أستاذ بكلية الحقوق: قرار منع الاستقالة يشجّع على الانقطاع عن العمل
هل يخالف قرار منع موظفي التربية من الاستقالة قانون العاملين في الدولة؟
أثار قرار وزارة التنمية الإدارية مؤخراً منع العاملين في وزارة التربية من تقديم استقالتهم إلا بشروط أبرزها إتمام 30 عاماً على الخدمة. تساؤلات حول مدى قانونية القرار.
سناك سوري – غرام زينو
وقال أستاذ الحقوق في جامعة تشرين “إيهاب عليا” في حديثه لـ “سناك سوري” بأن المعروف في فقه القانون الإداري أن الاستقالة هي حق للموظف العام. ولكن ليس من حقه أن يجبر الإدارة على قبول تلك الاستقالة. مبيناً أن الإدارة في هذه الحالة تتمتع بسلطة تقديرية وبالتالي يحق لها الرفض أو القبول دون أن يُلزمها القانون بذلك.
وأضاف الدكتور الجامعي بأنه بالنسبة لهذا القرار فقد خالف حق الموظف بتقديم الاستقالة. حيث أنه وجّه بعدم قبول طلبات الاستقالة أو عدم رفعها. ما يحرم من حق الموظف في الاستقالة رغم صلاحية الإدارة برفضها. لكن قيام الإدارة بمنع الموظف من تقديم الطلب أصلاً فهذا يخالف حقاً من حقوق العامل في النظام الوظيفي.
«يجب البت فى طلب الاستقالة إما بالقبول أو الرفض خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه». قانون العاملين في الدولة
ونصّت المادة 133 من قانون نظام العاملين الأساسي في الدولة رقم 50 لعام 2004 على «يجب البت فى طلب الاستقالة إما بالقبول أو الرفض خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه».
وعن احتمال اعتبار الموظف مستقيلاً بموافقة ضمنية من الإدارة في حال عدم رفع طلبه بعد نهاية تلك المدة. قال “عليا” بأن القانون أجبر الإدارة بالرد على هذا الطلب وغالباً في جميع الحالات تردّ الإدارة بالقبول أو الرفض.
لكن مرور مدة 60 يوماً بفقه القانون الإداري على عدم الرد على الطلب فيعتبر قراراً ضمنياً بقبول الاستقالة وفق حديثه. مبيناً أن حالات عدم رد الإدارة على طلب الاستقالة محدودة جداً وغالباً تقوم بالرد.
وبالتالي حالات القبول الضمني أو الاستقالة الضمنية حالات نادرة جداً على حد قوله. لافتاً إلى أنه لا يتم اعتبار الموظف مستقيلاً بمرور هذه المدة بل يعتبر بحكم المستقبل في حال غاب عن العمل مدة 15 يوماً.
وبحسب الدكتور الجامعي فإن الموظف الذي ينقطع عن عمله مدة 15 يوماً وعند عدم وجود أسباب مبررة من الجهة الإدارية ففي هذه الحالة يعتبر بحكم المستقيل. ويلاحق بجرم ترك العمل.
من الناحية القانونية بحسب “عليا” فالإدارة لم تخالف القانون بتنظيم الاستقالة لكن الخطأ منع الموظف من تقديم الطلب. مضيفاً: «أعتقد لو كان القرار بأن تقوم الجهات الإدارية بمعالجة طلبات الاستقالة وفق الآلية أو التنظيم الآتي على سبيل المثال. وحددت للعامل الذي أمضى في عمله 30 عاماً…إلخ. لو جاءت صيغة القرار بهذه الطريقة لما كان هناك حرج قانوني».
وتابع “عليا” «عندما تقول الإدارة في القرار يمنع تقديم الاستقالة أو لا ترفع طلبات الاستقالة إلى الجهات المركزية فهناك عيب قاني من هذه الناحية. لكن قانونياً يحق للجهات الإدارية تنظيم الاستقالة أو كيفية منح الاستقالات.
وأضاف: «على فرض ظهور حالة في المستقبل لموظف لم يمضِ ثلاثين عاماً وسمحت له إدارته بتقديم طلب استقالة. فيما لم تسمح لموظف آخر بتقديم الطلب فيمكن حينها الطعن بقرار الإدارة لعيب الانحراف في السلطة. وتلعب الرقابة القضائية دوراً في هذا الأمر. مع ضرورة تفعيل رقابة القضاء الإداري».
وعن رأيه بالقرار قال “عليا”. في هذه الظروف منع طلبات الاستقالة ومنع قبول الاستقالات بشكلٍ عام سيضرّ بالوظيفة العامة. لأنه في الحقيقة يشجع الموظفين على اللجوء لحالة أخرى وهي حالات الاستقالة الحكمية أي اعتبار العامل بحكم المستقيل.
وأضاف بأن الجهة الإدارية عندما تمنع الموظف أن يقدم طلب استقالته أو حتى عندما يتم رفض تلك الطلبات المقدمة من قبل الموظفين. فإن ذلك يحمل تشجيعاً لهم على الاستقالة الحكمية عبر الانقطاع عن العمل لأكثر من 15 يوماً بحيث يعتبر الموظف بحكم المستقيل ما يؤدي لتفريغ الجهات الإدارية من الكفاءات والخبرات.
القرار بحاجة لتعديل تشريعي وتدخل المشرع لتنظيم حالات الاستقالة وتفعيل حالة الإجازة الخاصة بلا أجر. الدكتور إيهاب عليا
واعتبر الأستاذ في كلية الحقوق بأن القرار بحاجة لتعديل تشريعي وتدخل المشرع لتنظيم حالات الاستقالة وتفعيل حالة الإجازة الخاصة بلا أجر. مبيناً أنه يتم تقديم تلك الإجازة الخاصة للموظف لمدة سنة أو سنتين لعله من خلالها يتجه للتأسيس في القطاع الخاص كما هو الحال في أغلب تشريعات الوظيفة العامة في العالم وخاصة في “الإمارات”.
وختم بأن بعض الدول أخذت بهذا الموضوع وفي ظل هذه الظروف فهو أفضل من تحريم الاستقالة الذي سيكون له انعكاس سلبي لأن الإدارة لن تستطيع تحريم طلبات الاستقالة لأنها لن تستطيع منع الموظف من أن ينقطع عن العمل 15 يوماً ويعتبر بحكم المستقيل ويستطيع حينها الذهاب إلى أي جهة أخرى أو حتى الذهاب خارج البلد.