من خلف زجاج المطعم.. الشقراء الصغيرة نظرت للسندويشة وابتسمت
المال لك لكن الموارد للجميع.. نداء لمرتادي المطاعم وأصحابها

طرقت بأناملها الصغيرة على زجاج واجهة أحد مطاعم الوجبات السريعة، بينما كنت وطفلتي نتناول “سندويشة احتفاء بالعيد”، كانت طفلة صغيرة حافية القدمين، لا تتجاوز الـ3 من عمرها، بشعرها “الكيرلي” الأشقر القصير، وعيونها الزرقاء وبشرتها الحنطية اللطيفة.
سناك سوري-إنسانة
نظرت إلى السندويشة بيد طفلتي الصغيرة، ثم نظرت إلينا مبتسمة بخجل وسرعان ما ابتعدت إلى الجهة الثانية من الرصيف، حيث كانت والدتها التي تبيع علب المحارم جالسة بانتظار الزبون القادم، راقبتهما قليلاً، كانت الأم تضع إكسسواراً في يدها، أحببت ذلك التعبير الأنثوي المدفون تحت وحل الفقر والحاجة، سرعان ما طلبت الطفلة ارتداء الإكسسوار، لتخلعه والدتها وتلبسها إياه ثم تضحكان بعد أن اكتشفت الطفلة أنه كبير عليها.
كان تصرفاً تربوياً رائعاً، يخالف كل المعتقدات النمطية، التي تقول إن الفقر يمنع الأهل من التربية الجيدة، ربما يمنعهم فقط من منح أطفالهم حقوقهم في الترفيه والحياة الكريمة، لكنه لا يمنعهم تقاسم العمل والتعب واللعب أيضاً.
على الطاولة الأخرى داخل المطعم، كانت تجلس سيدة وشابتان اثنتان، هممنّ بالمغادرة بعد دفع فاتورة بلغت قيمتها حوالي 70 ألف ليرة تقريباً، كنت قد قدرتها استناداً إلى طلباتهنّ على الطاولة، 3 سندويشات و3 صحون سلطة و3 بيبسي و3 ماء، كانت الصحون على الطاولة شبه ممتلئة، وكأن أحداً لم يتناول منها شيئاً، أتت النادلة لتضعها فوق بعضها البعض في صينية كبيرة وتأخذها إلى المطبخ حيث لا أدري إن كان سيتم رميها في القمامة.
اقرأ أيضاً: رئيس الحكومة.. زميلي في المواطنة يزور محافظتي اللاذقية
على الأرجح هذا المشهد يتكرر بشكل كبير، وبعيداً عن جدلية العدالة الاجتماعية، لماذا لا يوجد اهتمام أكبر سواء من قبل أصحاب المطاعم وزبائنها، ولتكن مضبوطة بقوانين حقيقية، على سبيل المثال، حين تطلب وجبة في المرة القادمة، اطلب معها صحناً فارغاً، ضع فيه ما ستتناوله، وإن تبقى شيء في الطبق الرئيسي يقوم صاحب المطعم بتوضيبه وتركه للفقراء والمحتاجين الذين يزورون المطعم ليبيعوا العلكة أو المحارم، عوضا عن طردهم خارجاً بأسلوب فوقي متعجرف.
“المال لك والموارد للجميع”، العبارة التي قرأتها يوماً، والتي تعني أن المال لك لكن لا يحق لك استخدامه لشراء الطعام ومن ثم رميه، فهذا الطعام هو الموارد التي تعود ملكيتها للجميع.
هامش مهم: كي لا تأخذ المادة بعداً مختلفاً، قمت بشراء سندويشة شاورما لتلك الطفلة الجميلة، لكني اقتطعتها من دخلي المتواضع جداً، الذي وللأسف لا يستطيع إطعام كل الجميلات مثل تلك الصغيرة، لكن بقليل من المسؤولية الأخلاقية والإنسانية والاجتماعية، سيحظى الكثيرون مثلها بوجبة لذيذة.
اقرأ أيضاً: سوريا: صاحب مطعم يغتصب طفلة دخلت مطعمه لتأكل