أخر الأخبارالرئيسيةشباب ومجتمع

الشباب والتعافي المبكر رؤية حالمة لواقع محفّز على الهجرة

ناشطون يدعون لدعم دور الشباب حكومياً وتقديمهم في صدارة أولويات التمويل الدولي

ينظر غالبية الشباب في سوريا بشكل سلبي للواقع الذين يعيشون فيه وقدرتهم على تغييره نحو الأفضل. وحتى الناشطين/ات والفاعلين/ات بالشأن العام ليسوا متفائلين بالواقع الذي يجدونه محفزاً على الهجرة ويحلمون بدور فاعل ومساحة في الشأن العام والاستحقاقات الكبرى كالحل السياسي وإعادة الإعمار والتعافي المبكر.

سناك سوري _ نور سليمان

يعتبر الشباب محرك التغيير والتطوير في المجتمعات، وفي بلاد مثل “سوريا” تعيش حرباً عمرها 13 عاماً تقريباً .فإن دورهم جوهري في إنهاء الصراع وبدء مرحلة جديدة. كما أن الجيل الشاب يعد المحرك الأساسي لعملية التعافي المبكر في المجتمعات التي خاضت حروباً ومعاناةً تشبه ما مرّت به “سوريا”. على أنهم قادة المستقبل وحاملي لواء القادم من الأيام.

الفاعلية تبدأ من الدور السياسي

بالعموم يهتم الشباب في سوريا بالشأن العام وبالواقع السياسي لكنهم لا يمارسون دوراً سياسياً فاعلاً في المسارات والقنوات السياسية.

يقول عضو المكتب السياسي في حزب الشباب للبناء والتغيير “جعفر مشهدية” لسناك سوري، أنّ الانخراط بشكل واسع في الشأن العام والمشاركة الفعالة في عمل النقابات والأحزاب السياسية ضمان لإيصال الصوت الشبابي على كافة الأصعدة وتحقيق تنمية برؤى شبابية تتسق مع الواقع وتساهم في تعافي البلاد وازدهارها.

ويدعو “مشهدية” إلى إيلاء قضايا الشباب أهمية كبرى وخلق مجال فعال وحيوي لدعم طاقاتهم والاستفادة منها وتوجيهها لخدمة البلاد. لافتاً إلى ضرورة إيجاد “كوتا” شبابية ضمن هيكلية كل حزب ودعم ترشح الشباب للانتخابات سواءً التشريعية أو الإدارة المحلية ومنحهم مساحة لإبداء آرائهم في القرارات.

أي عملية تعافي لن تبدأ دون الشباب السوري لأنهم عماد المرحلة ورافعتها. والتعافي يعني الانتقال من مرحلة الإغاثة إلى مرحلة منح مساعدات أكثر استدامة إضافة إلى أن النزيف الذي يحدث اليوم سواء من هجرة أو موت أو التورط بأعمال العنف، أو الوضع الاقتصادي الهشّ كلّه قائم على الشباب. الناشطة حنين أحمد

أين الشباب من التعافي المبكر؟

يعد مصطلح التعافي المبكر من أكثر المصطلحات تداولاً في الملف السوري حالياً ويكاد لا يغيب عن مؤتمر أو منصة أو تصريح له علاقة بسوريا. وتقول الناشطة “ريمة سواح” لسناك سوري، أن التعافي المبكر هو الخطوة الأولى للانتقال من الاستجابة الإنسانية المؤقتة لاستجابة أكثر استدامة، وليس له علاقة بإعادة الإعمار بأي شكل من الأشكال.

وتضيف “سواح” أن حضور الشباب أساسي في منهجية التعافي بأفكارهم ومبادراتهم ومقترحاتهم.

أما الباحث السياسي “خالد سرحان” فرأى أن دور الشباب السوري في التعافي المبكر في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة. بات هامشياً وثانوياً للغاية، لأن تحقيق التعافي ليس مرتبطاً بالشباب أو النساء أو بالسوريين أنفسهم بل بنية النظام الدولي فهي المحدد الأساسي للتعافي وهي من ستحدد مستقبل سوريا سياسياً واقتصادياً وديموغرافياً وفق حديثه لسناك سوري.

الأمر الذي خالفته فيه عضو المجلس الاستشاري النسائي السوري “حنين أحمد” حيث قالت لسناك سوري أن أي عملية تعافي لن تبدأ دون الشباب السوري لأنهم عماد المرحلة ورافعتها. مشيرة إلى أن التعافي يعني الانتقال من مرحلة الإغاثة إلى مرحلة منح مساعدات أكثر استدامة.

وأضافت أن النزيف الذي يحدث اليوم سواء من هجرة أو موت أو التورط بأعمال العنف، أو الوضع الاقتصادي الهشّ كلّه قائم على الشباب.

تمكين لا تغييب الشباب للمشاركة الفعّالة

العامل الأهم في بناء استراتيجية الخروج من الصراع وإعادة الإعمار والتعافي المبكر بحسب “ريمة السواح” هو إشراك المجتمع المحلي. حيث يأتي دور الشباب في التنظيم والتخطيط والتنفيذ.

لافتةً إلى أن المنظمات والمانحين لا يأخذون برأي المجتمع المحلي رغم حديثهم عن إشراكه . وقالت أن من الضروري أن يضغط جيل الشباب لأخذ دوره وفرض نظرته على الجهات المانحة لتنفيذ مشاريع مبنية على ما هو الأفضل لسوريا والسوريين.

على الحكومة السورية سنّ قوانين تسهّل العمل الإنساني والمدني. والتنسيق مع المنظمات الفاعلة على الأرض وتقديم الضمانات والتسهيلات لأداء الخدمة بشكل صحيح. الناشطة ريمة السواح

وإذا ما نظرنا للتعافي المبكر كعينة من أدوار متعددة بالوقت الراهن فإن مشاركة الشباب في عمليات التعافي من الأزمات والكوارث تعد أمرًا حيويًا لضمان نجاح هذه العمليات وتحقيق التنمية المستدامة.

لذلك يحتاج الشباب للتمكين والتحفيز للمشاركة من خلال اتخاذ إجراءات ملموسة ووضع سياسات وبرامج تشجيعية تحفزهم على المشاركة وتعزز دورهم في عمليات التعافي.

كما يحتاج الأمر لوجود استراتيجيات واضحة لدمج الشباب في صنع القرار وتمثيلهم في الهياكل الرسمية، وتعزيز دورهم كشركاء في عمليات التعافي وبناء مجتمعات أكثر قوة واستدامة.

الحاجة إلى قادة جدد

يمثل التغيير صيرورة ضرورية للمجتمع ويُعد الشباب أحد أبرز أدواته وفي حالة سوريا المستعصية فإننا بحاجة لقادة جدد على الصعيد المجتمعي والسياسي والاقتصادي والثقافي والمدني..إلخ. وهذا يتطلب إجراءات دعم واستراتيجيات إشراك وتحفيز.

يقول “جعفر مشهدية” لسناك سوري، أنه يجب دعم الشباب عبر تحسين فرص العمل والنمو الاقتصادي ودعمهم في مجالات التعليم والبحث العلمي والابتكار والتكنولوجيا والتدريب المهني، إضافة إلى إيلاء اهتمام كبير بالجانب الثقافي وجانب الصحة النفسية والرياضة.

