الرئيسيةيوميات مواطن

مصروف طالب/ة.. رفاهية المحاضرة الورقية وأرستقراطية فنجان القهوة

طالب الجامعة السوري... استراحة بين الشوطين مؤجلة لما بعد المباراة

إذا تَمكنتُ من شراء المحاضرات الورقية أشعر أنني مرفَّهٌ جداً. لو اشتَريتُ فنجان قهوة خلال يوم جامعي طويل تقول عني صديقاتي أرستقراطية. حياتي كطالب/ة سوري/ة في الجامعة وخارجها عبارة عن مباراة من شوطين الاستراحة فيها مؤجلة لما بعد انتهائها غير المعلوم.

سناك سوري – جولي زوان

هذه ليست قصة قصيرة ولا حلقة من مسلسل كوميدي سوري، بل هي واقع غالبية طلاب جامعة تشرين والجامعات السورية بظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الحالية. وعدم قدرته/ا وعائلته على تأمين مصاريفه اليومية اللازمة والضرورية لحياته الجامعية والتي أصبحت تسمى “رفاهية”. بينما الرفاهية كرحلة مع الأصدقاء في يوم عطلة باتت تسمى انفصالاً عن الواقع وربما أكثر.(معقول بدك تروح رحلة ونحنا ما معنا ندفعلك حق المحاضرات).

الطالبة بيلسان… أنا إنسان

الإنسان العادي في الدول الطبيعية لديه كهرباء في المنزل.. أما بيلسان 20 عاماً فهي واحدة من قرابة 20 مليون مواطن/ة في سوريا تأتيهم الكهرباء لساعات محدودة في اليوم. لذلك فهي تذهب إلى المقهى للعمل على الحاسوب مستفيدةً من توفر انترنت وكهرباء.

“بيلسان هبرا” طالبة هندسة من المفترض أن تساهم مستقبلاً في “إعادة إعمار البلاد”. لكنها حالياً تحتاج بنك يساهم لها بـ قرض 10000 ليرة سورية نفقات المقهى التي تتعلم فيه على برامج الهندسة. أو من يجد لها بديلاً تتوفر فيه الكهرباء والانترنت لتنفيذ واجباتها العملية الجامعية فيه. (بلكي بيسمعوها بالجامعة وبخصصولها مكان فيو انترنت وكهرباء.. يا إلهي لو تظبط).

تحتاج بيلسان ومثلها آلاف الطلبة لقرض يسمونه “قرض المقهى” حيث تكلف أقل جلسة في المقهى حيث يتوفر الانترنت والكهرباء 10000 ليرة سوريّة يومياً

استراحة بين الشوطين … مؤجلة لبعد المباراة

عندما يشاهد طالب الجامعة السوري مسلسلاً أو فيلماً أو يقرأ عن جامعة في دول “طبيعية” فإنه يكتشف أن الشباب في المرحلة الجامعية يذهبون في رحلات ترفيهية. لديهم مصروف جامعي يصرفونه على احتياجات شخصية “غير تعليمية”.

وعلى الرغم من أن إستراحة مابين الشوطين هي ضرورة ليلتقط اللاعب قصدي الطالب في مباراة الحياة والجامعة أنفاسه ويستمر. إلا أننا في سوريا كطلاب من الأسر ذات الدخل المحدود وما أكثرنا بات كل شيء بالنسبة لنا رفاهية.

“غزل أيوب” طالبة هندسة 21 سنة تشعر بضيق شديد لأنها عاجزة وصديقاتها عن تنفيذ رحلة ترفيهية نحو صلنفة في ريف اللاذقية بعد الامتحانات للترفيه عن الضغط الذي عاشوه. فبالنسبة لها مصاريف الرحلة قد تتجاوز مخصصاتها المالية المقدرة للتعليم على مستوى شهر كامل. فلا مخصصات لديها للترفيه الذي طُرد من حياتها بالبطاقة الحمراء منذ أن دخلت أرض المعلب قصدي الجامعة.

رفاهية الحصول على أساسيات التعليم

أيضاً في الدول الطبيعية (يلي التعليم عندها مجاني كمان) تُوزَّع المحاضرات بشكل مجاني وتُقدَّم للطلاب في القاعات. وفي بعضها يقدَّم للطلاب أجهزة حاسوب كنوع من دعم التعليم لديهم. (لكن شو بدنا بالثانية خلونا بالأولى المحاضرات).

المحاضرات الورقية تكلف الطالب/ة 5000 ليرة والنسخ الرقمية pdf تسبب مشكلات للعينين اذا قرأت على الهاتف المحمول

في جامعة تشرين باللاذقية تُباع المحاضرات بالمكتبات الخاصة وعلى الطالب/ة أن يشتريها بـ 5000 ليرة ويختلف السعر حسب الكلية والمكتبة والعروض. ولأن الطالب ليس في جيبه هذا المبلغ فإنه يختار المحاضرات الرقمية. وهي بالمناسبة خيار جيد جداً صديقة للبيئة وأقل تكلفة وأكثر جدوى اقتصادية. لكنها الأقل فائدة طبية فعينا “حلا جردي” 21 عاماً طالبة في جامعة تشرين تؤلمانها من صعوبة قراءة المحاضرات على شاشة هاتفها المحمول. فمعظم الطلاب في جامعة تشرين لا يمتلكون حواسيب (كمبيوتر يعني) وليس لديهم ثمن بطاريته فكيف بثمنه. وبالتالي يتحول الهاتف المحمول إلى الأداة الرئيسية لهم, (ومحسوبكم الموبايل صغير وخطه صغير وأصلا بوجع العيون).

و”حلا ” لا تنتهي مشكلتها عند عينيها فجيوبها تؤلمها حتى ولو وفّرت بأسعار المحاضرات فإنها غير قادرة على نقل الجامعة إلى قريتها. وبالتالي فهي مضطرة للذهاب إليها يومياً ودفع 5000 ليرة سورية ثمن مواصلات. وتكلفة المواصلات لوحدها تعني أن مصروفها “انتهى” قبل حتى أن تصل جامعتها.

طالب العمارة.. من يبني له طابق طعام في معدته؟

يحتاج طلاب العمارة في جامعة تشرين لشوط إضافي بعد مباراة يومهم حتى يستطيعون اللحاق بركب كليتهم “صاخبة الدوام الطويل”. وهو ما يرتب عليهم قطعاً أن يتناولوا طعاماً في الجامعة وكذلك تناول بعض المشاريب التي ربما تكون منبهات.(قهوة شاي).

“لمار” 20 سنة طالبة عمارة تحتاج 4000 ليرة سورية ثمن فنجان قهوة في كل يوم دوام طويل بالجامعة هذا ما يسميه أصدقاؤها وهي أحياناً.”المشروب الأرستقراطي للطالب الجامعي”.

صورة تعبيرية من من مسلسل جميل وهناء/انترنت

يضاف إلى ذلك فإن دراستها غير ممكنة من دون انترنت وبالتالي فهي تحصل على باقة إنترنت تكلفتها “70000” ليرة. وكل أول شهر تكاد تصاب بجلطة عندما تدفع هذا المبلغ. (تخيل/ي مثلاً راتب الموظف 280 ألف ليرة وسعر باقة انترنت لأحد أولاده في الجامعة يعادل ربع راتبه!).

وبالتالي فإن طالب العمارة الذي من المفترض أن يشارك في إعادة إعمار سوريا (قريباً) لا يستطيع شراء “سندويشة فلافل” يسد بها جوعه خلال دوام كليته الطويل. وبدل أن يفكر في مستقبله ودوره بإعادة الإعمار ينشغل بكيفية إعمار طابق طعام في معدته الفارغة.

لسان حال طالب الجامعة في اللاذقية يقول متى يأتي “بكرا الأحلى”. وبعضهم يقول كلمات “+18” نعتذر عن ذكرها من أجل القراء – 18.

زمالة سناك سوري 2024.

 

زر الذهاب إلى الأعلى