الرئيسيةتقارير

حصاد السياسة في 2022 .. تعطّل الدستورية ولقاءات تاريخية وتحوّلات في المواقف

أبرز أحداث السياسة والميدان في سوريا عام 2022

لم يختلف العام 2022 عن سابقيه لناحية إحداث خرق على مستوى الحل السياسي للأزمة السورية التي لا تزال مستعصية دون أي أفق. لكنه تمايز عن غيره بأنه عام الزيارات وبدء عودة العلاقات مع تركيا.

سناك سوري _ دمشق

لا يزال الجمود يحكم مسار “اللجنة الدستورية” في “جنيف” والتي أقرّتها “الأمم المتحدة” كمسار أولي للوصول إلى حل سياسي في “سوريا” برعاية أممية عبر تطبيق قرار مجلس الأمن 2254.

في آذار عقدت الجولة السابعة من مباحثات اللجنة الدستورية بعد زيارة أجراها المبعوث الدولي “غير بيدرسون” إلى “دمشق” قبل ذلك بشهر واحد، ومع انطلاق الجولة أعلن المتحدث باسم هيئة التفاوض المعارضة “يحيى العريضي” انسحابه من اللجنة ووصف مبادرة “بيدرسون” “خطوة مقابل خطوة” بأنها خيانة.

لكن “بيدرسون” نجح في التوصل لتوافق بين الأطراف على عقد الجولة الثامنة من نوعها للجنة الدستورية مع أواخر أيار، ولم تخرج كما سابقاتها بأي جديد يذكر رغم تنوّع المواضيع والمفاهيم التي تمت مناقشتها ومحاولة التفاهم حولها.

في حين حمل حزيران اللحظة المفصلية التي عطّلت مسار اللجنة وتجدد اجتماعاتها حتى اليوم، وذلك على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، إذ رفضت “سويسرا” منح تأشيرات دخول لدبلوماسيين روس، الأمر الذي دفع “موسكو” للإعلان عن أن “جنيف” لم تعد مكاناً مناسباً لعقد اجتماعات اللجنة الدستورية.

اقرأ أيضاً:بيدرسون: الحل السياسي بعيد جداً واللجنة الدستورية لن تستعيد مصداقيتها

وأيدت “دمشق” الموقف الروسي، حيث قال معاون وزير الخارجية “أيمن سوسان” أن “سويسرا” تخلّت عن حيادها التاريخي، وأن انضمامها للعقوبات الغربية على “سوريا” و”روسيا” يجعل من “جنيف” مكاناً غير صالح لعقد اجتماعات اللجنة الدستورية.

رغم ذلك، حاول “بيدرسون” التوصل لحل من أجل عقد جولة تاسعة من المباحثات لكنه فشل في ذلك، وكشف الرئيس المشارك للجنة عن وفد المعارضة “هادي البحرة” عن رسالة أبلغه بها المبعوث الدولي، قال فيها أن وفد الحكومة السورية سيكون جاهزاً للمشاركة في الجولة المقبلة فقط حين تتم تلبية المطالب الروسية، دون الكشف عن ماهية المطالب.

زيارات العام

لا شك أن الزيارة الأبرز هذا العام هي التي أجراها الرئيس السوري “بشار الأسد” إلى “الإمارات” في آذار حيث كانت أول زيارة يجريها “الأسد” إلى بلد عربي منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011.

والتقى الرئيس “الأسد” خلال الزيارة ولي عهد “أبو ظبي” “محمد بن زايد آل نهيان” ونائب رئيس الدولة ورئيس الحكومة حاكم دبي “محمد بن راشد آل مكتوم”، ورغم ما أحدثته الزيارة من ضجة حينها إلا أنها لم تخرج بنتائج جديدة على صعيد حضور “سوريا” عربياً حيث عقدت القمة العربية في “الجزائر” بغياب “سوريا” رغم جميع المحاولات لإعادتها إلى مقعدها في الجامعة العربية، الأمر الذي لا يزال مرفوضاً لدى طرفين رئيسيين هما “قطر” و”السعودية”.

وسبق ذلك بشهر زيارة وزير الدفاع الروسي “سيرغي شويغو” إلى “دمشق” ولقائه بالرئيس “الأسد” قبيل انطلاق الحرب الروسية في “أوكرانيا” بأيام حيث تابع مع الرئيس السوري التدريبات العسكرية التي يجريها الأسطول الروسي انطلاقاً من ميناء “طرطوس”.