يمكن للحكومة والمنظمات الدولية دعم دور الشباب في تعافي سوريا، عبر تبني سياسات وممارسات تخدم مصلحة الشباب ودعم مساهمتهم الفعالة في بناء مجتمع متوازن. وتشجعيهم لأخذ دور أكثر فاعلية في المجتمع وإشراكهم في القرارات السياسية والاجتماعية عضو حزب الشباب للبناء والتغيير جعفر مشهدية

 

أما “حنين أحمد” فدعت إلى استمرار البرامج التي تتعلق بتمكين الشباب اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً. وقالت أن “سوريا” بحاجة قادة جدد، وتفكير اقتصادي جديد. وبحاجة شباب متمكن تكنولوجياً لمواكبة التطور، والأمر الأساسي لتحفيزهم هو أن يكون هناك أفق حقيقي لهذه العملية، وتوافق حقيقي ومسار واضح وليس متاجرة أو ضبابية وفق حديثها.

وتابعت الناشطة السورية أن الشباب يعاني من اليأس وباتت هجرته مبنية على يأسه من التغيير والهشاشة الاقتصادية وضعف الموارد والفساد وتجمد العملية السياسية. مضيفة أن التحفيز الأساسي يتعلق بوضوح العملية والتوافق عليها ووضوح نتائجها والمستهدف منها وأن تكون جامعة وتبحث عن مصالح السوريين دون تسييس.

في حين رأى “خالد سرحان” أنه لا يمكن الحديث عن دور للشباب أو تعافٍ مبكر دون وجود حل سياسي واضح المعالم ينهي الحرب في “سوريا”. ويسهم في بلورة مستقبل البلاد ولو لعقد أو اثنين على أقل تقدير.

دعم دور الشباب.. دور الحكومة والمنظمات الدولية

تعتبر “ريمة السواح” أن على الحكومة السورية سنّ قوانين تسهل العمل الإنساني والمدني. والتنسيق مع المنظمات الفاعلة على الأرض وتقديم الضمانات والتسهيلات لأداء الخدمة بشكل صحيح.

وأضافت أن المنظمات الدولية التي تنفذ مشاريع التعافي المبكر عليها وضع خطط واقعية قابلة للتنفيذ في الواقع السوري. بناءً على دراسة الاحتياج المحلي وليس بناءً على خطط منفّذة في مناطق أخرى. إضافة إلى تخصيص تمويل طويل الأمد لهذه الاستراتيجية وليس لمجرد التريند على حد قولها.

في حين. اعتبر “جعفر مشهدية” أنه يمكن للحكومة والمنظمات الدولية دعم دور الشباب في تعافي سوريا، عبر تبني سياسات وممارسات تخدم مصلحة الشباب ودعم مساهمتهم الفعالة في بناء مجتمع متوازن. وتشجعيهم لأخذ دور أكثر فاعلية في المجتمع وإشراكهم في القرارات السياسية والاجتماعية. الأمر الذي يُعد جانباً حاسماً لتمكينهم علاوة على تحقيق الاستقلالية الاقتصادية وتطوير مهاراتهم.

لكن “حنين أحمد” قالت أنه لا يمكن اعتبار دور الحكومة والمنظمات متساوياً. فالحكومة يقع عليها واجب البدء والعمل كونها من تضع السياسات. أمّا المنظمات فعليها تطبيق شروط معينة بالتّدخل. وبالنسبة لدور الشباب يجب أن يكون هناك كوتا بكل مساحات صناعة القرار والتنمية للشباب، سواء بمحلس الشعب أو البلديات، وبالمشاريع وبأي فرص تنمية سوف تحصل يجب أن يكون هناك استهداف للشباب، وإشراكهم بالتنفيذ والتخطيط إضافة إلى نظرتهم واحتياجاتهم  وفق حديثها.

يشار إلى أن جيل الشباب يعد العمود الفقري للمجتمعات لا سيما في مرحلة إعادة البناء والتعافي من آثار الحرب كونهم قادة المستقبل بشكل أو بآخر وتقع عليهم مسؤولية النهوض بالبلاد على أن تتاح لهم فرصة المشاركة في صناعة القرار.

زمالة سناك سوري 2024

إشراف: محمد العمر 

زر الذهاب إلى الأعلى