نهاية يوم حافل في سوريا تطرح أسئلة اليوم التالي
سوريا تحطم المعتقلات.... فاروق الشرع يرحب بالتغيير ويحذر من الفوضى
خرج السوريين في كل المحافظات السورية فرحاً بسقوط نظام الأسد الذي حكم البلاد لأكثر من 50 عاماً بالحديد والنار. واحتفل السوريون من القامشلي إلى اللاذقية ومن إدلب إلى القنيطرة بهذا اليوم التاريخي الذي ساد فيه خطاب المصالحة. ورفعت فيه راية طي صفحة الماضي وبناء المستقبل المشترك من دون أحقاد وكراهية.
سناك سوري – دمشق
أنهى السوريون يوماً من الفرح الغامر الذي عم البلاد وبدأت الأسئلة تدور في الأذهان حول اليوم التالي حول إدارة البلاد وهيئة الحكم الانتقالي. خصوصاً مع الظواهر التي انتشرت في الشوارع من اعتداء على الممتلكات العامة وإطلاق عشوائي للرصاص في دمشق وحمص واللاذقية ودرعا ودير الزور والسويداء. وارتفعت الأصوات في البلاد لضبط هذه الظواهر وحماية الممتلكات العامة والتي استحابت لها السلطات الانتقالية عبر إعلان حظر التجول في محاولة لضبط الوضع.
بينما كانت مشاعر السوريين تختلط بين الفرحة بتحطيم أبواب السجون وإخراج المعتقلين منها وبين الحزن على ماعانوه في أقبية هذه السجون. فقد تحطمت أسطورة صيدنايا اليوم الذي كسرت أبوابه كلياً حيث أعلنت رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا أنه تم إطلاق سراح جميع السجناء.
واخترق الاحتلال الإسرائيلي فرحة السوريين بغارات جوية استهدفت 100 موقع عسكري في البلاد وهي أيضاً ممتلكات الشعب السوري. واخترقت قوات الاحتلال الأراضي السورية في القنيطرة وخرقت اتفاق وقف إطلاق النار الصادر عام 1974 وانتشر جنود إسرائيليون في مواقع كان يتمركر فيها الجيش السوري بالقنيطرة. وهو ماطالب مغردون وناشطون بالتعامل معه فوراً من قبل السلطات الانتقالية والضغط عبر كل الوسائل لإعادة الوضع إلى ماكان عليه.
بينما ظهر فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية السابق لأول مرة منذ قرابة 12 عاماً على تلفزيون سوريا ورحب بالتغيير الذي حصل في سوريا. وحذر من الفوضى التي خلقها تخلي بشار الأسد عن السلطة دون أي محاولة لانتقالها رسمياً. وندد باستغلال اسرائيل لهذا التغيير وقصف الأراضي السورية والتقدم فيها واعتبرها محاولة مكشوفة لكسر معنويات السوريين في هذه اللحظة.
أبو محمد الجولاني يخطب في الجامع الأموي بدمشق
ومن الجامع الأموي في دمشق ظهر قائد إدارة العمليات العسكرية “أبو محمد الجولاني” محاطاً بمقاتلين من غرفة العمليات وبعض من المواطنين.
وفي أول ظهور “للجولاني” بالعاصمة السورية دمشق بعد سقوط النظام قال «اليوم تتحرر سوريا بفضل الله عز وجل وبفضل مجاهدينا الأبطال، هذا النصر يا إخواني تاريخي للمنطقة».
وفي بيان بثه التلفزيون السوري صباح اليوم باسم “أحمد الشرع” (الجولاني) قال:«إنه لا مجال للعودة إلى الوراء، وإن الهيئة عازمة على مواصلة المسار الذي بدأته في 2011 ».
الجلالي يسير الأعمال لحين تسليم السلطة والوزارات تدعو الموظفين للعودة إلى أعمالهم
بالمقابل ظهر رئيس الوزراء السوري محمد الجلالي على تلفزيون العربية وأعلن أن تواصلاً جرى بينه وبين قائد العمليات العسكرية أبو محمد الجولاني. وأنه مستعد لتسليم السلطة ولا مشكلة لديه في الاستقالة معرباً عن رغبته في حماية مقدرات الشعب السوري متمنياً عى العرب ألا يتركوا سوريا.
إلا أن الجلالي لم يوضح لمن سوف يسلم السلطة تحديداً في ظل عدم وجود هيئة حكم انتقالي مدنية واضحة لكي تتولى زمام الأمور حتى الآن. في حين قالت مصادر سناك سوري أن هناك توجهاً لدى إدارة العمليات العسكرية لتشكيل مجلس عسكري يتولى إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية. وأشارت المصادر إلى أن الأمور ستتضح تدريجياً اعتباراً من يوم غد الاثنين.
