المرأة على فيسبوك، وعلى وسائل التواصل بشكل عام..
لا توفر المرأة فرصة للمطالبة فيها بحقوقها، وهي تراها حقوقاً مشروعةً مجتمعياً، ويشاطرها فيها الكثير من الذكور الذين شكلوا جمعيات للدفاع عن المرأة.
فإذا قلت كرجل للمرأة (ضعي لي طعام الإفطار) فإنها تنظر لك بازدراء وتعبر عن امتعاضها من مبدأ أنه بإمكانك أن تضعه أنت وهذا لاشك أنه حقيقة، أما إذا صعدت نفس المرأة إلى باص النقل الداخلي ولم تجد مكاناً للجلوس فإنها تنظر إلى الرجل الجالس بازدراء لأنه لم ينهض ويجلسها مكانه على اعتبار أنها أنثى، وهذا ما يقول عنه الكثيرون تناقضاً رهيباً في سلوك المرأة ذاتها، وعدم إيمان حقيقي منها بالمساواة.
المرأة وجدلية مواقع التواصل الاجتماعي
مع تطور التكنولوجيا وظهور وسائل التواصل الاجتماعي شاعت ظاهرة ارتباط الأنثى بكنية زوجها، حيث ألغت بعض النساء كنيتهن ووضعن عوضاً عنها كنية الزوج، فيما حافظ بعضهن على كنياتهن وأضفن كنية الزوج إليها، فبات الاسم ولقب الزوجة ولقب الزوج، في ظاهرة اعتبرها البعض إلغاءً لشخصية المرأة وتبعيةً للرجل بمحض إراداتها على الأقل فيما يخص المرأة على فيسبوك، وأعادوا ما قيل سابقا بأن الأنثى التي تطالب بحقوقها لا تفعل من أجلها وفي أو امتحان لها تتنازل عن هذه الحقوق وتتبع الرجل.
إحراج للبعض، وتقليل من أهمية الموضوع
فتح هذا الملف أمر محرج بالنسبة للكثير من النساء اللواتي ربطن أسمائهن بكنيات أزواجهن، وبعضهن على مستوى عالٍ جداً من الثقافة، فإحدى الصحفيات تحاشت مراراً وتكراراً الإجابة على أسئلتنا حول هذا الموضوع وأثره على استقلاليتها، وخلقت الأعذار مراراً وتكراً.
لكن أخريات لم يمانعن من النقاش بالموضوع وإن حاول بعضهن التقليل من أهميته، كما فعلت الزميلة “داليا بوحسن” فتقول داليا أنها لا تؤمن بالاستقلالية الشكلية للمرأة، وتشير إلى وجود أفعال وتصرفات وشخصية للمرأة تظهر في مواقع ومواقف أهم بكثير.
وتضيف “بوحسن”:«إذا ما اعتبرنا أن هذا الموضوع المرتبط بالفيسبوك مهماً وناقشناه، فإنني لم ألغي كنيتي وأضع كنية زوجي فقط، وإنما جمعت الاثنتين كتعبير مني عن المحبة والألفة وما إلى ذلك».
هجوم ذكوري وتأييد نسائي
بعض الذكور لا يوفرون فرصة في شن هجوم على النساء اللواتي يلغين كنيتهن نهائياً ويتركن كنية الزوج فقط، ومن أشهر التعليقات المتداولة على صفحات الفيسبوك – فيما يخص المرأة على فيسبوك – أن سبب ذلك مرده إلى أسباب متعددة أهمها من وجهة نظرهم أن كنية الزوج تكون مهمة اجتماعيا كأن يكون من إحدى العائلات ذات النفوذ أو من العائلات الاقتصادية أو الاجتماعية الشهيرة … إلخ، وهذا نوع من الفخفخة والبروظة الاجتماعية من قبل الأنثى.
وهذا أمر توافق عليه “ليلى عباس” (رياض أطفال) لكنها تؤكد أن إضافة كنية الزوج مع الحفاظ على كنيتها أمر عادي جداً بل وتحبذه، وتقول “عباس” ل : ليس من المنطقي أن أعيش عمري ما قبل الزواج ولقبي “عباس” وبعد الزواج ألغيه وأضع لقب زوجي مكانه، صحيح أنني أفخر بكنية زوجي ولكنني خلقت وربيت وكبرت وأنا أحمل كنيتي ولي اسمي، لكنني أضيف كنية زوجي إلى جانب كنيتي بكل فخر وسعادة، لكن كنيته فقط مستحيل، يكفي أن أبنائي يحملون لقب زوجي ولا يحملون لقبي.
استقلالية المرأة
ورداً على سؤال إذا كان وجود كنية الزوج يلغي استقلالية المرأة وشخصيتها؟، تقول “عباس”:وجود كنية الزوج لا تلغي شخصية المرأة وإنما تزيدها شرفاً!، فالمرأة واسمها ولقبها تابعان للزوج الذي أصبحت كنيته جزءً من اسمها.
علماً أن الموضوع نسبي أيضاً، فالرجل الجيد المريح المتميز تفتخر المرأة بكنيته، أما الرجل الذي يكون مزعجاً ونكدياً ويحرمها من كل شيء ستنكره وتنكر لقبه.
