الرئيسيةشخصيات سورية

يوسف العظمة.. وزير في ساحة في المعركة قاومَ حتى النهاية

العظمة.. أتقن 4 لغات وأسس الجيش السوري ورفض الخضوع لإنذار غورو

في حي “الشاغور” الدمشقي يوم 9 نيسان عام 1884 ، تلقّى الموظّف في مالية “دمشق” “إبراهيم العظمة” نبأ ولادة طفله “يوسف العظمة”. الذي بقيت حروف اسمه راسخة في تاريخ “سوريا” كواحدٍ من أبطالها التاريخيين.

سناك سوري _ دمشق

لم يكمل “يوسف” عامه السادس حتى توفي والده، ليرعاه شقيقه الأكبر “عبد العزيز”، ولأن سلالة “العظمة” كانت تشتهر بانخراط أبنائها بالسلك العسكري. فقد انخرط “يوسف العظمة” بعد نهاية دراسته الابتدائية بصفوف “المدرسة الرشدية” العسكرية بـ”دمشق”.

طموح “العظمة” العسكري وجّهه إلى “إسطنبول” حيث دخل المدرسة الحربية العليا. وتخرّج منها عام 1903 برتبة ملازم ثانٍ، متابعاً تحصيل العلوم العسكرية بعد ذلك في كلية “الأركان الحربية”. التي تخرّج منها عام 1906 برتبة نقيب ركن.

لمع نجم “العظمة” في “إسطنبول” بين أقرانه، فاختير للإيفاد إلى “ألمانيا” عام 1909 حين لم يكن قد تجاوز الخامسة والعشرين من عمره. لكنه أثبت إثر دخوله “كلية الأركان البروسية” في “برلين” أنه كان الشخص المناسب للمهمة. حيث أصبح متقناً للغات العربية والتركية والفرنسية والألمانية.

مقالات ذات صلة
في مصر

لدى عودته من الإيفاد عيّن ملحقاً عسكرياً في “مصر” لكن قيام الحرب العالمية الأولى نقله إلى جبهات القتال بصفوف الجيش العثماني. على خطوط المواجهة في “بلغاريا” و”رومانيا” و”النمسا”  وحين وضعت الحرب أوزارها غادر “العظمة” “إسطنبول”.

كانت “دمشق” وجهة “العظمة” المقبلة لكنه اختير كمبعوث خاص إلى “بيروت” في فترة كانت تتقاسم فيها “فرنسا” و”بريطانيا”. تركة “الرجل العثماني المريض”، بينما كان الأمير “فيصل بين الحسين” يدخل “سوريا” ممهّداً لتأسيس مملكة يكون على عرشها.

بحلول 1920 قرر “فيصل” تعيين “يوسف العظمة” رئيساً لأركان الجيش السوري الذي سيتولّى “العظمة” تأسيسه وتنظيمه. على أسس احترافية مستفيداً من خبراته العسكرية الواسعة، ليكون ذلك واحداً من أهم إنجازات سجله العسكري.

في آذار 1920 توّج “فيصل” ملكاً على عرش المملكة السورية بموجب ما قرره “المؤتمر السوري العام”. وبعد شهرين شكّل الرئيس “هاشم الأتاسي” حكومة كان “العظمة” وزيراً للحربية فيها. لكن العسكري الخبير لم يطِل الإقامة على كرسي الوزارة.

أرسل الجنرال الفرنسي “هنري غورو” في تموز من العام ذاته إنذاره الشهير للملك “فيصل” وتضمن المطالبة بحل الجيش السوري. والاعتراف بالانتداب الفرنسي وفتح سكك الحديد أمام القوات الفرنسية، ورغم رفض “العظمة” فقد تخبّط “فيصل” في مواجهة الإنذار. وقرر الخضوع له وأمر بتسريح الجيش، لكن ذلك لم يوقِف “غورو” الذي حرّك قواته نحو “دمشق” لاحتلالها بالقوة.

اقرأ أيضاً:ساطع الحصري.. نصير الوحدة العربية ورافض الفرعونية والقومية السورية

سارع “العظمة” لحشد ما أمكنه من رجال الجيش بعد التسريح من أجل مواجهة الفرنسيين. ودفع ثمن خوف “فيصل” وتسرّعه بالخضوع لتهديدات “غورو”، وتقول المصادر التاريخية أن “العظمة” جمع بين 3 إلى 4 آلاف جندي للمواجهة.

في ساعة مبكرة من صباح 24 تموز 1920 بدأت معركة “ميسلون” أشهر معركة في التاريخ السوري الحديث. والتي رغم نهايتها المأساوية على الأرض أصبحت رمزاً معنوياً للمقاومة في وجه الاحتلال. ولم تكن لتصبح كذلك لولا قرار “العظمة” ورجاله الحؤول دون دخول “غورو” وقواته إلى “دمشق” دون مقاومة.

وأمام 9 آلاف جندي فرنسي مزوّدين بالأسلحة والعتاد والدبابات وقف “العظمة” بين المقاتلين السوريين مدافعاً عن كرامة “دمشق” وتاريخها. ولأن قامةً مثله لا يمكن أن ترحل بنهاية عادية فقد أردته القوات الفرنسية بقذيفة مدفعية أودت بحياته جسدياً. لكنها منحته خلوداً أسطورياً لم يكن الجندي الفرنسي الذي أطلق القذيفة يتوقعه.

دفن “العظمة” في أرض المعركة وأصبح أسطورة تنظر لها الأجيال السورية كقدوة في الثبات على المبادئ مهما كلّف الأمر. وليثبت صوابية قراره في لحظة اتهمه فيها كثيرون بأنه يخاطر بمغامرة مجانية. إلا أن سنوات قليلة لاحقة أظهرت كيف انتفضت البلاد بأسرها في مواجهة الانتداب مستمدةً رمزية المقاومة من اسم “يوسف العظمة”.

اقرأ أيضاً: علي رضا الركابي … أول رئيس حكومة في سوريا والأردن

زر الذهاب إلى الأعلى