
تشهد محافظة السويداء أوضاعاً معيشية متدهورة، بعد توقف عدد من الأفران الخاصة عن العمل، واستمرار أزمة الخبز والمحروقات، فيما يعاني مشفى السويداء الوطني من نقص حاد في الغذاء، ويترافق ذلك مع انقطاع تام لمياه الشرب عن أحياء واسعة، وسط مناشدات محلية لإيصال المساعدات وتدارك تدهور الأوضاع الإنسانية.
سناك سوري-السويداء
أعلنت عدة أفران خاصة في السويداء إغلاق أبوابها اليوم الثلاثاء، لعدم تواجد الطحين أو المازوت مثل فرن قرية الرحا وقرية ملح، الأمر الذي سيزيد الضغط على الأفران العامة التي ماتزال تعمل.
وحتى أمس الإثنين لم تدخل أي كميات من القمح أو المحروقات مدينة السويداء منذ 72 ساعة، وفقاً لشبكة السويداء 24، مضيفة أن المحافظة تواجه نقصاً حاداً بالمواد الأساسية لإنتاج الخبز.
وبحسب الشبكة فإنه وخلال الأسبوعين الفائتين لم يدخل المحافظة سوى كميات من الطحين تتراوح بين 400 إلى 500 طن فقط، بينما تحتاج السويداء نحو 120 طن طحين يومياً لتغطية الاحتياجات، وذكرت الشبكة أن مصدر المساعدات منظمات أممية ومغتربون من المحافظة، وزاد من صعوبة الوضع استهداف مطاحن “أم الزيتون” شهر تموز الفائت، والتي كانت تمد المخابز بالطحين.
وأعلنت الحكومة السورية إعادة افتتاح معبر بصرى الشام الذي يعتبر ممراً إنسانياً لإرسال المساعدات لسكان السويداء، أمس الإثنين بعد يوم واحد من إيقافه نتيجة توقف الاشتباكات، وبحسب الشبكة فإنه لم تدخل أي احتياجات عبر المعبر منذ 3 أيام، باستثناء 10 سيارات نقلت مواد غذائية وخضراوات يوم السبت.
وتستمر حالة الركود والإقفال شبه الكلي للمحال التجارية في “السويداء” بالتزامن مع نفاذ المواد الاستهلاكية من الأسواق، مقابل تزايد الطلب عليها وعدم ورود كميات جديدة منها إثر انقطاع الطريق إلى “دمشق” منذ 13 تموز الماضي.
وبينما بدأت قوافل المساعدات الغذائية بالدخول إلى “السويداء” بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، فإن الحكومة السورية تعلن استمرار إرسال قوافل المساعدات بما تحمله من شحنات غذائية وطبية وكميات من المحروقات.
لكن مصادر محلية في “السويداء” تقول لـ سناك سوري أن الكميات الواردة أقل بكثير من احتياجات الأهالي ومراكز الإيواء المتوزعة على مناطق المحافظة.
وأوضحت المصادر أن هناك ما لا يقل عن 35 قرية بريف “السويداء” نزح سكانها عنها، ولا يقل معدل سكان كل قرية منها عن 5 آلاف نسمة، ما يعني نحو 200 ألف نازح على الأقل يحتاجون للغذاء والدواء والخدمات يومياً ما يستدعي مزيداً من المؤن والأغذية ومستلزمات الإقامة.

أزمة غذائية خانقة في مشفى السويداء الوطني
ويعيش مشفى السويداء الوطني واحدة من أصعب مراحله، في ظل ضغط طبي متزايد بعد الاشتباكات الأخيرة، وسط غياب شبه تام لمواد الإمداد الغذائي داخله.
وأفاد أحد العاملين في الكادر الطبي لشبكة السويداء 24 أن “أكثر من 800 شخص بين كوادر طبية ومرضى ومرافقين ومقيمين، اقتصر غذاؤهم يوم السبت على قطع من البسكويت”.
مصدر من داخل المشفى أكد للشبكة ذاتها أن الوضع لم يعد قابلاً للاستمرار، مضيفاً: «نحن لا نطلب وجبات ساخنة أو طبخاً يوميّاً، لكن استمرار هذا الواقع دون تأمين الحد الأدنى من المواد الغذائية أمر غير محتمل».
وأشار إلى أن بعض المواد الأساسية مثل البرغل ما تزال متوفرة، لكنها غير صالحة لتأمين وجبة متكاملة، إذ لا تتوفر خضار أو لحوم أو زيوت أو توابل، وأوضح أن فكرة إرسال سيارة من دمشق لجلب معلبات ومؤن طُرحت، رغم صعوبة الطريق.
وأطلق كادر المشفى نداءً عاجلاً لتأمين مقومات البقاء، داعياً الجهات المعنية والمؤسسات الداعمة وكل من يستطيع التدخل إلى التحرك الفوري.
تجار السويداء لا يستطيعون الوصول إلى دمشق
بدوره قال عضو غرفة تجارة “السويداء” “غياث الحناوي” لـ سناك سوري أن تفاعل الحركة التجارية طوق النجاة للمدينة المحاصرة على حد قوله منذ منتصف الشهر الماضي، معتبراً أنه لا بد من افتتاح معبر مع “الأردن” من قرية “العانات” لتخفيف آثار الكارثة الإنسانية، رغم ما يحتاجه ذلك من توافقات دولية.
وأضاف أن تجار المحافظة حالياً لا يمكنهم التوجه إلى “دمشق” لعدة أسباب منها الحالة الأمنية وقطع التواصل بعد إعلان غرفة “تجارة السويداء” انفصالها عن اتحاد غرف التجارة السورية بسبب غياب دعم الاتحاد منذ بداية التوترات الأمنية في المحافظة.
واعتبر “الحناوي” أن اعتماد معبر “بصرى الشام” بدلاً عن طريق “دمشق” لا يخدم التجار والأهالي، نظراً لنقص المحروقات وخطورة العوامل الأمنية، فضلاً عن عدم إمكانية إدخال البضائع حالياً، مؤكداً قلة ما يرد من مساعدات مقارنةً بالاحتياج وفق حديثه.
أزمة مياه خانقة
في السياق ذاته، دعا الخبير الجيولوجي والمهندس المتخصص بشؤون المياه “نبيل باكير”، إلى رفع اليد عن تجمّع آبار الثعلة الذي يُعد أحد المصادر الأساسية لتغذية محافظة السويداء بمياه الشرب.
وقال باكير، في تسجيل مصور بثه عبر صفحته الشخصية، إن مؤسسة المياه في السويداء لم تزوَّد بالمياه إطلاقاً منذ منتصف تموز الفائت، بسبب توقف عمل الآبار، مطالباً بإعادتها للخدمة بشكل فوري.
وبحسب مصادر في مؤسسة المياه، فقد خرج 98 بئرا للمياه الجوفية عن الخدمة في السويداء منذ الرابع عشر من تموز، من بينها تجمع آبار الثعلة الذي يغذي مدينة السويداء بنسبة تتراوح بين 60 و70 بالمئة من حاجتها لمياه الشرب.
وأكدت المصادر نفسها أن توقف عمليات الضخ في تجمع آبار الثعلة ومحطة التغذية، جاء نتيجة تعرضهما لأعمال تخريب وفقدان لمعدات التشغيل، وذلك عقب تغيير السيطرة على الموقع، ولا تزال المنطقة خارج الخدمة حتى تاريخه، في وقت تتفاقم فيه أزمة المياه داخل محافظة السويداء بشكل حاد.