وتعليقاً على سؤال لماذا لا يحمل الزوج لقب الزوجة أيضاً على اعتبار أنهما شركاء، تقول “عباس”:ليس مضطراً !!!!.
هل سيحمل الأبناء كنيتي؟، أبنائي يحملون كنيته، ومن الطبيعي أن أكون أنا مثلهم وليس العكس، أساساً الزوجة طفلة بالنسبة للرجل، وهو يعطيها الحنان مثلهم، ويؤمن لها احتياجاتها أيضاً، وبالتالي فإن أولادي لايحملون كنيتي فكيف سيحملها هو؟.
اقرأ أيضاً: أسبوع الموضة في اللاذقية: خطوة نحو الاحتراف
المجتمع يتحمل المسؤولية
بعض النساء تلقين اللوم في ذلك على المجتمع ويرفعون التهمة عن المرأة (سواء المرأة على فيسبوك والمرأة على أرض الواقع)، خصوصاً أولئك اللواتي يعملن في مجال حقوق المرأة، فالسيدة “منى غانم” وهي من الناشطين جداً في مجال دعم المرأة وحقوقها، ترى أن المشكلة تتجسد في المجتمع وليس في المرأة، فهي أي المرأة تحمل اسم عائلة الرجل أو كنيته سواء كان والدها أو زوجها، وتشير “غانم” إلى أنهم في بعض دول أميركا اللاتينية يضيفون اسم الأم إلى كنية العائلة.
وترى من خلال ذلك أن المؤشرات تدل على أن وضع المرأة مجتمعياً ينظر لها وكأنا كائن تابع وليس مستقلاً.
وعندما وجهنا سؤالاً لـ”غانم” أنه أليست المرأة بهذا السلوك هي من حولت نفسها لتابع بمحض إرادتها، قالت:كلا، فالمرأة مثل الرجل ضحية المجتمع الذكوري، وعندما تكون في منزل والدها يكون ولي أمرها وعندما تتزوج يصبح الزوج ولي أمرها، ومن لا يعرف طعم الحرية يستسيغ العبودية.
أبعاد كثيرة للمشكلة
وبالتالي فإن المشكلة لها أبعاد كثيرة بحسب “غانم”، ويجب على القانون يعامل المرأة ككيان مستقل، وعلينا نحن كمواطنين أن نعمل على تغيير طبيعة المجتمع وتحويله إلى مجتمع يؤمن بالمواطنة، فالمشكلة ليست بالمرأة فقط وإنما بالمرأة والرجل، المشكلة سببها القانون والمجتمع الذكوري، حتى الزواج في كثير من الأحيان سببه أن المرأة عوِّدت ألا تعتمد على نفسها، وأنها بحاجة الرجل لحمايتها، وهذا كما أسلفنا ناتج عن معاملتها كإنسان تابع.
وردا على سؤال حول كلامها الذي يبرئ المرأة تماما من المسؤولية قالت “غانم”:المرأة والرجل يتحملان مسؤولية التغيير الاجتماعي نحو الأفضل، فعندما يصبح المجتمع عادلا ينعكس ذلك على الأسرة بالإيجاب.
انتقادات ذكورية وأكاديمية مبطنة
انتقادات مبطنة وجهها الاختصاصي بعلم الاجتماع والتنمية البشرية “ماهر شبانة” للنساء اللواتي يقمن بهذا الفعل، حيث يقول “شبانة”:«شيء جميل أن تطالب المرأة بحقوقها ولكن هل سألت نفسها إذا كانت حقاً مدركة لهذه الحقوق، أم أنها مجرد تكهنات خاضعة للمزاج في سياقات حياتها؟.
ويضيف “شبانة”:ربما هذا يقودنا لمعرفة أسلوب تفكير المرأة حول حقوقها, فالنساء عادة يطالبن بما يسمينه حقوقاً، ليس للحصول على هذه الحقوق بل لفرض وجودهن وإثبات كيانهن، وليشعر الرجل بأنهن أيضا لهن مطالب وحقوق، ويظهر هذا جلياً بعد زواج المرأة مباشرة فهي تقوم بأعباء البيت كاملة وأحياناً تقوم بأعمال من اختصاص الرجل بمجرد أنها راضية عن زوجها أو حبها له أو لشعورها أنها تدير البيت وبأنها تشعر بإثبات ذاتها.
مزاجية المرأة
ويختم الاختصاصي بعلم الاجتماع متحدثاً عن المرأة على فيسبوك (وعلى وسائل التواصل بشكل عام):وفي العالم الافتراضي، نراها أيضا تنشر صورها وهي تتغنى بزوجها ويصل بها الأمر لأن تلغي الكثير من أجزاء كيانها في سبيل الظهور كما تريد أن تكون.
إذاً فالأمر لا يتعلق بحقوق المرأة ضمن مجتمعنا، وإن كنا هنا لا ننفي وجود حالات بالفعل تكون المرأة فيها مسلوبة الحق، بل نتحدث عنها كطقس اجتماعي سائد يأخذ منحى الجدية حيناً والنكتة أحياناً أخرى.
ولا ننسى أن المرأة يغلب على شخصيتها وسلوكها العاطفة مما يفسر لنا مزاجيتها في انتقاء ما يناسبها من حقوق تخصها فما هو حقها قد لا يهمها اليوم ويكون غدا محوري وأساسي في حياتها.