الرئيسيةسناك ساخر

موظف جمارك فاسد … رجل أعمال – بلال سليطين

عن موظف الجمارك الذي أصبح “رجل أعمال وطني”

سناك سوري – بلال سليطين

في حيٍّ متواضع بمدينة ساحلية معظم سكانها كادحون ومن ذوي الدخل المحدود تارةً والمهدود تارةً أخرى، كان هناك ذكر ثلاثيني من عائلة متواضعة القدرة المالية يبحث عن فرصة عمل يمكنه من خلالها تأمين دخل جيد، وقد انتهى به الحال بوظيفة حكومية في “الجمارك” وللحقيقة كانت الوظيفة بحد ذاتها حلم العشرات حولَه، بعيداً عن نوعها، فالمهم أن لها راتب مضمون في آخر الشهر.
في الأيام الأولى لالتحاقه بالوظيفة تغير لون الشاب وأصبح أسمراً نسبياً وعلى ما يبدو أنه كان يعمل في الدوريات الجمركية ويقف على الطرقات لساعات طويلة حتى بدا كالعسكري العائد في أول إجازة من دورة الأغرار، مع فارق أن الجندي بعدها يلتحق بقطعته ويمضي في خدمته منتظراً نهايتها بفارغ الصبر حتى يستعيد هويته المدنية، بينما هذا الجمركجي استعاد بياضه الكامل بعد سمار مؤقت، فأصبح يستحم في أفضل أنواع الشامبو ويعود لمنزله محملاً بأفضل أنواع المعلبات والطعام اللبناني ويدخن أفخم أنواع السجائر، وما لبثت أن أصبحت زوجته ترتدي الذهب الأبيض المشنشل، واشترى سيارة بيضاء ناصعة ولحقها بأخرى بيضاء لزوجته وراح يرتدي قمصاناً بيض، حتى أصبح كله أبيضاً بأبيض وحدها يده بقيت سوداء.(موقع سناك سوري).

اقرأ أيضاً: سوريا.. كشف قضية فساد في الصناعة والجمارك

تغيراتُ الرجل كانت على مرأى من أهل الحي والجيران الذين يراقب بعضهم جاره متحسراً بينما يراقب بعضهم الآخر مترصداً، فالخضرجي بالحي وجد في جاره الذي استقدم عاملة منزلية فرصة هامة، فالجمركي أصبح يرسل عاملته الجديدة للخضرجي الذي كانت أفضل فاكهة لديه “الخيار”(منعرف انو الخيار مو فاكهة) وتسأله عن الكيوي والأناناس وغيرها فما كان من الخضرجي إلا أن أتى بأنواع فواكه لم يكن أهل الحي يعرفون اسمها ولا طعمها وإن عرفوا شكلها، ليلبي بذلك متطلبات الجمركجي وزوجته وضيوفهم الذين يأتون كل يوم حتى أن بعض الضيوف كانوا يشترون صناديق الفواكه من عند الخضرجي ويحملوها معهم لعند هالجمركجي.
من فوائد هذا الجمركجي غير معرفة أنواع الفواكه بالنسبة لأهالي الحي، أنهم تمكنوا من رؤية أنواع سيارات لم يكونوا يحلمون برؤيتها إلا على شاشات التلفاز، بل وبعضهم تمكن من التقاط صورة بجانبها، حتى أن بعضها كان يحمل نمرة دولة جارة.(موقع سناك سوري).

اقرأ أيضاً: أنباء عن معاقبة مدير المعلوماتية بالجمارك بنقله لوزارة المالية

وبعد ليلة عامرة كان الجمركجي يحتسي فيها الويسكي مع رفاقه الجمركجيين على الشرفة التي تطل على أفخم أنواع السيارات، في العام 2009 فوجئ الجيران بأن جارهم الكادح الذي أصبح (أرستقراطي رأسمالي اقطاعي وينظر لأيديولوجيا اشتراكية) قد تم توقيفه بتهم فساد إلى جانب مجموعة من زملائه الآخرين الذين قضوا مع بعضهم فترة بالسجن ثم فصلوا من وظائفهم.

اقرأ أيضاً: سوريا: مرحلة عصيان الهضم … بلال سليطين

خرج الرجل من السجن والعيون كلها تنظر له (كفاسد) ولص وجار سوء، جلس في المنزل لعدة أسابيع ومن ثم أعلن عن نفسه كرجل أعمال وبدأت مشاريعه تملأ المدينة لكنه هذه المرة كان حذراً فأنشأ حوالي 20 مشروعاً متوسطاً (قيمتها مجتمعة آنذاك أكثر من 200 مليون ليرة سورية، وهو الذي كان قبل أن يصبح جمركياً يحلم برؤية المليون) وابتعد عن المشاريع التي تُلفِت النظر، لكنه ما لبث أن اشتاق للأضواء وراح يسجل حضوره في بعض الأنشطة التي تلفت النظر له كـ “رجل أعمال وطني” وأصبح ثراؤه واضحاً بالعين المجردة لمن يريدون أن يسألوه من أين لك هذا، أو يبحثوا عن علاقة ثروته بقضايا الفساد التي سجن بها!!!. موقع سناك سوري.

بالأمس انتشرت على فيسبوك منشورات تتحدث عن مكافحة الفساد بالجمارك وتوقيف وتحقيق مع بعض الموظفين بتهم فساد، فتذكرت الجمركجي السابق ورجل الأعمال الحالي وقررت أن أفتح صفحته على فيسبوك فرأيت له عدة منشورات عن مكافحة الفساد والفاسدين، وعلى ما يبدو أنه يتمنى الخير لزملائه السابقين فربما يعتقد أنه بعد محاسبتهم سوف يُقالون من وظائفهم وبالأموال التي جمعوها خلال مسارهم الوظيفي سيصبحون مثله “رجال أعمال” ومو بس هيك “رجال أعمال وطنيين” كمان.
فيسبوك الكاتب: belal slyten

اقرأ أيضاً: التَنمُّر على الإصلاحيين – بلال سليطين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى