الرئيسيةسناك ساخن

الخطاب العنصري ضد اللاجئين السوريين .. خطرٌ طويل الأمد يهدد مصيرهم

التسييس وتحريض الإعلام يهددان مصير اللاجئين السوريين

يحتل الخطاب العنصري ضد اللاجئين السوريين واجهة الحديث عنهم في كثير من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في البلدان التي لجؤوا إليها.

سناك سوري _ دمشق

ويعدّ تسييس ملف اللاجئين واستعماله لأهداف سياسية أو انتخابية أو دعائية سبباً رئيسياً في اعتماد الخطاب العنصري بما يحمل من كراهية ضد اللاجئين السوريين.

ولا يمكن حصر أنواع العنصرية التي واجهها السوريون خلال السنوات الـ 12 للحرب في نصٍّ واحد. إلا أن نماذج عن خطاب الكراهية الذي كان يواجههم تلخّص الصورة التي عاشوها بعد هربهم من جحيم الحرب في بلادهم.

الخطاب العنصري في لبنان

البداية من “لبنان” البلد الأقرب الذي لاذ إليه السوريون إبان اندلاع الأزمة. ليجدوا أنفسهم ضحية انقسامٍ سياسي لطالما عانى منه البلد الشقيق على مدى عقود. وأصبحت ورقة اللاجئين واحدةً من أوراق الابتزاز والخصومة السياسية.

ففي نيسان الماضي اشتدّ وقع الخطاب العنصري ضد السوريين في “لبنان” والذين يطلِق عليهم الإعلام اللبناني اسم “النازحين” بهدف عدم الاعتراف بحقهم في اللجوء.

وقد أدت تلك الحملة التي شنتها قوات الجيش والأمن اللبنانيين على مخيمات ومناطق تجمع اللاجئين. إلى اعتقال العشرات وإعادة كثيرين منهم قسراً إلى “سوريا” بما يخالف القوانين الدولية.

الإعلام اللبناني وعبر عدة وسائل كان منبراً رئيسياً للتحريض ضد اللاجئين السوريين. في كثير من المحطات وآخرها تقرير لقناة “إم تي في” أيضاً في نيسان الماضي وصف وجود اللاجئين في “لبنان” بـ “الغزو السوري”. مع استخدام معلومات مضللة خلال التقرير أن اللاجئ السوري يتقاضى مساعدات مالية من “الأمم المتحدة” تصل إلى 150 دولار للعائلة. رغم التصريحات الرسمية من المسؤولين الدوليين التي نصّت على أن حجم المساعدة  المالية لأسرة من 5 أشخاص لا تتجاوز 35 دولاراً.

ولا يمكن إغفال الخطاب الذي تستعمله معظم القوى السياسية اللبنانية على اختلاف تحالفاتها الإقليمية. من أن اللاجئين ووجودهم في “لبنان” تسبب بانهيار العملة المحلية وتأزم الوضع الاقتصادي. بغية التخلي عن مسؤولية السياسيين الذين مارسوا الفساد المنظّم لأكثر من 3 عقود وصنعوا ثروات طائلة من وراء ذلك. ما أدى لسقوط مروّع لاقتصاد البلاد.

اللاجئون ورقة مساومة في تركيا

الحال ذاته ينطبق على “تركيا”. والتي استعملت حكومتها التي يقودها حزب “العدالة والتنمية” الذي يتزعمه الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” ورقة اللاجئين على مدى السنوات الماضية كسلاح مساومة وابتزاز عبر عدة جبهات.

فقبل سنوات جاهَر “أردوغان” بتهديد القارة الأوروبية بفتح المجال أمام اللاجئين لإغراق القارة العجوز بهم ما لم يتم تحقيق مطالبه. بينما كانت معارضته تؤجج الشارع ضد اللاجئين بمزاعم مضللة عن أنهم أخذوا فرص عمل الأتراك وتسببوا بانهيار الاقتصاد التركي.

كما روّجت المعارضة لنظرية تجنيس “أردوغان” للسوريين للاستفادة من أصواتهم في الانتخابات وبدأت بتضخيم أرقام المجنسين السوريين. بينما وجد الرئيس التركي نفسه في الانتخابات الأخيرة مضطراً للانجرار وراء خطاب معارضته والحديث عن خططه لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم وإن بطريقة أقل غلظة من تلك التي أعلنتها أحزاب المعارضة. حيث بات الشارع التركي مقتنعاً بسبب خطاب الكراهية والعنصرية أن وجود اللاجئين هو سبب كل مصائبه بهدف تعميته عن الأسباب الأخرى.

اعتداءات عنصرية في أوروبا

العنصرية لم تغب عن القارة الأوروبية التي استضافت أعداداً كبيرة أيضاً من اللاجئين. وكانت “ألمانيا” في مقدمة البلدان الأوروبية التي فتحت أبوابها عام 2015 لمنح السوريين حق اللجوء على أراضيها.

إلا أن تزايد أعداد اللاجئين عاماً تلوَ آخر دفع الأحزاب اليمينية في “أوروبا” عموماً و”ألمانيا” خصوصاً إلى تركيز مشروعها السياسي على محاربتهم وتحريض الشارع الموالي لها ضدهم. الأمر الذي وصل إلى حد ارتكاب جرائم ضد السوريين لمجرد أنهم لاجئون.

وقد أعلنت وزارة الداخلية الألمانية في آب من العام الماضي تسجيل نحو 424 جريمة “يمينية” ضد اللاجئين خلال النصف الأول من عام 2022. وقالت أن معدل الاعتداءات يصل إلى مهاجمة شخصين يومياً من طالبي اللجوء. بحسب ما نقلت صحيفة “نوز” الألمانية.

وفي تموز من العام ذاته. أفادت صحيفة “بيلد” الألمانية أن السوري “طلال. ب” البالغ من العمر 40 عاماً تعرّض لاعتداء عنصري بمدينة “إرفورث”. من قبل شخصين قاما بضربه بشدة قائلين له عد إلى بلدك. ما أدى إلى إحداث نتوء كبير في رأسه وكسرٍ في ركبته أعجزه عن السير دون عكازات.

وتعد هذه النماذج مقتطفات مصغرة عن حجم العنصرية التي واجهها السوريون في مختلف البلدان التي لجؤوا إليها. والقاسم المشترك بين جميع هذه الحالات والدول هو تسييس ملفٍ إنساني مثل ملف اللاجئين واستخدام وسائل الإعلام. كسلاح لنشر خطاب الكراهية والتحريض ضدهم.

رغم ذلك. لا يمكن إغفال الجانب الإيجابي من ملف اللاجئين. حيث فتحت كثير من دول العالم أبوابها لهم وقدمت لهم فرص عمل وتعلّم واندماج في مجتمعاتها. وأتاحت لهم تحقيق نجاحات هامة، وكان للشعوب عموماً موقف إنساني متقدّم من قضية اللاجئين السوريين حمل تعاطفاً واسعاً وإظهاراً لمشاعر إنسانية صادقة.

إلا أن السياسة تعد السبب الرئيسي للعنصرية حيث يستخدم السياسيون اللاجئين ورقة لاستفزاز مؤيديهم المتطرفين في سبيل حشد أصواتهم بالانتخابات.

يذكر أن الأمم المتحدة خصصت يوماً عالمياً للاجئين يصادف اليوم 20 حزيران من كل عام.

زر الذهاب إلى الأعلى