هل مازال القرار 2254 حاضراً على الطاولة لحل الأزمة السورية؟
الحلول السياسية في سوريا والحاجة للمحليات لملئ الفراغ
يعود الحديث مجدداً مع كل محاولة لإطلاق مفاوضات أو حوار حول “سوريا” إلى قرار مجلس الأمن الدولي 2254 الصادر عام 2015 كأساس للحل السياسي في البلاد.
سناك سوري _ زياد محسن
وفي ظل المتغيرات الميدانية المتسارعة منذ نهاية تشرين الثاني الماضي وتبدّلات الميدان إثر إطلاق “جبهة النصرة” وحلفائها عملية “ردع العدوان” انطلاقاً من ريف “حلب” والسيطرة على المدينة ثم متابعة الهجوم نحو “حماة” والسيطرة عليها أيضاً والاقتراب من “حمص” يظهر السؤال الأهم حول مستقبل البلاد والسبيل للخروج من الوضع الراهن الذي انفجر على نحوٍ مفاجئ بعد ركود ميداني وسياسي وحالة هدوء على خطوط التماس استمرت منذ عام 2020.
وينص القرار على دعوة واضحة لوقف إطلاق النار في سوريا وإطلاق عملية سياسية موازية على أن تيسرها الأمم المتحدة بمدة لا تتجاوز ستة أشهر. وتكون حكماً ذا مصداقية ويشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية. وتحدد جدولاً زمنياً وعملية لصياغة دستور جديد، ويعرب كذلك عن دعمه لانتخابات حرة ونزيهة تجرى، عملاً بالدستور الجديد، في غضون 18 شهراً تحت إشراف الأمم المتحدة، بما يستجيب لمتطلبات الحوكمة وأعلى المعايير الدولية من حيث الشفافية والمساءلة، وتشمل جميع السوريين الذين يحق لهم المشاركة، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المهجر.
عملياً يصطدم القرار حالياً بعوامل عديدة تعطل تنفيذه. وبعد سنوات من رفض الحكومة السورية تنفيذه يبدو الآن أن المعارضة ترفض تنفيذه مع تبدلات القوة والسيطرة في البلاد وسقوط المدن تباعاً من سيطرة حكومة دمشق.
وحتى اذا قبلت المعارضة السياسية تنفيذه فإن لاعباً جديداً دخل على الطاولة بقوة كبيرة متمثل بجبهة النصرة التي تحولت في 10 أيام من منظمة إرهابية تحاربها حتى المعارضة ولا تعترف بها إلى اللاعب الرئيسي على الأرض الذي يقود هذا التقدم المسلح.
وتعمل النصرة حالياً بشكل مختلف تماماً عن السابق وتقدم نفسها بصورة مختلفة حتى أن زعيمها أبو محمد الجولاني عاد لاستخدام اسمه الرسمي “أحمد الشرع”. وذلك بعد سنوات من استخدام اسمه الحركي “أبو محمد الجولاني”. وتستعين النصرة حالياً بمنظمات مجتمع مدني وهيئات سياسية لكتابة بياناتها وإدارة ظهورها الإعلامي.
لكن بالوقت نفسه تواجه النصرة مشكلة أن “الجولاني” مصنف على قوائم الإرهاب في أميركا إحدى الدول الرئيسية الواضعة للقرار 2254. وبناء على البند الثامن من القرار فإن النصرة كانت مستثناة من العملية السياسية طوال السنوات الماضية.
هذا الواقع يجعل الوضع السياسي السوري معقداً وأفق الحل السياسي مرتبط باعتبارات كثيرة قد تأخذ وقتاً طويلاً. إن كان القرار 2254 مازال أحد المخارج القليلة المطروحة على الطاولة بظل صعوبة إنتاج بدائل بالوقت الراهن.
دور المحليات في الإدارة بمرحلة الصراع
خلال هذه الأثناء وبناءً على تجربة “حلب” التي خرج منها معظم مسلحي “النصرة” وبدأ الحديث عن عودة الموظفين إلى مواقعهم الوظيفية على أن يتسلّموا رواتبهم من جهات إدارية تابعة لـ”حكومة الإنقاذ”. في ظل وعود بإنهاء المظاهر المسلحة من المدينة وإدارتها من جهات مدنية محلية.
يعيد هذا المشهد التذكير بدور المحليات في عمليات إدارة شؤون مدنهم ومجتمعاتهم وأهمية بناء مؤسسات محلية قادرة على القيادة في ظروف استثنائية كالتي تعيشها “سوريا” حالياً. لتكون ملاذاً آمناً للمدنيين بعيداً عن تجاذبات الأطراف المتصارعة. خاصةً وأن الإدارات المحلية هي الجهة الأعلم بشؤون مدنها وبلداتها واحتياجات مجتمعاتها وسبل حلول أزماتها الآنيّة على الأقل وفي مقدمتها المشاكل الخدمية خاصةً وأن انتظار تطورات الميدان والسياسة قد يمتد لفترات زمنية طويلة بينما تمضي الأيام بقسوة على المواطنين في منازلهم.