“شحارن جدودنا شو كانوا يعملوا بموجات الحر يلي متل هي”. سؤال طرحته “محسوبتكم” على نفسها، قبل أن تنفجر ضاحكة. وهي تحاول مسح ينابيع العرق على وجهها ورقبتها.
سناك سوري-رحاب تامر
ومثل أي شخص يبحث عن بعض الترطيب بظل انقطاع الكهرباء في سوريا ومعها يغيب التكييف والمراوح. ألجأ إلى الحمام كل ساعة أو ساعتين، أكتفي بترك المياه تنساب فوق جسدي لمدة خمس دقائق. ثم أركض إلى خلف الشاشة لأتابع عملي وسط جو لا يصلح للعيش البشري.
أناقش زملائي، “كيف عم تبردوا حالكم، أنا عم استخدم الدوش”. يرد عليّ زميلي حاسداً إياي على نعمة المياه ليخبرني أن لا مياه لديهم لهذا الترف. لذا يكتفي بمروحة الكرتونة، وهي عبارة عن كرتونة يهوي بها فوق وجهه قليلاً. “تنط زميلتي للمحادثة”، وتخبرنا أنها تبلل “الشرشف” بالمياه ثم تضعه فوق رأسها وجسدها وبعد ثلث ساعة يكون قد تبخر وصار “متل الحمام ساخن”، فتعيد الكرّة.
نلعن حياتنا قليلاً، نشفق على الحكومة التي لا حول لها ولا قوّة لمساعدة مواطنيها ولو بنصف ساعة “كهربا زيادة” بهذه الأجواء الخانقة. إذ أن مشكلة انقطاع الكهرباء في سوريا لا حلّ لها كما يبدو.
ثم ينتقل الحديث تلقائياً إلى المنتجعات المكيفة، نحسد روادها على نعيمهم، نحن الذين نتحمل كل شيء. نتمنى لو نتقاسم معهم عدة ساعات تحت المكيف على شاطئ البحر أو فوق الجبل. فقط كي لا ننسى معنى أن يكون هناك حياة في هذا الكوكب.
يسود الصمت في المحادثة الإلكترونية بإحدى مجموعات التواصل الخاصة بالعمل فيما بيننا. وكأن لا أحد منا يريد المتابعة كي لا يصل إلى تلك النقطة “المحظورة”. ثم أقطع الصمت الإلكتروني، بكتابة عبارة: “بنفسي أعرف شو شعور يلي قاعد عم يشتغل تحت المكيف، بيكون مركّز متلنا؟”.
ينتهي الحديث بسمايل “أبو عيون شارة دمع من الضحك”. بينما تقطر آخر قطرة مياه من شعري المبلل، معلنة اقتراب موعد التكييف الخاص بي. “الدوش السريع أبو خمس دقايق، والحمد لله على نعمة وجود المياه”.
أتمنى أن تكون حياتنا عفواً أقصد مادتي الساخرة قد نالت إعجابكم، أرجو من حضراتكم التفاعل عليها بأضحكني.