الرئيسيةلقاء

القش: الأسرة السورية استنفذت طاقاتها ولم تعد تنفعها استراتيجيات التأقلم

رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة: الأسرة السورية فقدت خلال الحرب أهم حاجة من حاجات الإنسان وهي الأمان

سناك سوري – لينا ديوب

استنفذت الأسرة السورية جميع استراتيجيات التأقلم التي اعتمدتها لمواجهة آثار الحرب عبر السنوات التسع الماضية، حسب ما قاله رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان الدكتور “أكرم القش”، فعاشت خلال تلك السنوات جميع أنواع الأخطار الخارجية وتعرضت للتشريد، والهجرة، والإصابات، والقذائف، ففقدت أهم حاجة من حاجات الإنسان الأساسية وهي الأمان، لكنها مع ذلك عادت لصنع أمانها بيدها وحاولت أن تتكيف مع مختلف الظروف الصعبة التي مرت بها.

وتنوعت الاستراتيجيات التي اعتمدتها الأسرة حسب حديث “القش” مع سناك سوري بمناسبة يوم الأسرة العالمي، من ناحية تغيير الأعمال حيث يقول:« أصبح السوري يبحث عن أي فرصة عمل حتى لو لم يكن مختص فيها أملاً بزيادة فرصه، ووظف مدخراته لاستمرار عيشه، إلا أن حالة التكافل الاجتماعي التي عاشها في بداية الحرب تحولت لاحقاً بسبب طول مدة الأزمة إلى مشكلات وخلافات عائلية، نتيجة فقدان الاستقلالية وزيادة الأعباء، ولابد من الإشارة إلى أن حالة التكافل الاجتماعي التي برزت في الحرب لم تكن موجودة سابقاً، وظهرت بوضوح عندما قدمت الأسر المشردة من أماكن مشتعلة إلى أماكن أكثر أماناً فاستقطبتهم الأسر التي ترتبط معهم بصلة قربى».

بدأت بعض الأسر بالهجرة ليس فقط بحثاً عن الأمان وإنما بحثاً عن سبل عيش أفضل، وبالإضافة إلى الخطر الخارجي الذي شعر به السوريين، كان هناك نوع من الخطر الداخلي المتمثل بالمنتفعين ومستغلي الأزمات الذين ينشطون عادة في الحروب، لكن وبحسب “القش”، بعد الانفراج وعودة الأمل بأيام أفضل، لاسيما عندما سيطر الجيش نهاية 2015 وبداية 2016 على كثير من المناطق السورية، بدأ الناس يستعيدون توازنهم وبدأ البعض يفكر كيف يمكنه تجاوز الظرف وترميم فجواته السابقة، إلا أنه سريعاً ما اتضح لهم أن الحرب لم تنته، وهناك هجمات أخرى قادمة، اقتصادية واجتماعية.

رغبة الناس بالعودة للحياة حينها، اصطدمت بالحصار الاقتصادي الكامل، فتوقفت مستلزمات الحياة الأساسية من نفط وغاز وطحين، ما جعل الناس يشعرون بتعثر عمل الحكومة والتركيز على سوء الإدارة أكثر من الإمكانيات المحدودة، وكانوا على حق نوعاً ما، لأن هناك خلل في إدارة الأزمة وهذا ما فاقم المشكلة.

اقرأ أيضاً:مدير شؤون الأسرة: نعمل على حماية النساء المُعنفات والمُبِلغين عن التعنيف

كورونا

ومع  أزمة كورونا يقول رئيس هيئة الأسرة :«إن الأسرة استنفذت طاقاتها ولم يعد ينفعها أي استراتيجيات تأقلم، فالأسرة  السورية اليوم أمام خيارات صعبة، فإذا خرج أفرادها لممارسة حياتهم الطبيعية سيتعرضون لخطر الإصابة بالفيروس، واذا لم يمارسوها سيكون الفقر أمامهم ، وشريحة كبيرة من الناس ليس لديها خيار إلا أن تخرج، فالضغوطات التي تعيشها الأسرة اليوم كبيرة، وإمكانيات التأقلم أصبحت محدودة جداً».

تحتاج الأسرة لتجاوز هذا الواقع الصعب، حسب “القش”، إلى عملٍ على المستوى المحلي وعلى مستوى الأسرة نفسها، كإعادة استثمار ما لدينا من قدرات وإمكانيات، والتفكير بآلية من خارج الصندوق لتتمكن من العمل على الخيارات المتاحة جميعها والبحث عن البدائل، بما في ذلك موضوع الأنماط الاستهلاكية.

عن دور الهيئة يقول “القش” :«الهيئة ليست جهة تنفيذية وظرف كورونا منعنا من الحركة وكانت مساهماتنا بالاشتراك مع الجهات التنفيذية، بدعم بعض الأسر بالمعقمات والمنظفات مع دعم نفسي في المحافظات وهي محدودة، واليوم الظرف الضاغط هو الوضع المعيشي وهو النقطة الأساسية ومساهمات الهيئة في هذا المجال متواضعة لأنها ليست من طبيعة عملها».

وفيما يتعلق بالبحوث قال “القش”:«خلال فترة الحرب لم نقم ببحوث مسحية شاملة، وإنما بحوث عن آثار الحرب وما تركته من فجوات، مثلاً الزواج المبكر كان عند بعض الأسر من استراتيجيات التأقلم بسبب الضغط المعيشي ولتوفير الإنفاق على الفتاة ونوع من الحماية خاصة بالمناطق غير الآمنة، في الوقت نفسه تراجع دور النساء والفتيات لأنهم انقطعوا عن التعليم لمجموعة أسباب منها دمار المدارس و انعدام الأمن» موضحاً أنه بمرحلة قبل الحرب كان هناك تراجع بنسب الزواج المبكر وارتفاع سن الزواج للفتيات بالمتوسط لأكثر من 25 وللشباب لأكثر من 30.

اقرأ أيضاً:“سوريا”.. الزواج المبكر ينتعش خلال الأزمة والنسبة وصلت إلى 46 %

مع الحرب برزت ظاهرة النساء المعيلات وكان لذلك جانب إيجابي وآخر سلبي حسب “القش” :« الايجابي هو زيادة مساهمة المرأة بقوة العمل، والسلبي أن النساء دخلوا اضطراراً إلى سوق العمل غير ممكنين».

عودة الأسر

وعن عودة الأسر المهجرة يقول “القش”:« لا تملك الهيئة بيانات دقيقة عن عدد العائدين، إلا أنها عملت على خلق الظروف الآمنة لتسهيل عودة الأسر إلى “سوريا”، وتلبية احتياجات دور الإيواء وتسهيل عودة الناس إلى مناطقهم بين عامي 2015-2017 بهدف أن لا يبقى أحد داخل “سوريا”  في خيمة أو مكان إقامة مؤقت.

اقرأ أيضاً:“القش”: «كونوا واعين ولا تكتروا ولاد»!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى