوراً بالمشاركة في الرقابة وصنع القرار وإدارة البلاد، فضلاً عن ضرورة الحضور الفاعل للبرلمان لتكتمل صورة المؤسسات الدستورية في البلاد لإنجاح مسار المرحلة الانتقالية بمختلف جوانبها بما فيها الجانب التشريعي وما يحمله من قوانين ضرورية للمرحلة.

زر الذهاب إلى الأعلى