قد يهمكيوميات مواطن

خمسين ليرة تكاد تقضي على مستقبل شاب سوري

خمسين ليرة تكاد تقضي على مستقبل شاب سوري:
كعادته في كل صباح استيقظ “سامي” ابن ريف مدينة بانياس باكراً غسل وجهه وارتدى ثيابه التي أخذت شكل الجسد لكثرة الاستعمال. وحذاءه الذي لم تعد تنفع محاولات التلميع في منحه القليل من الرونق واللمعان.

سناك سوري- نورس علي

حمل “سامي” كتبه وودع والدته وتبارك برضا والده بعد أن حصل على 500 ليرة مصروفه اليومي الدائم لأجرة الطريق من قريته إلى جامعة تشرين في اللاذقية. فهو طالب في كلية الآداب.

في الطريق إلى كراج الانطلاق تتراوده أحلام التخرج من الجامعة. فهو في سنته الرابعة. وبعدها سيتمكن من إيجاد فرصة عمل ليعين والديه على إكمال مسيرة تعليم أخوته الأربعة الباقين. يغمض عينيه ليكمل حلمه بالاستقرار والزواج والحبيبة بعد التخرج. إلى أن صرخ به سائق السيارة “ما نك ناوي تنزل يا معلم وصلنا ع كراج بانياس الرئيسي”. ينزل مسرعاً ويهرول باتجاه السيرفيس الذاهب إلى اللاذقية.

في ظل الزحام الصباحي اليومي الكبير. حيث أصوات السائقين العالية وصراخهم “اقعدوا أربعات- ما في سيارات- ما في مازوت” بسرعة البرق يصعد الشاب الى السيرفيس ويدك بجسده الضئيل بين بقية الركاب في المقعد. ويقول “إنه يوم الحشر العظيم”.

اقرأ أيضاً: مبادرة أبو بحر.. سائق ينقل الطلاب مجاناً من قراهم إلى مراكزهم الامتحانية

يبدأ السائق بجمع الأجرة. يفاجأ الطالب بأن السائق أعاد له فقط 300 ليرة سورية من مصروفه اليومي. يراجعه ويطلب منه الباقي فيرد السائق أصبحت الأجرة 200  (بدل 150) ويللي مو عاجبو ينزل. بيد مرتعشة يستلم المبلغ ولفترة وجيزة تغيب الرؤيا عن عينيه وتتوقف كل الأحلام. ويطلب من الجميع النزول ليتمكن الخروج من سيرفيس الحشر. لأنه إذا ذهب إلى الجامعة صباحاً لن يتمكن من العودة إلى منزله مساء.

في طريق العودة إلى المنزل تتزاحم أمام عينه حال العائلة حين إخبارهم بما حصل معه. وتجول في مخيلته صور دموع الوالدة والأخوة وحزن الأب. فحلمه عمره ضاع ومات بفعل زيادة الخمسين ليرة التي لا تعبر ذات قيمة لدى الكثيرين.

بينما تصرف دول قريبة وبعيدة مليارات الدولارات على حرب هدفها (تحسين وضع سوريا) قد تقضي خمسين ليرة سورية أي أقل من “10 سنتات” على حياة شاب سوري كان من الممكن أن يكون مدرساً أو طبيباً أو مهندساً يبني بعضاً من سوريا المستقبل.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى