الرئيسيةرأي وتحليل

بعد حسم ملف الجنوب … الشمال السوري أمام مصير غامض

خارطة معقدة وصراعات داخلية تحكم مصير الشمال

سناك سوري _ دمشق

مع انضمام بلدة “اليادودة” بريف “درعا” الغربي إلى اتفاقات التسوية وقرب إنهاء الملف الأمني في محافظة “درعا”، تتجه الأنظار نحو الشمال السوري ومصيره الميداني في المستقبل القريب.

وبنظرةٍ فاحصة لخارطة الشمال المعقدّة والمتداخلة بين عدة مناطق سيطرة فيبدو الوضع الأمني فيها متوتراً لمختلف الأسباب انطلاقاً من “إدلب” غرباً وصولاً إلى الجزيرة السورية شرقاً.

على خطوط التماس في “إدلب” بين الجيش السوري و”جبهة النصرة” لا سيما في “جبل الزاوية” إلى الجنوب من المحافظة، لا يبدو اتفاق وقف إطلاق النار مستقراً، مع مواصلة الخروقات والاشتباكات التي تندلع بين الحين والآخر، والاتهامات المتبادلة بين “روسيا” و “تركيا” الضامنين لاتفاق “موسكو” بالمسؤولية عن خرقه وعدم الالتزام به، الأمر الذي يبقي اندلاع عمل عسكري احتمالاً قائماً على الدوام.

إلى الشمال أكثر فإن المناطق الممتدة من شرق “عفرين” بريف “حلب” وصولاً إلى غرب “الحسكة” تشهد منذ أسابيع أو أشهر تصعيداً مستمراً وتبادلاً للهجمات بين قوات العدوان التركي من جهة و”قسد” من جهة أخرى، علماً أن جميع تلك العمليات لم تسفر عن تغيير في خارطة السيطرة، إلا أن القصف التركي تحوّل إلى حدث يومي في قرى وبلدات المنطقة، وذلك على الرغم من وجود اتفاق “سوتشي” المماثل لما هو عليه في “إدلب” بين الروس والأتراك، بتراشق مشابه للاتهامات وإن كانت “أنقرة” في هذه الحالة أكثر اتهاماً لـ”قسد” بالمباشر.

إلى الصراعات الداخلية، لا تبدو مناطق سيطرة “قسد” في الجزيرة السورية بحالة مثالية من الاستقرار حيث لا زالت تعيش على وقع صراعات سواءً بين “قسد” والمجتمعات المحلية التي ترفض ممارساتٍ كاعتقال الناشطين أو التجنيد قسراً مع “قسد”، أو لناحية الخروقات الأمنية والاعتقالات التي تشنها “قسد” بذريعة مواجهة خلايا “داعش”، ناهيك عن الاغتيالات التي يشهدها مخيم “الهول” بريف “الحسكة” والمستمرة منذ أشهر وسط عجز “قسد” عن إيقافها.

مناطق سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، ليست أحسن حالاً، حيث لا تزال التفجيرات والصراعات الداخلية بين الفصائل المدعومة تركياً تهدّد أمن سكان المنطقة وخاصة في ريف “حلب” الشمالي، مع عدم استثناء “تل أبيض” و “رأس العين” من حالة مماثلة.

انقسام الفصائل وتناحرها اتخذ مؤخراً شكلاً جديداً بعد الإعلان عمّا سمّي غرفة عمليات “عزم” والتي تصدّرت تأسيسها “الجبهة الشامية” و”السلطان مراد”، ثم أدى انسحاب 3 فصائل منها وعودتهم إليها شبه مرغمين إلى حالة من التوتر في الأجواء.

الفصائل المنسحبة “الحمزة، العمشات، صقور الشمال”، عادت وأعلنت عن تشكيل تكتّل جديد حمل اسم “الجبهة السورية للتحرير” ورافقتها إليه “فرقة المعتصم” و”الفرقة 20″، ولعلّ ما تحدّث عنه “المرصد السوري لحقوق الإنسان” المعارض اليوم من تحوّل مشاجرة بين مسلح من “الحمزة” وآخر من فصيل “الشرطة العسكرية” إلى اشتباكات بين الفصيلين إلا مؤشر واضح على مدى التوتر السائد بين الفصائل المنقسمة فيما بينها.

بالعودة إلى “إدلب” فعلى الرغم من محاولات “جبهة النصرة” الحثيثة التفرّد في السيطرة على المنطقة وإبعاد الفصائل الأخرى عنها، فإنها لا تزال تشهد تواجداً لجماعات متشددة قد لا تكون دائماً على اتفاق مع “النصرة” وفي مقدمتها “حراس الدين” التنظيم الذي واجه حملة شرسة من “النصرة”، فضلاً عن تواجد مجموعة مجهولة تطلق على نفسها اسم “سرية أنصار أبي بكر الصديق” وتبنّت استهداف القوات التركية في “إدلب” وآخرها تفجير قبل أيام أودى بحياة 3 جنود أتراك وأسفر عن إصابة 3 آخرين بجروح وفقاً لوزارة الدفاع التركية.

خارطة شائكة في الشمال لا تبدو فيها الغلبة واضحة لطرف من الأطراف ويبدو مصير المنطقة غامضاً بما في ذلك مصير اتفاقي “موسكو” و “سوتشي” اللذان وإن أظهرا هشاشة مؤخراً فإنهما جنّبا “إدلب” والجزيرة السورية مواجهة عسكرية مفتوحة حين تم توقيعهما خلال العامين الماضيين فماذا تخبئ الأشهر المقبلة للشمال السوري؟

اقرأ أيضاً: بعد درعا البلد.. اتفاق تسوية جديد بريف درعا الغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى