الرئيسيةشباب ومجتمع

الأعباء المادية تهدد مواهب شبابية وتكلّف الأهل فوق طاقتهم

أجور التنقل وارتفاع ثمن الآلات الموسيقية وأجور التدريب.. من يدعم المواهب الشابة؟

تنحسر مساحات مشاركة الشباب في الموسيقا أو الرياضة وأي من المواهب الأخرى، شيئاً فشيئاً. حيث بات الحصول على تدريب فيها مشروطاً بتوافر الإمكانيات المادية التي حُرم منها قسم كبير من اليافعين والشباب. ما أدى لاختصار أنشطتهم وتدريباتهم وبالتالي تراجع لحضور الشباب التنموي.

سناك سوري-رهان حبيب

“رنيم، ونسمة، وعلاء أبو فخر” انضموا بعد عناء شديد للأوركسترا الوطنية التابعة لوزارة التربية، وكانت فرحتهم عامرة بهذا النشاط. لكن اليوم جرى اختصار الأنشطة بسبب ارتفاع أجور النقل بين “السويداء” حيث يعيشون، و”دمشق” مكان الأنشطة.

“علاء” طالب ثالث ثانوي وعازف تشيللو، أما “رنيم” طالبة بالصف الأول الثانوي وعازفة كمان. بينما “نسمة” بالصف الخامس الابتدائي، وهي أصغر عازفة كمان في الأوركسترا الوطنية للتربية.

رنيم أبو فخر

والثلاثة حققوا نجاحاً كبيراً بالانضمام لهذه الأوركسترا، لكن تكلفة النجاح كبيرة جداً على الصعيد المالي فقيمة الآلات التي يعزفون عليها كبيرة جداً وتصل إلى مليون ليرة للنوع الجيد.

إلا أن المعضلة الأخرى المتمثلة بالنقل تضاف إلى صعوبة تأمين الآلات اللازمة لجيل الشباب من أجل تفجير مواهبهم. فالموهوبون الثلاثة من آل “أبو فخر” يحتاجون في كل مرة يتنقلون فيها إلى التدريبات أو الحفلات بالعاصمة لما بين 100 و200 ألف ليرة سورية. وهي تدفع للسيارة التي ستتكفل بنقلهم مع الآلات.

اقرأ أيضاً: غزل وجلنار.. مهندسة وطالبة طب اتخذتا من العزف مهنة
إصرار على المتابعة

يحز في نفس اليافع “علاء” أنهم اضطروا للاختصار بالحضور، رغم أنهم بذلوا جهوداً كبيرة ليصلوا إلى هذا المستوى فيه. ويضيف لـ”سناك سوري” أن الأجور والاحتياجات أكبر بكثير من القدرة المالية رغم الإصرار على المتابعة.

“رنيم” عازفة الكمان ومتفوقة دراسياً ورياضياً كونها بطلة المحافظة لخمس سنوات بكرة الطاولة. اعتبر والدها المدرس ووالدتها وهي معيدة في الجامعة أن كلف التدريب لها ولأخوتها منذ الصف الأول أهم من الطعام والشرب، كما تقول.

علاء أبو فخر

وتضيف، أنها مع شقيقتها بدلنَ الآلات ثلاث مرات بأسعار مرتفعة جداً، دفعتها العائلة على دعم المواهب. متخلية عن الكثير من الاحتياجات الأخرى.

ولا تنسى الشابة كِلف التدريب المرتفعة التي اضطرتها لاعتماد التدريب الذاتي. بينما تكفلت بتدريب شقيقتها الصغرى لتخفف التكاليف ويتابعنَ ما نجحنَ به.

تحتاج المواهب من أمثال رنيم لدعم حكومي ومجتمعي لتطوير الخبرة والمعرفة لديهم. فكيف ليافعين وعائلات من ذوي الدخل المحدود دفع مبالغ تتراوح بين ١٥ الى٢٥ ألف ليرة سورية عن نصف ساعة تدريب!. هذا الأمر يجعل تنمية المواهب محصوراً بالميسورين.

عمل إضافي

لا يقتصر الأمر على الموسيقى، فدعم الرياضة أيضاً يحتاج لعمل إضافي للوالدين لتأمين احتياجات الأبناء كما حصل مع والد رنيم. الرجل الذي اضطر لعمل آخر لتوفير ثمن مضرب التنس لابنته والذي تجاوزت قيمته 800 ألف ليرة لمضرب التنس.

الحال لايختلف كثيراً عند “مجد السلامي” طالب الصف التاسع يعشق كرة القدم ويحرص على تنمية مهارته بما توافر بين يديه من فرص. ليحصل على فرصة التدريب مع النادي العمالي بأجور تتراوح بين عشرة آلاف وأكثر بقليل لعدة حصص تدريبية في الشهر. وهو يعلم أنه بحاجة لساعات أكثر لكنها ستتجاوز عشرات الآلاف في حال سجل مع نادي خاص.

مجد السلامي لاعب كرة قدم

يضيف “مجد”: «بفضل التميز أصبحت ألعب اليوم مع فريق المحافظة وهنا فرصة الحصول على الملعب لساعات تدريبية تكون أكبر. لكن ذلك لا يخفف على اللاعب كلفة الحصول على التجهيزات مثل اللباس الرياضي والأحذية التي يتجاوز سعر الزوج الواحد منها مائة وخمسين ألف ليرة سورية».

وتلك الكلف تضاف إلى كلف أخرى أكبر، فـ”مجد” يستعد لامتحان الشهادة الإعدادية، وما يتطلبه من دروس خصوصية في بعض المواد.

تتحول مواهب اليافعين والشباب في هذه الأيام إلى عبء مادي كبير على الأهالي. الأمر الذي يجعل توفير مساحات مجانية لهذه المواهب أمراً هاماً جداً وهنا يقع الأمر على عاتق المؤسسات الحكومية الثقافية والرياضية. وكذلك على مؤسسات المجتمع المدني والمجالس المحلية في توفير مراكز مجانية تدعم المواهب وتؤمن لهم المساحة والاحتياجات. وإلا ستبقى الموهبة محصورةً بمن لديهم القدرة المالية وستتراجع مؤشرات التنمية وتتحول الثقافة والرياضة إلى “حلم ذوي الدخل المحدود” بعد أن كانوا ملاذهم.

اقرأ أيضاً: الناشطون الشباب.. صورة أظهرت حجم الكارثة وساهمت في تحفيز الاستجابة

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى