الرئيسيةسوريا الجميلة

انغريد وطفة.. مُدرّسة لغة فرنسية عملت بورش الدهان ورعاية الأغنام

انغريد وطفة: يمكن لأي فتاة أن تكون أنثى جميلة وعاملة وصاحبة قرار

لم تلبِّ الأعمال المكتبية حاجة “انغريد وطفة” في بداية حياتها العملية، فلم توفر لها تلك الأعمال لا الحرية ولا الدخل المناسب. فتوجهت إلى ورشات الدهان والبناء وأعمال السيرك ورعاية الأغنام إلى جانب تدريس اللغة الفرنسية.

سناك سوري – ناديا المير محمود

“وطفة” خريجة  قسم اللغة الفرنسية من جامعة “دمشق”، اختارت في سن الـ 17، الاستقلال عن عائلتها في مدينتها “مصياف”. والتوجه إلى العاصمة للبدء بالعمل والدراسة معاً. كما قالت لـ”سناك سوري”.

لتبدأ في عام 1996 رحلتها العملية، بدعم نفسي من والدها، والذي تعتبره “وطفة” الداعم الأول لها، حيث منحها كامل الحرية. في اختياراتها، مع ثقته بأنها ستتمكن من خوض تلك التجارب، الأمر الذي شكل مسؤولية جديدة عليها.

 

اقرأ أيضاً:أريج الحلاق.. المختصة بالعلاج الفيزيائي طورت موهبة الأعمال اليدوية

فكانت مكاتب السياحة والاستيراد والتصدير، والبولمانات، هي جولة “وطفة” الأولى عام 1997، إضافة لعملها كمندوبة شركة ساعات دولية. وفي مكتب للدعاية والإعلان.

إلا أن سعيها للحركة والأفق الأوسع، دفع بـ”وطفة” للانضمام لكادر عمل إحدى شركات التنظيف، بعمل ميداني يشمل تنظيف السيارات بالشوارع. إضافة للفنادق الضخمة والمطاعم والشركات.

وتمكنت في تلك المرحلة من التأثير على زميلاتها في السكن الجامعي، اللواتي أحببنَ تجربتها وبدأن بالعمل ذاته معها. مع الدراسة الجامعية، كظاهرة غريبة في ذاك الوقت كما ذكرت “وطفة”، وتعرضهنّ للكثير من التعجب ممن حولهن أن هذا العمل ليس مناسباً لهنّ.

اقرأ أيضاً:سفيرة قيادة المرأة للدراجة النارية في الريف السوري وكسر الأعمال النمطية

لم تتح الظروف المادية لـ”وطفة” دخول كلية الفنون الجميلة، فاختارت “الفرنسي”، إلا أن موهبتها مازالت موجودة، وتمكنت خلال عملها. في العزل الحراري والمائي، من التعرف على صاحب أحد المطاعم على طريق المطار، لتقوم بالرسم على حيطان الغرفة المخصصة للأطفال فيه.

وإثر ذلك تابعت “انغريد وطفة” حديثها لسناك سوري، عن فكرتها بأن تحول تلك الموهبة لمصدر دخل، ولكن عن طريق “الدهان”. وهذا ماحصل فقد عملت بعدة ورشات في “دمشق” وريفها. مع عمل إضافي وهو تربية الأطفال في منزلها وتعليمهم. ورعاية كبار السن في تلك المرحلة. ومغادرتها إلى “لبنان” بعدها للعمل بورشة لصناعة الأحذية.

إلا أن جاءت فرصة العمل الأفضل بالنسبة لها وهي “السيرك”، فقد قضت فيه “وطفة” سنوات طويلة، مابين توزيع إعلاناته في الشوارع. ورعاية الحيوانات فيه، مع تقديم العروض وشرح فقراته.

اقرأ أيضاً:رئيسة عبد الله.. أول طبيبة وأول امرأة تقود سيارة خاصة في مصياف
العودة إلى مدينتها:

عادت “وطفة” في عام 2004 إلى “مصياف”، وبدأت مزاولة مهنتها الأساسية وهي التدريس في مدارس المدينة. مثل ثانوية “ابي ذر” و”ابراهيم زينب”. والأرياف مثل “الشيحا”، “نيصاف”، “دير صليب” و”بعرين”. مع أعمال أخرى كتأجير الفساتين. وفتح بسطة لبيع الاكسسوار في سوق المدينة.

لتستقر بعدها في قرية “حوير التركمان” القريبة من “مصياف”، لتدرّس في مدرستها، والبدء بنشاط جديد وهو رعاية الأغنام. وتحدثت “وطفة” لسناك سوري، عن تلك التجربة التي استمرت لمدة عام تقريباً، كأشدهنّ تأثيراً عليها بما فيها من تعب ومواجهة للمحيط. إلا أنها تمكنت حسب قولها من إقناع الجميع بها، بل وباتوا يذهبون معها للرعي، وبدأت بالـتأثير بسيدات تلك القرية، من خلال الحديث معهن حول أهمية عمل المرأة وإمكانياتها الرهيبة. مع تركيزها على أهمية التحصيل العلمي الذي لا يجب أن يمنعها من أي عمل تجد نفسها به.

اقرأ ايضاً:المُعلمة زينة المير… حملت طالبتها بيد وحاكت فُستان الأخرى بالثانية

ولم تغفل “وطفة” عن المشاركة بالأعمال التطوعية في “مصياف”، من تنظيف للشوارع، وغرس الأشجار، وفتح مطبخ يقدم الوجبات للمحتاجين مجاناً. مع مشروع “فيد واستفيد” القائم على الأعمال اليدوية، لتأمين فرص العمل.

إلى أن قررت “وطفة” السفر وتوجهت إلى “إيران”، ضمن بلد لا تعلم عنه شيئاً، لتباشر العمل كمدرّسة في إحدى مدارس الجاليات العربية، لمواد اللغة العربية والعلوم واللغتين الانكليزية والفرنسية، إضافة لعملها الحالي في مشغل خاص لصناعة الذهب.

لا ترى “انغريد وطفة” أن حياتها كانت سهلة، ولكن هدفها الأساسي هو تحقيق العدالة التي تطمح لها تجاه المرأة. فبرأيها يمكن لأي فتاة أن تكون أنثى جميلة وعاملة وصاحبة قرار. ولم تتمكن الضغوطات التي تعرضت لها من الناس ورأيهم الرافض لما تقوم به من ثنيها عن إثبات ذاتها، وتربية ابنها “صديق” بالطريقة التي ترغب بها.

وتشكل “وطفة” نموذجاً ملهما لكل النساء، اللواتي يحاولنَ النهوض من تحت الصورة النمطية للمرأة وعملها اليوم.

اقرأ أيضاً:قهوة أريج.. مشروع صغير كسر نمطية التفكير

زر الذهاب إلى الأعلى