الرئيسيةيوميات مواطن

كم نحن مخطئون بحق أنفسنا لا نمنحها الوقت للراحة!

الحياة أقصر مما نظن.. مهما "صبرنا" سنصل للمصير ذاته!

سناك سوري – خاص

على الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي أدخل فيها مشفى لكنها المرة الأولى في حياتي وأنا بعمر السابعة والأربعين التي أدخلها دون تحضير أو تخطيط.

دخلت قسم العيادات الخارجية لإجراء صورة شعاعية وأخذ موعد لتفتيت بحصة بالحالب وأخرى بالكلية اليمنى، إلا أن الطبيب فجأة طلب تحاليلاً خاصة للدم تمت إحالتي بناء عليها لقسم جراحة النساء في المشفى.

في قسم الإسعاف استسلمت لكل الآلام هذه المرة ليست مزحة يبدو أن الوضع خطير، بجانبي أسمع أحاديث الأطباء والممرضين “اعملولا قبول” أتت الممرضة لتفتح الوريد ووضعت فيه إبرة ظلت ملازمة لي طيلة أيامي الثلاثة، التي قضيتها في المشفى.

يدفعني زوجي على كرسي متحرك في الممر المؤدي إلى قسم الجراحة النساء، وعيون المرضى ومرافقيهم تنظر إلي بعطف ورحمة…وشعور الخوف يزداد والألم لم يتغير أيضاً، وصلت إلى الشعبة في الغرفة رقم 6 نزلت عن الكرسي وتمددت على السرير وخلال ثواني علقت لي الممرضة أول كيس سيروم ومعه أول علبة سيتامول وريدي ثم قامت بتسريب إبرة روس وهو مضاد التهاب قوي عبر الوريد أيضاً لأن الحالة تستدعي علاجاً وريدياً وليس فموياً .

اقرأ أيضاً: تجربة شخصية مع القطاع الصحي في سوريا – لينا ديوب

وصل الطبيب بعد ساعات قليلة ليطمئن على وضعي وكلي أمل بأنه سيقول بإمكانك الذهاب للبيت الوضع مستقر، لكنه قال لايمكنك الخروج حتى ينخفض تعداد الكريات البيض بالجسم ويزول الأذى عن الكلية لأن فيها استسقاء من الدرجة الثالثة.

شعور الخوف والألم زاد فالحرارة ترافقني والألم لايتسكن أيضاً وبمجرد زوال مفعول الابر الوريدية ، أستنجد بالممرضة لتخفيف آلامي فتعود لتسريب أبر الروس والسيتامول مرة أخرى.

آلام تسريب الدواء عبر الوريد ومهما كنت شجاعاً لابد أن تشكو منها وتطلق آهاتك وللأمانة فقد كانت الممرضات يخففن عني بالقول “إنها مؤلمة معليش تحملي”.

لافرق هنا في الغرفة الزرقاء حيث البرادي باللون الأزرق تحيط بكل سرير من الأسرّة الثلاثة الموجودة فيها بين الليل والنهار كلاهما سواسية ولامجال لي للتمتع بعدم انقطاع الكهرباء والاستمتاع بنعمة التكييف فقد طلبت من الممرضة إطفاءه لأني أشعر ببرد شديد، ولا حتى التمتع بشحن الموبايل ولا اللابتوب اللذان تركتهما في المنزل وأنا التي لم أفارقهما أبداً منذ سنوات طويلة ولم أخرج بدونهما مهما كانت الظروف.

لم أتمتع بالتكييف والكهرباء المستمرة، شعرت بالبرد وطلبت إطفاء المكيف

يومي الثاني في المشفى بدأ بسحب عينات جديدة من الدم للتأكد من تحسن الحالة وبعد النتيجة كان هناك تحسن لكن لن أغادر الغرفة الزرقاء لأن الكريات البيض بالدم ماتزال مرتفعة ولابد من متابعة العلاج، استسلمت للأمر الواقع مرة أخرى وعدت للسرير.

في الغرفة الزرقاء لايمكن لأحد أن يخفف عني آلامي ولا شعور الخوف ها أنا اليوم ممددة ولا قدرة لي على الحركة وأنا التي كنت قبل يومين أكابر على آلامي واستعنت عليها بالمسكنات وقبلها كنت كما الآلة المبرمجة على القيام بالكثير من المهام دون أن أشكو أو أتذمر، ساعات وساعات من العمل قد يتصل فيها الليل بالنهار.

كم نحن مخطئون بحق أنفسنا لا نمنحها الوقت للراحة

في اليوم الثالث تحسنت نتيجة التحاليل وأوصى الطبيب بخروجي واستكمال علاجي في المنزل وها أنا اليوم أتابعه مع القليل من الآلام الجسدية والكثير من الحزن والآلام النفسية…. ،كم نحن مخطئون بحق أنفسنا لا نمنحها الوقت للراحة، لقد أخذتنا الحياة ومتاعبها من كل شيء جميل نسينا أن لنفسنا ولجسدنا علينا حق وأننا مهما كنا ومهما فعلنا، ومهما “صبرنا” سنصل لمصير محتوم لا مفر منه لذلك تمتعوا بما لديكم فالحياة أقصر بكثير مما نظن.

اقرأ أيضاً: الحياة الهادئة نعمة – شاهر جوهر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى