أخر الأخبارالرئيسيةرأي وتحليل

سوريا بين الحداد والتحفّظ .. أين تقف دمشق من العدوان على غزة؟

الاحتلال يكرّر اعتداءاته على سوريا .. هل تنذر الصافرات بدخول المعركة؟

أعلنت الحكومة السورية أمس الحداد الرسمي لمدة 3 أيام تضامناً مع ضحايا مشفى “المعمداني” في قطاع “غزة” الذين قضوا جراء قصف إسرائيلي.

سناك سوري _ دمشق

وأصدرت الرئاسة السورية بياناً أدانت فيه المجزرة وقالت أنه تذكّر بجرائم الكيان الذي قام على المجازر. وتعكس استمرار نهج العصابات التي أنشأت الكيان. مضيفاً أن “سوريا” تحمّل الدول الغربية والولايات المتحدة مسؤولية المجزرة وغيرها من المجازر لكونها شريكة الكيان في كل عمليات القتل المنظّم ضد الشعب الفلسطيني.

حالة الحداد وبيان الرئاسة جاءا انعكاساً لحالة الشارع السوري. الذي أبدى تضامناً واسعاً مع ضحايا المجزرة الذين وصل عددهم إلى 1100 شخص وفق بيانات الصحة الفلسطينية. علماً أنهم كانوا في المشفى الذي يعدّ هدفاً مدنياً يمنع القانون الدولي الإنساني استهدافه.

الصفحات الرسمية للوزارات والمؤسسات العامة في “سوريا” سارعت إلى تغيير صورتها عبر فايسبوك تعبيراً عن الحداد. الأمر الذي انسحب كذلك على آلاف المستخدمين السوريين الذين عبّروا عن تضامنهم مع أهالي “غزة” في وجه ما يتعرضون له من عدوان إسرائيلي وحشي.

الوضع الميداني

على الأرض. شنّت قوات الاحتلال اعتداءات على مطاري “حلب” و”دمشق” وأعادت الكرّة على المدينتين مرة ثانية. منذ بداية المواجهات مع عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول الجاري.

كما أن الاحتلال تحدّث بشكل غير مباشر عن مساعٍ إيرانية لفتح جبهة “الجولان” المحتل. بالتوازي مع العدوان على “غزة” في ظل تحذيرات من توسيع دائرة الصراع وتحوّله لحرب إقليمية شاملة مع حضور حاملتَي طائرات أمريكيتين إلى شرق المتوسط. للإعلان بشكل صريح ومباشر عن دعم كيان الاحتلال في أي مواجهة والقول أن “واشنطن” ستكون حاضرة إلى جانبه في حال توسّع النزاع وفتحت الجبهات الأخرى.

في حين. لم يصدر أي إعلان سوري مباشر ورسمي عن المشاركة في الصراع أو تبنّي أي ضربات من جبهة “الجولان”. إلا أن الرسالة السورية جاءت عبر تجربة صفارات الإنذار في “دمشق” و”اللاذقية”. والتي كانت تحمل ضمناً تعبيراً عن التأهب والجاهزية السورية لحدوث أي طارئ بما في ذلك الحرب المفتوحة.

سوريا لم تعد كما كانت

على المستوى السياسي. فإن قراءة المشهد توضح أن مكانة “سوريا” الإقليمية سياسياً لم تعد كما كانت عليه قبل عام 2011.

فبينما كانت “دمشق” ممراً إجبارياً لأي تفاوض بشأن القضية الفلسطينية والصراع مع الكيان. قبل أن تندلع الأزمة المستمرة منذ 12 عاماً، فقد خفت بريق حضورها خلال العدوان القائم حالياً وغابت عن كثير من الجهود الدبلوماسية. الأمر الذي يظهر أنه جزء من الضرر الذي تعرّض له دور “سوريا” السياسي بعد 2011.

رغم ذلك. فقد زار وزير الخارجية الإيراني “حسين أمير عبد اللهيان” العاصمة السورية. ووصل إليها براً من “بيروت” بعد قصف الاحتلال لمطار “دمشق”. ليظهر إصراره على الزيارة برغم المخاطر واللقاء مع الرئيس “بشار الأسد” الذي تلقّى قبل ذلك اتصالاً من الرئيس الإيراني “إبراهيم رئيسي” لبحث التطورات في “غزة”.

أما الاتصال الأول الذي استقبله الرئيس “الأسد” فكان من نظيره الإماراتي “محمد بن زايد”. فيما غابت تفاصيل الاتصال عن بيان الرئاسة السورية.

كما تصدّرت الأوضاع في “غزة” الاتصال الهاتفي الذي جمع الرئيس “الأسد” بنظيره الروسي “فلاديمير بوتين”. إلى جانب مروحة واسعة من الاتصالات حول الوضع الراهن أجراها وزير الخارجية “فيصل المقداد” مع نظرائه المصري والتونسي والعماني وغيرهم. فضلاً عن لقاءاته على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي خرج ببيان رحّبت “دمشق” بإدانته للعدوان لكنها تحفّظت على عباراتٍ وردت فيه رأت أنها قد تفهم بأنها مساواة بين المحتل الإسرائيلي والشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال.

رغم ذلك فإن الكمّ الهائل من التحركات الدبلوماسية في المنطقة. وزيارات الوفود الدولية والاتصالات المكوكية التي لا تتوقف. لم تبدِ اهتماماً بـ”دمشق” كلاعبٍ أساسي في الصراع مع الكيان. لا سيما وأنها بقيت إلى جانب “لبنان” فقط رافضةً للتطبيع مع الاحتلال بين دول الطوق. إلا أن تأثيرات الحرب وما أسفرت عنه من إضعاف لبنية الدولة السورية ومكانتها الإقليمية وتحجيم لنفوذها على مستوى المنطقة. أدى في نهاية المطاف إلى تهميش الدور السوري لدى الحديث عن مآلات الصراع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

11 يوماً على العدوان

بعد مرور 11 يوماً على عدوان الاحتلال ضد الفلسطينيين في “غزة” بدت مجزرة “مشفى المعمداني” في 17 تشرين الأول. الأكثر وحشية منذ عقود. إلا أن وقعها على الشارع السوري كان مختلفاً، فقد استعاد السوريون مشاهد القصف والدم التي طالت مدنهم وأحياءهم خلال سنوات.

وذلك بعد أن اختبروا جيداً شعور الفقد والنزوح وويلات القصف والدمار. بينما يتكرر المشهد في ظل صمت دولي عن واحدةٍ من أفظع المجازر في العصر الحديث يتلقّى مرتكبوها الدعم والثناء من معظم الدول الغربية. ويبقى الشعب الفلسطيني الأعزل دون حماية أو مساندة في وجه آلة قتل وحشية تستبيح دماءه على الدوام.

زر الذهاب إلى الأعلى