الرئيسيةتقاريرشباب ومجتمعقد يهمك

عن الحشيش في سوريا العابر للحواجز والأنفاس

الحشيش في سوريا العابر للحواجز والأنفاس – سناك سوري

كان يوسف وأسامة في مطعم على مشارف مدينة دمشق يطلبان النرجيلة لتعديل المزاج، فاقترح عليهما العامل «سيجارة ملغومة»، وكانت تلك التجربة الاولى لهما مع الحشيش، ولم تكن الأخيرة.

يقول أسامة لـ«السفير» إنه «مضى على تجربة الحشيش للمرة الأولى عامان تقريباً، ومازلت اشتري من عامل الأركيلة في المطعم ذاته».
لم يعد تعاطي الحشيش في سوريا ظاهرة استثنائية، فقد بات أمراً مألوفاً في العديد من المجتمعات، من الجامعات وحتى جبهات القتال، فالآلاف باتوا على علاقة وثيقة مع سيجارة الحشيش ولا يجدون حياء في تعاطيها في الشوارع والمطاعم والحانات وغيرها.

الـ “وييد”:

هي التسمية الشائعة للحشيش في سوريا وهناك أسماء أخرى تبعاً للمناطق التي يعيش فيها المتعاطي ومنها «الأفغاني» و«البعلبكي» نسبة لمناطق زراعته، ومنها «العندليب» و«النسر الذهبي»، وأسماء عديدة أخرى.
شيوع ظاهرة التعاطى يتوازى مع انتشار ظاهرة البيع حيث لا يصعب على أحد شراء هذه المادة التي تباع في أماكن متفرقة ومن بائعين عاديين، وقد يكون مروّج المادة بائعا في سوبر ماركت، صاحب محل «موبايلات»، بائع دخان، وحتى باعة البسطات، وأشخاصا عاديين من المتسكعين في الشوارع.

هل الترويج له بهذه الصعوبة؟

اسلوب الترويج يظهر تراجع حالة الخوف من الرقابة التي كانت صارمة في السنوات السابقة في ما قبل الحرب، لكنها تراخت كثيراً أو غابت في الفترة الأخيرة. يقول «حسان» (اسم مستعار) وهو مروّج للحشيش أو كما يسمى (الديلر) «يمكن إخفاؤها في أي مكان، ..ولايمكن لأجهزة المكافحة مراقبة كل المدخنين» لكن هذه الحجج التي يروّجها التجار الصغار ليست مقنعة حتى للذين يتعاطون الحشيش. ويقول «نافع» وهو طالب طب نازح من دير الزور «صحيح أن هؤلاء يؤمّنون لنا الحشيش لكنهم ليسوا إلا وسطاء يعملون عند متنفذين سواء في مناطق سيطرة الدولة أو خارجها.

وهؤلاء المتنفذين هم التجار الحقيقيون الذين يجنون الملايين من هذه التجارة» واختيار الحشيش في سوريا من دون غيره من المواد المخدّرة، يأتي بسبب تدني سعره، حيث يبلغ سعر القطعة (50 غراماً) في الأسواق السورية بين 12 إلى 13 ألف ليرة سورية، علماً أن باقي المواد المخدرة متوفرة بالسوق لكن نسبة تعاطيها أقل بكثير وترتفع معدلات التعاطي بنسبة كبيرة عما كانت عليه سابقا، كما انها تنتشر بين شرائح سورية مختلفة.

والحشيش لا يقتصر على منطقة في سوريا من دون غيرها، وتعد جبهات القتال في الصفوف الأمامية من أكثر المواقع انتشاراً للتعاطي، حيث يعتمد المسلحون على الحشيشة والحبوب المخدرة بشكل أساسي في التأقلم مع واقع الحرب.

اقرأ أيضاً: تزايد السرقة في سورية: عصابة أطفال يسرقون الطعام

النشاط  الزراعي والتجاري للحشيش في سوريا:

ريف دمشق بات مؤخراً مرتعاً لزراعته حاله كحال العديد من المناطق السورية، خصوصاً في الغوطة التي تحولت أراضيها التي كانت تزرع بالفول والبطاطا إلى مزارع للحشيش في جزء لا يستهان به منها وتحت إشراف المجموعات المسلحة كل حسب المنطقة التي تسيطر عليها.

وقد سجل في الفترة الأخير ضبط العديد من الشحنات التي كانت متنقلة بين مناطق يسيطر عليها المسلحون عبر منافذ تسيطر عليها الدولة وهذا يشير إلى التنسيق بين التجار في مختلف المواقع، حتى أن بعضها كان يأتي عبر البحر كتلك الشحنة التي ضبطت عند شواطئ اللاذقية في العام الماضي، إلا أن أحد التجار الصغار يعلق على ذلك بالقول «الشحنة التي يتم ضبطها يكون أصحابها لم يدفعوا المعلوم (الرشوة) للمعنيين لكي تعبر» الأزمة التي يتم تحميلها كل عيوب وأخطاء الأرض، حملت مسؤولية التعاطي وهذا الانتشار الواسع لمادة الحشيش.

أصداء نجاح المنتج: كيف ولماذا؟

ويقول «زين» وهو من المتعاطين للحشيش «بدي انسى الحرب، لو بضل صاحي كنت بجن!»الأزمة غيرت عقوبة التعاطي على ما يبدو يقول «عدنان» (اسم مستعار)، موضحا انه «في السابق كان اذا وقع أحد المتعاطين بيد الدولة يذوق الأمرّين، أما اليوم فلا أحد يهتم، بالنسبة لي أوقفت سألوني بعض الأسئلة عن المصدر وقلت لهم اسمه الواضح والصريح ودللتهم على مكانه أيضاُ، وبعد يومين أطلقوا سراحي وذهبت إليه بعد أيام واشتريت منه وبعت أصدقائي كالعادة، لم يتغير شيء»

لكن المشكلة الكبرى تكمن عندما يعجز المتعاطي عن تأمين تكلفة الحشيش اوالمواد المخدرة الاخرى، عند ذوي الدخل المحدود تحديداً كما حصل مع كثيرين لجؤوا في حالة كهذه إلى السرقة أو الانتحار وبعضهم اعتدى بالضرب على التاجر «الديلر» للحصول على المادة من دون نقود، وأحدهم باع غسالة أمه، وهذا سلوك طبيعي ناتج عن مرض يعاني منه المتعاطي بحسب ما تقول الاختصاصية النفسية نرمين حداد.

وتضيف «تمثل ظاهرة تعاطي المخدرات مرضاً اجتماعياً، فهي قوة تدميرية وتعاطيها يؤثر سلباً على إنتاج الفرد وعلى علاقاته ويكون سبباً لارتكاب الجرائم التي تخلّ بنظام المجتمع كالقتل والسرقة والنصب والاغتصاب وغيرها. فتعاطي المخدرات هروب من الواقع إلى واقع بديل، والمدمن تسوده حاجة ملحّة قاهرة لاستخدام مواد ذات تأثير نفسي لغرض تأمين إحساس الفرح وراحة البال، أو سد نقص في تنظيم شخصيته وحل مشكلاته السيكولوجية بصورة متخيلة وقد يكون غرضه الهروب من آلامه».

السفير – بلال سليطين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى