الرئيسيةشباب ومجتمعمعلومات ومنوعات

في الإذاعات السورية.. كيف رأى الناس بآذانهم؟

في اليوم العالمي للراديو: أم كامل وحكم العدالة ماتزال حية في مسامع السوريين

دخلت الإذاعات السورية إلى رؤوس الناس عبر آذانهم، في زمن كانوا فيه بأمس الحاجة لمن يسمع همومهم و يوصل أصواتهم، ليصدح صوتاً عالياً من شارع “بغداد” في العاصمة “دمشق” معلناً وصول من سينقل تلك الأصوات يوم الثالث من شباط عام 1947 بعبارة “هنا الإذاعة السورية من دمشق.. إذاعة كل العرب” بصوت الإعلامي السوري “يحيى الشهابي” لتبدأ الحكاية.

سناك سوري – ناديا المير محمود

استلمت “إذاعة دمشق ” دفة القيادة في غياب الوسائل التي تظهر أوجاع السوريين وقضاياهم، وحرصت على مواكبة الأحداث المحلية والعربية مع التركيز على تسليط الضوء على أحوال الناس ومسايرة تطلعاتهم، لتنجح في كسب حاسة السمع مطلقة العنان لخيال المستمع في التخيل ورسم الصور لما يسمع.

بكلمات لطيفة واعتمادهم على الفكرة والمؤثرات الصوتية، استطاعت كوادر الإذاعة استقطاب الجماهير، حول ذاك الصندوق الخشبي بما سمعوا من خلاله من قصص وأخبار وصلت لقلوبهم وعقولهم، عرضت معظمها من خلال أعمال درامية إذاعية بأسلوب اتسم بالعفوية المليئة بالحقيقة وكانت انطلاقة للدراما السورية قبل وصول التلفزيون والسينما كنافذة نطل من خلالها على المجتمع الذي نعيشه بمشاكله فأصبح الراديو مصدر ثقة للجميع.

“نعم للراديو.. للثقة ” شعار عام 2022 في اليوم العالمي للراديو الذي حددته المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في الثالث عشر من شباط في كل عام يوماً عالمياً للاحتفال به، ويرجع ذلك الاختيار إلى اليوم الذى بدأ فيه بث أول إذاعة في عام 1946.

وبمناسبة هذا اليوم العالمي يقدم سناك سوري نبذة عن عدد من الأعمال الدرامية الإذاعية التي خلدها هذا الاختراع والتي تركت بصمتها في مخيلة كل من عاصرها.

بداية مع تأسيس “إذاعة دمشق” ظهرت أولى الأعمال الإذاعية على يد الإعلامي الراحل “ممتاز الركابي” بالتعاون مع عدد من الفنانين الشباب والهواة من خلال تمثيليات ساهم في تقديمها عدد من الفنانين منهم: “حكمت محسن”، “أنور البابا”، “تيسير السعدي” و”فهد كعيكاتي”، و”هدى الشعراوي” متضمنة قصصاً حياتية متداولة ذات تأثير منها:

“صابر وصبرية” وهي دراما اجتماعية تميزت بالطرافة وكوميدية الموقف رشيقة الحوار انتشرت بفترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي ولاقت رواجاً في الشارع السوري والعربي بطولة تيسير السعدي مع زوجته صبا المحمودي، ومن تأليف وليد مارديني وإخراج تيسير السعدي.

أما شخصية “أم كامل” فقد مثلت النموذج الحي للمرأة الدمشقية التي تتمتع بحلاوة حديثها وصوتها، قام بدورها “الفنان الراحل أنور البابا “عبر سلسلة ضمت العديد من القضايا الاجتماعية الناقدة والهادفة كـ “حكايا أم كامل”، “صالون أم كامل”، “أم كامل حول العالم” وكانت من تأليف “أنور البابا” ومجموعة كتاب.

أم كامل

اقرأ ايضاً: “في رحاب الجزيرة”.. البرنامج التلفزيوني الذي فرض “حالة الطوارئ” في الحسكة!

كذلك برنامج “حكم العدالة ” الذي انطلق في السبعينات، وهو ذو طابع بوليسي استمد قصصه من قضايا موجودة في ملفات القضاء السوري والعالمي، متوجهاً إلى جميع الشرائح الاجتماعية و بمختلف الأجناس و الأعمار بأسلوب بسيط، وتمكن من التأثير عليهم من خلال القيم والرسائل التوعوية التي ضمها وتعريفهم بزوايا القضية المختلفة، وقد تناوب على إخراجه عدد من مخرجي الإذاعة وشارك في حلقاته الكثير من النجوم السوريين، وهو من تأليف المحامي والكاتب الدرامي السوري “هائل اليوسفي”،  وقد حقق رواجاً كبيراً ولا يزال بثه قائماً على الموقع الإلكتروني الرسمي للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون إضافة إلى منصتي “يوتيوب” و”ساوند كلاود”.

وإلى برنامج “يوميات عائلية” الذي كان بمثابة استكمال لــ “صابر وصبرية” من بطولة الفنان الراحل “عصام عبه جي” والفنانة “وفاء موصللي”، يحكيان فيه يوميات زوجية بقالب كوميدي بعيد عن المبالغة، وهو من تأليف “عبد الكريم اسماعيل” وإخراج “مروان قنوع”.

صابر وصبرية

شهدت الدراما الإذاعية تطوراً  كبيراً نابعاً من إيمان العاملين في هذا القطاع بضرورة الاستمرار بتقديمه، كمدرسة قائمة وواجب النهوض بها أمر هام جداً، فطبيعة الإذاعة المرنة وسهولة وصولها وسرعة الإنتاج، أملكها الفرصة لتضم الكثير من الأفكار النابعة من هموم وقصص الناس وتحويلها إلى فكرة درامية تعرض خلال أيام قليلة وهذا ما يصعب على الدراما التلفزيونية فعله، ورغم تقدم عمرها نراها تصارع من أجل البقاء، فسلطان الراديو لم يقتصر على الأثير بل وصل الفضاء الافتراضي فأصبح بإمكان المستمعين الوصول إلى المحطات الإذاعية دون حاجة إلى مذياع بواسطة الانترنت والتطبيقات الموجودة على أجهزة الهواتف الذكية لنبقى على السمع متى نشاء.

اقرأ أيضاً: الذكرى 73 لعبارة “هنا دمشق” التي أطلقت الإذاعة

زر الذهاب إلى الأعلى