الرئيسيةتقارير

الهجري والشيباني: هل يفتح الحوار طريق الخروج من الأزمة؟

بين مطالب الحماية الدولية وتحذيرات التدخل الخارجي... أصوات مدنية تطالب بوقف العنف وتفعيل الاتفاقات المحلية وتعزيز السلم الأهلي

في واحدة من أكثر اللحظات حساسية في المشهد السوري الراهن، صدرت خلال الساعات الماضية مواقف متباينة من شخصيتين بارزتين في الحياة السياسية والدينية، أضاءت على عمق التوتر القائم وأعادت طرح الأسئلة الجوهرية حول شكل الدولة ودور المجتمع الدولي في حماية المدنيين.

سناك سوري-دمشق

ففي الوقت الذي وجّه فيه شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، “حكمت الهجري”، نداء صريحا للمجتمع الدولي للتدخل وحماية المدنيين مما وصفه بـ”القتل الجماعي” في السويداء، ردّ وزير الخارجية السوري، “أسعد الشيباني”، بتحذير شديد اللهجة من مخاطر أي دعوة للتدخل الخارجي، مؤكدًا أن الطريق إلى الاستقرار يمر بالحوار الوطني ووحدة البلاد.

وأعرب “الهجري” في بيان عن فقدان الثقة بالحكومة السورية، قائلاً: «لم نعد نثق بهيئة تدّعي أنها حكومة، لأن الحكومة لا تقتل شعبها بواسطة عصاباتها التكفيرية التي تنتمي لها، فالحكومة تحمي شعبها وحين تقوم بواجبها يتجه الشعب إليها».

وأكد الهجري أن طلب الحماية الدولية حق مشروع لشعب “قضت عليه المجازر”، على حدّ وصفه، متسائلاً عن جدوى استمرار المجتمع الدولي في تجاهل ما يجري، وأضاف: «نطلب من المجتمع الدولي بكافة هيئاته ومنظماته ومؤسساته ألّا يستمر في هذا التجاهل، فهذا القتل الجماعي واضح ومكشوف وموثّق ولا يحتاج للجان كالتي تم تشكيلها بالنسبة للجرائم التي ارتكبت في الساحل».

وختم بيانه: «يلزم وبشكل فوري أن تتدخل القوات الدولية لحفظ السلم، ولمنع استمرار هذه الجرائم، ونطلق هذا النداء لحماية شعب بريء أعزل، ونحن غير مرتاحين لما حصل في الساحل من إبادة لم تنل حقها من المجتمع الدولي والعدالة الدولية».

الشيباني: وحدة سوريا خط أحمر والتدخل الخارجي بوابة الفوضى

في المقابل، شدد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، على أن الوحدة الوطنية هي الركيزة الأساسية لأي مشروع استقرار أو نهوض في سوريا، محذراً من خطورة الدعوات التي تستجلب التدخل الخارجي.

وقال في تغريدات نشرها عبر منصة “إكس”: «أي دعوة للتدخل الخارجي، تحت أي ذريعة أو شعار، لن تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والانقسام».

المسافة بين الطرفين يمكن ردمها إذا ما تم التوجه نحو حوار وطني مسؤول، لا يقصي أحداً، ويستند إلى مبادئ المواطنة، والعدالة، والمشاركة في صناعة القرار والسلطة

وأكد أن نبذ الطائفية والفتنة ودعوات الانفصال ليس خياراً سياسياً، بل ضرورة وطنية للحفاظ على التنوع التاريخي والاجتماعي في البلاد، مشيراً إلى تجارب دولية تثبت أن التدخلات الخارجية نادراً ما جاءت لخدمة الشعوب.

وتابع الشيباني: «من يدعو إلى مثل هذا التدخل يتحمّل مسؤولية تاريخية وأخلاقية وسياسية أمام السوريين والتاريخ، لأن نتائج هذه الدعوات لا تنتهي عند حدود الخراب الآني، بل تمتدّ لعقود من التفكك والضعف والانقسام».

وختم بالقول إن الحكومة السورية ترى أن الطريق إلى الاستقرار يمر عبر الحوار والتشارك الفعلي بين جميع مكونات الشعب السوري، تحت سقف السيادة الكاملة، مضيفاً: «لا يمكن لأي قوة خارجية أن تبني دولة قوية دون إرادة شعبية وطنية حقيقية».

المجتمع المدني: الحل بالحوار لا بالتصعيد

وسط هذا التباين الحاد في الخطاب، برزت مواقف من نشطاء ومجموعات مدنية تؤكد أن ما تعيشه سوريا لا يحتمل مزيداً من التصعيد أو التجاذبات، وأن الخلاص لا يمكن أن يأتي إلا من الداخل، عبر حوار وطني جامع يستند إلى مبدأ المواطنة والمشاركة المتوازنة في السلطة.

ورأت الناشطة المدنية “أليس مفرج”، أن هناك ثلاث مسارات عاجلة يجب التحرك ضمنها لمنع انزلاق البلاد نحو اقتتال أهلي، وهي أولاً، «وقف التصعيد فوراً، ويتضمن ذلك إيقاف الهجمات على السويداء، والحد من الانتهاكات بحق المدنيين في صحنايا وجرمانا، وتجريم الخطاب التحريضي، مع التأكيد على أن المحاسبة يجب أن تكون عادلة وغير انتقائية، وعلى الإعلام الرسمي أن يؤدي دورا موحِّدا بعيدا عن التسييس وتزييف الوقائع».

كذلك «تفعيل الاتفاق الأمني السابق، لا سيما الاتفاق القاضي بأن تكون تشكيلات الشرطة والأمن المحلي ذات طابع محلي وقيادة مختلطة، بما يعزز الثقة بين السكان والمؤسسات ويؤسس لشفافية ومساءلة فعالة».

وأخيراً يجب «تحجيم الخطاب المتطرف».

ورغم تباين الخطابات بين الشيخ “حكمت الهجري” والوزير “أسعد الشيباني”، إلا أن المسافة بين الطرفين يمكن ردمها إذا ما تم التوجه نحو حوار وطني مسؤول، لا يقصي أحداً، ويستند إلى مبادئ المواطنة، والعدالة، والمشاركة في صناعة القرار والسلطة.

زر الذهاب إلى الأعلى