البرقاقا.. ضيفة الموائد وصديقة العائلة في درعا
البرقاقا.. الطبق التراثي بات حكراً على ميسوري الحال
كانت “البرقاقا” أو “الرقاقا” ضيفاً دائم الحضور على موائد أهالي درعا، في كافة مناسباتهم واجتماعاتهم. قبل أن تنضم لقائمة الأطباق التراثية التي غيّبها الغلاء وارتفاع الأسعار عن الموائد.
سناك سوري-هدى الحراكي
لسنوات طويلة كانت “ماجدة” 55 عاماً تطهو البرقاقا لاجتماعاتهم العائلية، وحتى لعائلتها يوم الجمعة. فالسيدة التي تقيم بمدينة درعا تعلّمت إعداد هذا الطبق من والدتها منذ بداية عمرها، شأنها شأن كل الشابات اللواتي يحرصن على تعلم طهي الأطباق التراثية.
تتألف مكونات صنع البرقاقا الأكلة التراثية في درعا، من طحين وحبة البركة وبهارات ودجاج وبعض الخضراوات. وتشرح “ماجدة” لـ”سناك سوري” طريقة صنعه، حيث يتم عجن العجينة بعد إضافة حبة البركة والسمسم وزيت الزيتون والمياه للطحين، من دون استخدام الخميرة.
ثم تُترك العجينة لترتاح قليلاً، وفي هذا الوقت تعد “ماجدة” الحشوة المؤلفة من قطع الدجاج الصغيرة والبهارات بحسب الرغبة. مع بصل وزيت الزيتون، تُترك المكونات لتنضج على النار وتُترك حتى تبرد.
كانت “البرقاقا” أو “الرقاقا”ضيفاً دائم الحضور على موائد أهالي درعا، في كافة مناسباتهم واجتماعاتهم. قبل أن تنضم لقائمة الأطباق التراثية التي غيّبها الغلاء وارتفاع الأسعار عن الموائد
تقوم السيدة بفرد العجين على شكل رقائق يتناسب حجمها مع حجم الصينية. تفرد الطبقة الأولى من العجبن تليها طبقة الحشو، وتستمر العملية حتى تنتهي المكونات، فليس هناك حد معين لعدد الطبقات. بعد ذلك تدخل الفرن حتى تنضج ويتحمر وجهها وغالباً ما تحتاج لنحو نصف ساعة من الزمن.
أخذت البرقاقا أو الرقاقا اسمها لأنها تتشكل من طبقات رقيقة من العجين. وهي واحدة من الأطباق التي تم ابتكارها استناداً إلى إنتاج المحافظة من الدجاج والقمح الذي تُطحن حباته للحصول على الطحين كمؤونة في كل منزل.
بحسب “ماجدة” فإن البرقاقا واحدة من الأكلات الشتوية، التي كانت تطهى بكثرة خلال موسم الأمطار والثلوج. فهي تمنح الجسم الطاقة والدفء كونها تؤكل ساخنة.
حكراً على الميسورين!
“ماجدة” وهي أم لثمانية أبناء وبنات، في أسرة معيلها يعمل ببيع الخضراوات، أكثر ما يؤلمها هو أن البرقاقا التي كانت حتى الأمس القريب طبق الجميع. باتت اليوم حكراً على موائد ميسوري الحال، فرغم بساطة مكوناتها إلا أن أسعارها باتت مرتفعة جداً.
فكيلو الطحين اليوم 10 آلاف ليرة، وكيلو صدر الدجاج 65 ألف ليرة بالحد الأدنى، والبصل 6 آلاف ليرة. أما ليتر زيت الزيتون فبين 90 إلى 100 ألف ليرة. أي أن إعداد صينية برقاقا سيكلف نحو 125 ألف ليرة بالمتوسط.
عاشت أسرة “ماجدة” مناسبات كثيرة وكانت البرقاقا سيدة المائدة فيها. اليوم ورغم أن هذا النوع التراثي يعبر عن هوية أهل درعا وموروثهم الثقافي، إلا أنه بات من الصعب إعداده بتلك السهولة
يحز في نفس “ماجدة” أن مكونات البرقاقا تواجدت منذ سنوات طويلة في كل المنازل، حين كانت الأسر تحقق اكتفاءً ذاتياً من الطحين والبصل نتيجة الزراعة. كذلك زيت الزيتون، كما أن الأسر كانت تربي الدجاج لتناول لحومه وبيضه، بخلاف اليوم حيث بات كل يوم يُشترى دون أن يزرع لأسباب كثيرة أبرزها شح المياه.
عاشت أسرة “ماجدة” مناسبات كثيرة وكانت البرقاقا سيدة المائدة فيها. اليوم ورغم أن هذا النوع التراثي يعبّر عن هوية أهل درعا وموروثهم الثقافي، إلا أنه بات من الصعب إعداده بتلك السهولة. وباتت تستبدل بأنواع أخرى أقل كلفة مثل الأرز أو مجدرة البرغل.
إلى جانب البرقاقا تشتهر محافظة درعا بالعديد من الأطعمة التراثية الأخرى، مثل المنسف والمليحي والمسخن الحوراني وغيرها من الأطباق التي فاقت كلفة تحضيرها قدرة معظم العوائل.