الرئيسيةشباب ومجتمع

إياد خوندة فقدَ بصره بعمر العشرين وتغيرت نظرته للحياة بعد 20 عاماً

إياد خوندة يربّي الطيور ويصنع أقفاصها ليبيعها في سوق الضيعة

فقد “إياد خوندة” بصره قبل عشرين عاماً في حادثة أدّت إلى نزف حادّ في شبكية العين. إلّا أن حكايته مع الحياة استمرّت بالرغم من العام الأول الذي قضاه في عزلة بعيداً عن الناس.

سناك سوري – ميس الريم شحرور

يقف “إياد خوندة” (40) عاماً خلف طاولة تحمل مجسّمات مصنوعة من القشّ. وهي الطاولة الخاصة بجمعية رعاية المكفوفين باللاذقية في “سوق الضيعة“. الواقع على كورنيش المدينة الغربي. وبهدوء تام يستقبل المتفرّجين والراغبين بشراء سلال القش التي يصنعها بالتعاون مع أصدقائه في الجمعية.

الإرادة تصنع المعجزات

يروي إياد لسناك سوري عن رحلة التأقلم التي خاضها منذ فقد بصره. ويقول إنه كان يعاني من مرض التهاب الشبكية الصباغي. وفقد بصره بعد ضربة تعرضت لها عينه اليسرى سببت له نزيفاً داخلياً. أدى إلى اعتلال بالشبكية وفقدان البصر التام.

يضيف: «لم يكن العام الأول على فقداني البصر سهلاً بالطبع واستغرقت عاماً كاملاً في عزلتي بعيداً عن الناس. كنتُ انطوائيّاً لدرجة رفضتُ فيها أن ألتقي بأحد. والصعوبة تكمن في تحوّلي من شخص مبصر أنهى دراسته الثانوية إلى شخص لا يرى حتى نور الشمس».

لم يكن العام الأول على فقداني البصر سهلاً بالطبع واستغرقت عاماً كاملاً في عزلتي بعيداً عن الناس. كنتُ انطوائيّاً لدرجة رفضتُ فيها أن ألتقي بأحد إياد خوندة

 

الأم دافع الاستمرار

كانت والدة “إياد” هي الدافع وراء استمراره وعودته لممارسة نشاطاته الحياتية المعتادة. كما يقول ويضيف أنها كانت تدفعه لمواجهة الصعوبات التي «كان سيتوجب عليّ مواجهتها عاجلاً أم آجلاً».

في عام 2003 انتسب الشاب إلى جمعية رعاية المكفوفين. واكتشف وجود العشرات من فاقدي البصر الذين تأقلموا مع حياتهم. يقول: «هنالك دكاترة جامعيون من المكفوفين يعملون في الجمعية بتعليم الطلاب المكفوفين ويبدعون. وطلاب يكملون تعليمهم الجامعي».

الواقع الذي رآه إياد دفعه للمقارنة بين الصورة التي رسمها في ذهنه عن الحياة لدى فاقدي البصر. والتي اقتصرت على “العجز الكامل وقلة الحيلة عن الاستمرار” وبين حقيقة مفادها: “لا يوجد ما يمنع الإنسان عن تحقيق أحلامه. سوى الأفكار التي يزرعها في رأسه”.

لا يوجد ما يمنع الإنسان عن تحقيق أحلامه. سوى الأفكار التي يزرعها في رأسه إياد خوندة

 

لا شيء مستحيل

“إياد” الذي رفض في البدء مقابلة الناس. يقف بعد عشرين عاماً بين جمع من زوّار “سوق الضيعة” الذين جاؤوا ليتعرفوا إلى منتجاته ويشترون منها. يبتسم في وجوههم ويرد على أسئلتهم بهدوء ورصانة.

لا ينكر “خوندة” أنه وجد صعوبة في الخروج من المنزل بمفرده. لكنّه مع الوقت اعتاد على استخدام العصا وصار يذهب للسوق وجمعية رعاية المكفوفين دون حرج. كما عاود ممارسة هواية “تربية الطيور” بعد أن انقطع عنها لفترة بسبب الظرف الصحي الذي تعرض له. فهو يربي “الدنانير” و”الكناري”. ويصنع أقفاصاً من الخيزران للعصافير ويبيعها.

أثبت “إياد خوندة” أن المستحيل كلمة لا توجد في قاموسه وأن رحلته التي قطعها خلال عشرين عاماً. كانت تقوده إلى التغلب على كلّ العثرات وصولاً إلى التصالح مع إصابته.

زر الذهاب إلى الأعلى