من جانبها دعت معظم وزارات الحكومة السورية الموظفين للعودة إلى أعمالهم وخدمة المواطنين وحماية الممتلكات العامة. بينما غابت نداءات وزارتي الداخلية والدفاع عن دعوة العناصر للالتحاق ما طرح تساؤلات عن مصير الوحدات الشرطية ومصير الجيش السوري وعتاده وعتيده. وإن كانت القرارات حولهما تتخذ الآن أم بعد حوار وطني وعملية انتقالية!.
كذلك غابت الدعوة من وزارة التربية ووزارة التعليم العالي في سوريا أيضاً ما يعني أن المدارس والجامعات مغلقة غداً.
أسئلة الوضع المعيشي.. الرواتب والخدمات؟
لا تسطيع الفرحة أن تغيب الأسئلة الجوهرية عن العائلات السورية حول مصادر دخلهم واحتياجاتهم المعيشية. فقد ارتفعت الأسعار في مختلف محافظات البلاد إلى ضعفين وثلاثة وسط إغلاق معظم المحال التجارية والأسواق في كل سوريا.
بينما عانت معظم المحافظات السورية من انقطاع الكهرباء لساعات طويلة أطول من ساعات التقنين المعتادة منذ سنوات. وكذلك غابت المياه عن منازل معظم السوريين. وهو أمر يبدو طبيعياً اليوم نظراً لانقطاع الموظفين عن أعمالهم والحالة الاستثنائية التي تمر بها البلاد. لكن السؤال المطروح اليوم بين الناس هل ستتحسن الأوضاع وكيف؟.
من جانب آخر أعلن العديد من الأفران أن الخبز متوفر من دون البطاقة الذكية غداً وبسعر 4000 ليرة لربطة الخبز الواحدة. وهو سعر مرتفع بالنسبة للمواطنين في ظل هذه الظروف العصيبة.
مشاهد من المحافظات السورية اليوم 8 كانون الأول 2024
واقع المحافظات السورية كان متشابهاً اليوم لناحية إغلاق معظم المحال التجارية والأفران. وقال مراسل سناك سوري في دير الزور إن المُسيّرات عمت المدينة فرحاً بسقوط النظام. وعلى الصعيد الخدمي بيّن أن العائلات لم تتمكن من تأمين خبزها اليوم. بينما شهدت المدينة عودة التيار الكهربائي إليها بعد انقطاع دام ساعات طويلة. ودعا مدراء الدوائر المواطنين للعودة وممارسة أعمالهم.
وفي اللاذقية انتشرت الاحتفالات في المدينة والريف وتبادل وجهاء في المناطق الزيارات والتهنئة بالتحول الذي شهدته سوريا. وعقدت اجتماعات في مدينتي اللاذقية وجبلة لبحث كيفية حماية المنشآت وإدارة الشؤون الخدمية.
أما في درعا فقد جرى اجتماع في مقر المحافظة وحضره مختلف الفاعلين والوجهاء في المحافظة ومدراء الدوائر الحكومية. وشهد الاجتماع انفتاحاً وقبولاً للآخر وكسراً لحواجز الخوف وطياً لصفحة الماضي وفق مصدر حضر الاجتماع وتحدث لـ سناك سوري. بينما بدأت الاحتفالات في درعا من مساء أمس السبت.
وفي حمص انتشرت شائعات متعلقة بالمياه وسلامتها أثارت مخاوف الأهالي وسط انقطاع المياه لليوم الثاني على التوالي. بينما فتحت الأفران العامة أبوابها لشراء المواطنين خبزهم. بينما امتلأت الشوارع بمواكب السيارات وإطلاق نار احتفالي كثيف جداً استمر لساعات طويلة.
وفي القامشلي احتفل الأهالي بسقوط النظام حتى الساعة الثامنة مساءً موعد حظر التجول الذي فرضته الإدارة الذاتية بالمحافظة. ودخلوا المربع الأمني في المدينة وأزيلت الحواجز التي كانت تحيط به من داخل مدينة القامشلي. بينما انتشرت قوات سوريا الديمقراطية في المربع الأمني والمطار.
في السويداء حمل الأهالي المحتفلين صور أولادهم المغتربين قسراً والذين كان حلمهم الوصول لهذه اللحظة. وقالت مراسلة سناك سوري أن الأهالي أطلقوا مبادرات للانتباه وحماية الممتلكات العامة باعتبارها ملك للشعب السوري وذلك بعد اعتداءات جرت يوم السبت. وقد استجيب لدعوات الأهالي والوجهاء اليوم ولم تسجل أي حالات اقتحام أو اعتداء على المنشآت العامة اليوم الأحد.
هذا ولم يخلُ الأمر من انتشار مخاوف بين الناس من أعمال انتقامية وانتشار بعض المعلومات على مواقع عن تجاوزات وأخطاء ارتكبت اليوم. ويدعو سناك سوري حميع من يتعرضون لمضايقات من أي نوع لمراسلته أو الحديث مع مراسليه من أجل تسليط الضوء عليها في إطار دور الإعلام وعمله.