اقرأ أيضاً:زيارة الأسد… سياسية في أبو ظبي واقتصادية تنموية في دبي

وفي أيار، توجّه الرئيس “الأسد” إلى “طهران” في زيارة هي الثانية من نوعها إلى “إيران” منذ اندلاع الأزمة، حيث التقى المرشد الأعلى للثورة “علي خامنئي” والرئيس الإيراني “إبراهيم رئيسي” وقال الرئيس “الأسد” خلال الزيارة أن العلاقة الاستراتيجية بين “طهران” و”دمشق” منعت كيان الاحتلال الإسرائيلي من السيطرة على المنطقة داعياً لاستمرار هذه العلاقة بقوة.

وفي تموز حلّ وزير الخارجية الإيراني “حسين أمير عبد اللهيان” ضيفاً على “دمشق”، قادماً من “أنقرة” على وقع التهديدات التركية التي لم تتوقف بعدوان جديد على الشمال السوري.

الميدان والسياسة

لم يتغير الوضع الميداني هذا العام في سائر المناطق السورية، ولعلّ أبرز القضايا الميدانية هي التهديدات التركية التي لم تتوقف على مدار العام بشنّ عدوان على الشمال السوري بذريعة محاربة “قسد” التي تتهمها “أنقرة” بالارتباط بحزب “العمال الكردستاني” الأمر الذي تنفيه “قسد”.

التهديدات التركية ترافقت مع قصف شبه يومي على مدى أشهر لمناطق الشمال السوري، وغارات عنيفة بطائرات “الدرون” استهدفت مواقع مختلفة مع تصريحات تهدد باجتياح مناطق محددة مثل “عين العرب/ كوباني” و”منبج” و”تل رفعت” بريف “حلب” الشمالي، وتكرار حديث الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” عن مساعي بلاده لإنشاء ما يسميه بـ”الحزام الأمني” بعمق 30 كم داخل الأراضي السورية.

المساعي التركية للتوسع داخل “سوريا” لم تحظَ بتأييد من “روسيا” و”الولايات المتحدة” القوتان المتواجدتان عسكرياً على الأرض شمالاً، وهي لن تحظى بطبيعة الحال بتأييد “دمشق” التي تطالب بخروج كامل قوات العدوان التركي من كافة الأراضي السورية.

اقرأ أيضاً:أردوغان يقدّم عرضاً جديداً للقاء الأسد بحضور بوتين

لكن اللافت في هذا السياق خلال العام الحالي، تغيّر اللهجة التركية تجاه الحكومة السورية، الأمر الذي بدأ مع وزير الخارجية التركي “مولود تشاووش أوغلو” حين كشف عن محادثة سريعة جمعته بنظيره السوري “فيصل المقداد” قبل عام في “بلغراد”، وإشارته لضرورة إجراء مصالحة بين الحكومة والمعارضة للتوصل إلى سلام دائم في “سوريا”.

توالت بعدها التصريحات التركية التي حملت غزلاً مبطّناً بالجانب السوري، وكان أبرزها رد “أردوغان” على سؤال حول إمكانية لقائه بالرئيس “الأسد”، بالقول أنه لا توجد خلافات أبدية في السياسة، وتأكيده في أكثر من مناسبة أن العلاقات الأمنية بين البلدين لا تزال قائمة.

ومن بوابة العلاقات الأمنية جاءت الزيارة غير المعلنة التي قالت وكالة رويترز أن رئيس المخابرات التركية “هاكان فيدان” أجراها إلى “دمشق” والتقى خلالها رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء “علي مملوك” والحديث عن إمكانية عقد لقاء بين وزيري خارجية البلدين، الأمر الذي قال مراقبون أنه تم بمساعٍ روسية لتحسين العلاقات بين “أنقرة” و”دمشق”.

نهاية العام حملت لقاءً مفاجئاً إلى حد ما، قد يحمل تغييراً في مسار الملف السوري، حيث اجتمع وزير الدفاع السوري اللواء “علي محمود عباس” مع نظيره التركي “خلوصي أكار” في “موسكو” للمرة الأولى منذ عام 2011، بحضور وزير الدفاع الروسي “سيرغي شويغو”، وكان لافتاً أن وزارة الدفاع السورية وفي بيانها حول اللقاء وصفت أجواءه بالإيجابية، مشيرة إلى أنه تناول ملفي اللاجئين السوريين ومحاربة الجماعات “الإرهابية”.

رغم اللقاءات والزيارات إلا أن العام 2022 خرج خالي الوفاض لناحية النتائج الملموسة على الصعيد السياسي، سواءً في مسار الحل السياسي السوري، أو استعادة “دمشق” لمقعدها في الجامعة العربية وبالتالي لموقعها عربياً، أو على صعيد العلاقات مع “تركيا” على المستوى السياسي المباشر وليس فقط الأمني والعسكري، فهل ستحمل 2023 نتائج واضحة لتلك التحولات؟.

اقرأ أيضاً:تركيا الجار اللدود.. ماذا بحث مملوك وفيدان؟

زر الذهاب إلى الأعلى