الرئيسيةشباب ومجتمع

ضحايا جرائم “الشرف”.. هل يجوز استعمال كلمة شرف بعد جريمة قتل؟

في سوريا اجتهادات تحمي القاتل بذريعة "الشرف"

سناك سوري – لينا ديوب

صادف أمس الجمعة اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا جرائم “الشرف”، لكن هل يجوز إطلاق كلمة “شرف” على أي نوع من الجرائم، وماذا عن القوانين التي ماتزال تحمي القاتل باجتهادات كثيرة، رغم إلغاء العذر المخفف للقاتل في هذه الجرائم.

كان يوم الخميس 12 آذار 2020 يوماً جميلاً لذكرى النساء سواء اللواتي كن ضحايا ما يسمى جرائم الشرف، أو اللواتي ناضلن لتغيير القوانين التي تحمي القاتل، حيث أقر مجلس الشعب في “سوريا” إلغاء المادة 548 من قانون العقوبات لعام 1949، المعروفة باسم “العذر المخفف”  لـ”جرائم الشرف”، وورد في مشروع القانون الذي صوت عليه مجلس الشعب حينها، أن هذا المشروع يأتي تماشياً مع القوانين الدولية والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وأنه يهدف لتوفيق أحكام القانون الوطني مع القانون الدولي بشكل لا يتنافى مع أحكام الشريعة الإسلامية، أي أنه أتى تماشياً مع خطى الدول التي تعمل لتحقيق العدالة للنساء.

هل يمكن للعدالة أن تحول جريمة الى جنحة؟

اليوم ونحن نحيي ذكرى النساء اللواتي قضين بما يسمى “جريمة الشرف”، أتساءل لماذا لم تناضل النساء لتغيير اسم الجريمة، مجرد استعمال كلمة “الشرف” بعد جريمة القتل، هو اعتداء على هذه الكلمة مهما كان معناها، فالقتل هو القتل والجريمة هي الجريمة ومن الإجرام، حتى بالنسبة لفكرة العدالة كيف تحوّل جريمة قتل لفتاة أو زوجة إلى مجرد “جنحة”، وتخفف العقوبة بما يسمى الدافع الشريف.

مواد يجب أن تلغى

تقول المحامية “رهادة عبدوش”  لسناك سوري إنه «لا يكفي إلغاء المادة 548 من قانون العقوبات لمواجهة هذه الجريمة بوجود مواد تخفف من العقوبة بسبب “الدافع الشريف وفورة الغضب” وكأنها تحمي القاتل، وهي المواد 192/240/241/242، بدوره الاجتهاد القضائي يوسع الدافع الشريف وثورة الغضب، ويعطي الأسباب التي تأتي معظمها بجسد وسلوك المرأة»، وتعطي مثالاً: «الدافع الشريف يعتبر سبباً مخففاً قانونياً، لا بد من تطبيقه متى توافرت أسبابه، ولا يؤثر في قيامه بُعد المدة على وقوع الحادث، وإن استطالت عدة أشهر، مادام المتهم قد علم بوقوعه للتو، ولم تهدأ عاطفته النفسية من أثر علمه بما وقع وأثارها».

اقرأ أيضاً: عذراوات ضحايا جرائم شرف… والأعداد في إزدياد خلال الحرب

اجتهادات تحمي القاتل

أيضا العذر المخفف يحول العقوبة من وصف جنائي إلى وصف جنحي حسب “عبدوش”، و يشترط لتطبيق أحكام المادة 242 عقوبات المتعلقة بالعذر المخفف، «أي أن يكون الفاعل قد أقدم على الفعل بثورة غضب شديد ناجم عن عمل غير محق، وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه، فاستمرار العلاقة غير المشروعة بين المغدورة وعشيقها يجعل أخاها في حالة العذر المخفف إذا قتلها وهي في دار العشق، كذلك العم من الأقارب العصبات ويعادل الوالد في حالات الدافع الشريف وثورة الغضب الشديدة».

تعطي المحامية لسناك سوري مثالاً لجريمة حدثت قبل صدور قانون إلغاء العذر المخفف لما يسمى “جرائم الشرف” حين أقدم عم على قتل ابنة أخيه عندما رآها مع شخص آخر عند سور المقبرة، بعد أن تحداه المغدور بأنه يحبها وهي تحبه (كانا ييتبادلان القبل)، قتلهما معاً، وتم إخلاء سبيل القاتل بكفالة مالية قدرها ألفا ليرة سورية (دافع شريف وثورة غضب)” . والأخطر أنّ الاجتهادات القضائية لا تحصر الدافع الشريف بالمحارم فقط، إنما شملت الأقارب أيضاً.

اقرأ أيضاً: دوائر العنف تتقاطع لقتل النساء.. نحتاج قانوناً صريحاً يجرّم العنف

الدافع الشريف هو عاطفة نفسية جامحة تجبر الفاعل على ارتكاب الجريمة تحت تأثير فكرة مقدسة لديه وإن هذه العاطفة تتجدد في كل مرة يتذكر فيها الفاعل ما ارتكبته المجني عليها حسب “عبدوش”، موضحة أن الاجتهادات السابقة لأشكال فورات الغضب، وأسبابها التي تتعلّق بحماية الذكر من العقوبة في حال قتل امرأة من أقربائه، ففورة الغضب لا تنطفئ ولا تذوى، وتعود القصة للذاكرة ولو بعد حين، وتعود معها الفورة، فكيف يهدأ بال الذكر وشرفه وعرضه قد أهين، مما يبرر القتل أو الإيذاء في أي وقت.

فكرة الشرف بالنسبة للمجتمع فكرة مقدسة تستحق الدماء لصونها، وهو لا يقتصر على الأب أو الأخ بل جميع الأقارب الذكور الذين تعتبر الأنثى شرفهم، وفقاً للمحامية “عبدوش”، ما يعني أنّ من يقتل إحدى محارمه (والنساء حتى الدرجة الرابعة من القرابة)، بسبب ارتكابها الفعل (الزنى، العلاقة، السمعة السيئة)، يقتل بدافع الانتقام للشرف، وهي عاطفة لا تهدأ لذلك تُزال عنها صفة العمد، ويبقى الارتكاب قصداً، لكن بدافع شريف ولو بعد وقت زمن. فلا تقادم على أفعال النساء وعلى ارتكابهن الحق والحريّة بجسدهن، ولا يخفى أنّ هذه الجرائم المخفف عنها العقوبة، إنما تستر خلفها قصصاً مريعة من الضغط على النساء، للتنازل عن حقوقهن، أو الضغط عليهن لتشغيلهن بالدعارة واستغلالهن بأسوأ أشكال الاستغلال.

اقرأ أيضاً: التضامن مع ضحايا جرائم الشرف.. إلغاء المادة 548 مازال مهدداً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى