الرئيسيةرأي وتحليل

دروس الحرب السورية القاسية في ذكرى آذار 2011

ماذا تعلمنا؟

هو درس قاسٍ جداً ذلك الذي تعلمناه منذ 15 آذار 2011 حتى الآن. بعيداً عن توصيفاته ومسمياته والاختلافات على مسؤولياته. فالنتيجة كانت ملايين الضحايا والمشردين. مدن وأحياء مدمرة. وذاكرة غنية بالعنف وربما مولدة له. وتكرار لنفس الأخطاء السورية تماماً كما يجب أن يكون ثمن دروس الحرب

سناك سوري – بلال سليطين

هذا الدرس لم ينته بعد وهو يدخل عامه التاسع بين مفترق طرق إما التعلم منه وترجمة هذا التعلم بسلوكيات جديدة وتعاطٍ مسؤول ومتفهم لحجم الكارثة. وإما يستمر هذا الدرس طويلاً ونتحول إلى “صف فاشل”.

قساوة الدرس لا تعني أنه غير منتج لمعرفة. فقد علَّمنا أن تحصين الداخل وتمكينه على صعيد المواطنين والمؤسسات ووإلخ خيرٌ بألف مرة من إضاعة الوقت في الحديث عن المؤامرة. فالمؤامرات موجودة منذ قرون بعيدة خلت. وربما يمكننا القول إن المؤامرات جزء من سيرورة الدول.

اقرأ أيضاً: صناعة الوهم الحرب مستمرة – بلال سليطين

لقد علَّمنا هذا الدرس أن الشعوب هي الأساس وأن أي فراغ بينها وبين السلطة سيتحول إلى هوة يعمل الخارج على ملئها بألغام متفجرة متشظية جاهزة للتفجير في أية لحظة وباتجاهات متعددة.

لقد علَّمتنا هذا الدروس أن العنف متجذر في مجتمعاتنا وهو الخيار الأكثر قرباً لغالبية أبناء وبنات مجتمعنا، وأن هذه البنية العنفية تشكل خطراً دائماً ومستمراً على البلاد خصوصاً بعد تعزيزها خلال الحرب السورية. وأنه مالم نعمل على تفكيك هذه البنية بإجراءات ناجعة وحقيقية غير تجميلية فإن العنف سيكون قابلاً للعودة من جديد في كل المناطق التي خرجت من دائرته مؤخراً. وإلى محيطها أيضاً.

اقرأ أيضاً: اللاعنف: الخيار المُغيَّب…! اليوم العالمي للاعنف

لقد علَّمنا هذا الدرس أن المشكلات لا تعالج بالتجاهل أو بالترحيل ولا بالتأجيل أو التعويل على الزمن. وإنما تعالج بالاعتراف بها والتعامل معها بواقعية لمواجهتها وحلِّها ومنع تفاقهما وتحويلها إلى نار تحت الرماد.

لقد علَّمنا هذا الدرس أن تمسيح الجوخ وتجميل الواقع ليس إلا تجميلاً لصورة أتلفها العفن والرطوبة من الداخل. ولا ينتج عن تمسيح الجوخ وتجميل الواقع إلا مفاقمة الأزمات وتسهيل توليدها. بدليل أنه قبل آذار 2011 كان المتبنون لتمسيح الجوخ وتجميل الواقع يقدمون الأمور على أن العصافير تزقزق والسماء صافية. بينما اكتُشِفَ لاحقاً أنه لا زقزقة ولا صفاء..!.

اقرأ أيضاً: في الذكرى الثامنة لـ 15 آذار خسرنا التغيير والإصلاح!!

لقد علّمنا هذا الدرس أننا بحاجة لمجتمع مدني. ولحوامل مجتمعية متينة. وأن هناك ثغرات وعيوب وأخطاء وفساد ووووإلخ من عناصر الضعف في بنية الدولة والمجتمع. وعلينا سدها وتصحيحها وتصويبها ومواجهتها ..إله.

لقد علّمنا هذا الدرس أنه علينا تضميد جراح بعضنا. وتفهم احتياجات بعضنا. وقبول اختلافاتنا إذا أردنا أن نعيش معاً لكي نبني مستقبل هذه البلاد. متسامين فوق جراحنا ووجعنا مبتعدين عن منطق المنتصر والمهزوم.

لقد علّمنا هذا الدرس أنه في الأزمات المشابهة لأزمتنا الخاسر الأخير هو الوطن. وأننا إذا كنا نحسب خسائرنا خلال مراحل الأزمة بشكل منفصل. فإننا سنحسبها في النهاية بشكل مشترك. فهي فاتورة سورية ولن يدفع ثمنها إلا السوريون.

هي فاتورة كبيرة لدرس قاسٍ جداً. لكن هذا الفاتورة ستكبر وتكبر وتكبر. مالم نتعلم من الدرس. وبأيدينا أن نجعلها بداية نهوض يوازي نهوض اليابان بعد الحرب العالمية الثانية وربما يتفوق عليها. قد يقول قائل هذا حلم. نرد عليه دعنا نحلم من جديد فقد سرقت الحرب جل أحلامنا ولنا حق توليد حلم جديد يليق بهذه البلاد الطيبة.

اقرأ أيضاً: دمشق تدفع ثمن تفريغ الإعلام والمجتمع المدني من دورهما

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى