الرئيسيةرأي وتحليل

إيصال الدعم إلى غير مستحقيه – أيهم محمود

على سيرة الدعم.. بحسبة صغيرة ستكتشف أن الموظف يدعم الدولة من راتبه لا العكس

مع تزايد النشر الحكومي للمعادلات والجداول الرقمية التي تبين مقدار الدعم الذي تناله الأسرة السورية من الخبز والغاز والكهرباء والأرز والسكر، ومع تزايد شعور المواطن السوري بالخجل من هذا الدعم المستمر له دون أن يستطيع بالمقابل تقديم أي شيء ولو على شكل هدية صغيرة، تعبر عن امتنانه وشكره الدائم لاهتمامهم وعدم تركه في الشارع ليموت من الجوع، قام بعض المشاغبين في مواقع التواصل الاجتماعي بالخوض في حمى الحسابات الرقمية ليستنتجوا بعلاقة بسيطة واحدة احتلت نصف سطر فقط أن الموظف الكريم في القطاع الخاص والعام يدعم صاحب العمل بمبلغ يساوي الفرق بين قيمة راتبه في عام ٢٠١٠ وقيمة راتبه الحالي باعتماد سعر الصرف الحالي للعملات العالمية.

سناك سوري-أيهم محمود

للصدق شعرت بالفخر على المستوى الشخصي بعد أن تابعت بنفسي إجراء العملية الحسابية لأكتشف أن فرق الراتب في حالتي الشخصية يتجاوز المليون والنصف ليرة سورية شهرياً، حتى في عملي الهندسي الخاص بعد تقاعدي من العمل الحكومي نتعامل مع أجور مفروضة علينا لا تمت لواقع الأسعار الحالي بصلة، كل هذا في سبيل دعم من لا يستحقون الدعم فعلاً وليس تهرباً من مسؤولياتنا تجاههم.

لا يهم أننا فقدنا الكثير من المواد الأساسية في قائمة طعامنا اليومية طالما من لا يستحقون الدعم يأكلون كل ما يحلو لهم، ويترفهون، ويتعلمون، الحمد لله أنهم استطاعوا أن ينجوا من مصيرنا ليبقوا بخير وأمان، الاطمئنان على استقرار أحوالهم يكفينا، لم يستطع المشاغبون التفريق بيننا وبينهم كما تمنوا ورغبوا لكننا الآن على الأقل بتنا نعرف يقيناً، أن من لا يستحقون الدعم يشكروننا على دعمنا اللامحدود لرفاهيتهم واستقرار أحوالهم الاقتصادية بتقديم كيس صغير من الأرز هنا وكيس من السكر هناك، يقدمون لنا أيضاً عشرات الغرامات من الخبز اليومي.

ويجب أن لا ننسى إسطوانة الغاز كل بضع أشهر، هم يتذكرون أفضالنا عليهم ولو بهدايا بسيطة لا تعادل قيمتها الاجمالية عُشر ما نتبرع به شهريا لهم، فالعُشر كلمة كبيرة مقارنة بما يحصل عليه المواطن المنكوب في هذه الأزمة من قيمة مواد مدعومة.

اقرأ أيضا: تاريخنا الذي يتغنى به البعض يشبه واقعنا اليوم – أيهم محمود

يقدم أصحاب العمل الخاص الهدايا للمتعبين على شكل مساعدات من أموالهم، بينما يقدم صاحب العمل العام الهدايا على شكل دعم، في كلا الحالتين لا تهبط الأموال على البشر من السماء، المال قيمة تقديرية لمقدار العمل المبذول، طريقة مبتكرة لتقاسم خيرات الأرض من طعام ومواد كلٌ حسب عمله.

قد أكون مُجِداً في مهنتي فأعمل بطاقة خمس أشخاص أو ربما أكون بطلاً أسطورياً خارقاً مثل أولئك الموجودين في الأفلام الأمريكية، رامبو الذي يملك قدرة مائة إنسان، إن كنتُ ذاك البطل الوهمي الذي لا وجود له في الواقع ستكون قيمة عملي أعلى بمائة ضعف وسأحصل على مائة ضعف من خيرات الأرض وخيرات عمل بقية البشر، عندما نجد -في الواقع وليس في الخيال- من يحصل على مال يعادل ألف ضعف، أو يعادل عشرات آلاف الأضعاف مقارنةً بما يحصل عليه العامل المُجِد نعرف يقيناً أن هناك من يأخد مِن مَن يستحق جزءاً من ثمن جهده ليعيش هو على حساب جهد الآخرين وعرقهم.

على من يأخذ المال من غيره وهو لا يستحق فعلاً ما يأخذ أن يُظهر بعض الإمتنان لمن يُقدم له الاستقرار والرفاهية وأسباب الوجود لا أن يقوم بفضح فقره في الإعلام عبر تعييره بالفتات الذي يُقدم له والذي هو مجرد جزء بسيط جداً من قيمة عمله الحقيقي الفعلي، هذا هو جوهر المعادلة التي لا يحبها معظم الناس.

اقرأ أيضا: قريباً السيارات الثمينة في العالم إلى الصهر – أيهم محمود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى