إقرأ أيضاالرئيسيةتقارير

معركة ركوب السيرفيس تقتل واحداً من أصل 12 شخصاً

سناك سوري – فاديا بركات

“شي مرة كوبست بتعب مبارح واليوم وبكرى.. فقت مستعجل ومزعور وطارت نكهة الصبح من حياتك.. نزلت عالشارع ركض وما بتعرف ليش؟! لتكتشف بعدين إنك طاير بانتظار تلاقي مقعد بالسرفيس لتوصل عدوامك بدون تأخير؟!”.

هذا حال الموظفين والمدرسين والطلاب في معظم الأرياف السورية ومنها ريف اللاذقية وتحديداً ناحية “الفاخورة” التي تنحدر منها “سمر فوزي” وهي مدرسة، “فوزي” تتكرر معاناتها منذ 8 أعوام كل يوم باستثناء يوم العطلة، فهي تسكن في منطقة مزدحمة بالركاب ما يجعلها تخوض معركة الركوب بالسيرفيس ذهاباً وإياباً.

تقول “فوزي” لـ سناك سوري:«كثيراً ما أخسر معركة السيرفيس وألجأ إلى التكسي التي توصلني إلى مفرق الجوبة (نقطة مرور حيوية) ومنها أستقل سرافيس جبلة إلى اللاذقية، لكن هذه العملية إذا تكررت 4 مرات بالشهر ذهاباً وإياباً ينتهي ربع راتبي».

تبذل هذه المدرسة نصف طاقتها اليومية من أجل ركوب السيرفيس تقول: «أصل إلى عملي منهكة تماماً أشتُمُ الحياة والروتين والمواصلات والعمل، لكن ماذا أفعل أنا بحاجة الراتب».

المعاناة تتجسد في رحلتي الذهاب للعمل والعودة تقول “فوزي” وتضيف:«ننتظر ساعات في الكراج، وكلما أتى سرفيس يتبدد المشهد هنا ويتراكض الناس إليه بالدفش والركل لا يوجد مشكلة لديهم المهم حجز المقعد، نجلس “تلاتات أربعات وأحياناً خمسات”، وإذا لم ينجح الأمر ألجأ لركوب سرفيس جبلة مرة ثانية في طريق العودة وأخذ تكسي من مفرق الجوبة إلى منزلي، وحالي حال الكثيرين في قرى ناحية الفاخورة».

يبدو أن النساء يعانين أكثر من الرجال في هذه المعركة، تقول ذلك “داليا عثمان” وتتابع:«لقد أصبحت أكره الريف والقرية والطبيعة وأحلم بالتخلص من هذه المعاناة بأي شكل».

منذ ست سنوات و”داليا” تعيش هاجس السرفيس، وإيجاد مكان لها فيه، تقول لـ سناك سوري: «لقد لجأت للتعرف على سائقي تكاسي الأجرة الذين ينزلون صباحاً إلى المدينة للعمل ليحجزوا لي مقعداً، فهم يتقاضون أجرة 150 ليرة على الراكب اي ضعفي أجرة الباصات، إلا أن هذا الأمر أفضل من دفع 500 ليرة لتكسي أجرة خاصة تقلني إلى مفرق الجوبة، لكن المشكلة تكمن أني سيدة وقد اضطررت لتغيير رقم جوالي عدة مرات بسبب معاكسات السائقين».

تضيف السيدة “عثمان”: «في الصيف الأمر أهون حيث عطلة طلاب الجامعة ولا روضات أو مدارس ليتعاقد معها سائقي السرافيس، وأما في الشتاء فتلك هي المصيبة، ولا تسألوني كم مرة وصلت إلى عملي وأنا مبللة بالمياه تماماً جراء الانتظار تحت المطر، أفكر جدياً بالانتقال للسكن في المدينة وأنتظر أن ترخص الآجارات قليلاً».

أداء الموظف وكذلك الطالب وغيرهم من البشر يتراجع بشكل كبير خلال يومه بعد هذه المعاناة التي يعيشها، هكذا يقول الأخصائي النفسي “أمجد أسعد”، ويضيف: الإزدحام والانتظار لوقت طويل في الصباح إضافة لصراخ السائقين والإهانات المتطايرة منهم للركاب هي عوامل تؤدي إلى الشعور بالإحباط والقلق يومياً يضاف إلى ذلك معاناتهم من شدة الحرارة صيفا أو زمهرير البرودة شتاء».

يضاف إلى ذلك أن هذه المعاناة تولد جواً من التوتر خلال اليوم يعرقل الراحة النفسية بحسب “أسعد” الذي يرى أنها تساهم في تخفيض إنتاجية الموظف سواء في القطاعات الخاصة أو العامة وينعكس سلباً على دوره ضمن المنزل.

ولا يسبب الازدحام سوء المزاج وتدني الإنتاجية وكثرة أخطاء العمل فقط، وإنما قد يسبب الوفاة أيضا، فالدراسات الحديثة تشير إلى أن واحداً من بين كل 12 شخصاً في العالم يصاب بأزمة قلبية جراء الازدحام الخانق سواء (المروري أو انتظار الباص أو الانتظار أمام الأفران أو المؤسسات الاستهلاكية، …الخ) ، والأشخاص الذين يواجهون مشكلة الازدحام، ترتفع لديهم احتمالات الإصابة بالأزمات القلبية بمعدل ثلاث مرات مقارنة بغيرهم.

وبالنهاية نيالو اللي بيقدر يلجأ للحلول البديلة وللأمانة والصدق نحنا شعب صلب يفتح عيونه على مقاومة ويغمضها على صمود وعنفوان، عزيزي المواطن ما تنسى تتمتع بلياقة وخفة لتفوز بمقعد وبطريقك توضأ لتصلي صلاة الذهاب وركعة الإياب ومن شدة الجفاف يمكن تضطر لصلاة الاستسقاء وانهمار نعمة السرافيس!.

أما أنت عزيزة الحكومة وزملاؤك في القطاع الخاص، فهذا سبب من أسباب تراجع أداء الفرد في مؤسساتنا السوري ومحدودية انتاجه، يضاف إليه عشرات الأسباب الأخرى التي لا يبدو أنكم مهتمون بها.

انتظار وانتظار
يابتلحق يا ما بتلحق
هو السرفيس وين؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى