مايزال قتل النساء بذريعة الشرف مباحاً لدى العديد من الأسر السورية. رغم مضي نحو 3 سنوات على إلغاء العذر المخفف في الجرائم بذريعة الشرف.
سناك سوري-خاص
في شهر أيار الفائت، تلقّت شابة في محافظة درعا عدة طعنات قاتلة من شقيقها. بعد نحو 7 أشهر من توجيه تهم متعلقة بالشرف كما يعرفه العرف المجتمعي، وفق ما ذكرت حينها وسائل إعلام محلية من بينها “درعا 24“.
لم يشفع لتلك الشابة أنها وخلال فترة الـ7 أشهر تلك كانت قد تزوجت وأنجبت طفلها الأول. حيث بادرها شقيقها بالقتل لدى زيارتها منزل أهلها، فيما يبدو وكأنه تمّ إخبارها أنهم جاهزون للصلح.
اللافت ان أحداً لم يذكر اسم الشابة لا المصدر ولا في وسائل التواصل الاجتماعي. عموماً فإن تجهيل الضحية وعدم ذكر اسمها واعتبارها شيئاً لا إنساناً، يدل على فعل ذكوري في الإعلام.
إذاً، توفيت الشابة وتركت طفلها وحيداً يقاسي في هذه الحياة. فإلى متى سيبقى نموذج هذا “الشقيق” موجوداً، والأهم متى يتم سحب الوصاية على النساء وتركهنّ يكنّ وصيات أنفسهنّ؟.
الضرب حتى الموت
كان شهر أيار وبالاً على النساء هذا العام، إذ شهد كذلك مقتل الشابة السورية أمينة الدالي 23 عاماً. على يد شقيقيها عامر 25 عاماً وماهر الدالي 22 عاماً. في محل إقامة العائلة السورية في لبنان.
وبحسب وسائل إعلام لبنانية محلية، فإن العائلة ادعت بداية أن ابنتهم تعرضت لأزمة قلبية. إلا أنهما اعترفا خلال التحقيقات بأنهما قتلاها بدافع “الحفاظ على الشرف”.
ضُربت “أمينة” على رأسها وسائر أنحاء جسدها بوحشية حتى الموت. كما ذكرت وسائل التواصل الاجتماعي، وكاد المجرمان ينجوان بفعلتهما لولا ارتياب أهل البلدة وإبلاغ الشرطة. وليستخدما الذريعة المعتادة “لتبرير قتل النساء”، “بذريعة الشرف”.
185 جريمة خلال 4 سنوات
يقول تقرير صادر عن منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إن المنظمة بالتعاون مع منظمتي “مساواة” و”سارا”. قد وثقوا 185 جريمة قتل بذريعة الشرف في سوريا بين عامي 2019 إلى 2022.
185 امرأة قُتلت بذريعة جريمة شرف. أي بمعدل نحو 4 سيدات شهرياً. فماذا لو تم تطوير قوانين رادعة حقاً، بالتزامن مع تغيير العقلية السائدة في التربية لتصبح لصالح المساواة بين الجنسين ونبذ فكرة وصاية الذكر على الأنثى. بالتأكيد لو حدث هذا لم تكن تلك الجرائم لتصبح بهذا العدد.
إلغاء العذر ليس كافياً
رغم إلغاء العذر المخفف للمجرمين في الجرائم المرتكبة بذريعة الشرف عام 2020. إلا أن القوانين السورية ماتزال تحتاج لتعديلات أكبر لضمان حصول النساء على حقوقهنّ.
في العام ذاته قالت المحامية “نبال محمد” لـ”سناك سوري”، إن إلغاء المادة «مهدد بوجود المادة 192 والمادة 241 والمادة 242. فالمادة 548 تنص على شرطين الأول أن شاهد بالعين قريبته بصلات جنسية فحشاء، و الثاني عنصر المفاجأة. وفي حال لم يتحققا يلجأ القاضي لتطبيق المادة 192 المتعلقة بالدافع الشريف والتي يتم على أساسها تخفيف العقوبة. أو المادة 241 و242 اذا ارتكب هذا الفعل بثورة غضب شديدة، أي أن بقاء هذه المواد هو خطر حقيقي على الهدف من إلغاء المادة».
تبدي “محمد” استغرابها من القانون وتقول :« إذا كان الهدف عدم تبرئة القاتل، فإن هذه المواد مع غيرها تتيح اليوم للمجرم الإفلات من العقاب. وتخفيف عقوبته والتوصيف الجرمي ليحصل على عقوبة أقل أو يتبرأ، بالإضافة للضغوط الاجتماعية على الفتاة حتى تسحب شكواها».
إذاً لا يبدو أن تعديل القانون وإلغاء العذر المخفف في الجرائم بذريعة الشرف، كافياً لوضع حد لهذه الجرائم، التي ربما يفوق عددها الحقيقي العدد المعلن عنه. وهو ما يعتبر مُلحاً لمحاولة تغيير العقلية للمجتمع عموماً من خلال تربية الأطفال على المساواة الجندرية وعدم التمييز. إضافة لترك النساء وشأنهنّ. كما يترك الرجال الذين يمارسون العلاقة الحميمية قبل الزواج دون أن يتعرض لهم أحد بسوء.