عبد الرحيم الطباع ..حوّل كرسيه المتحرك إلى مصدر رزق
على كرسي متحرك سوري يعمل عشر ساعات يومياً
سناك سوري – حسان إبراهيم
يتجول “عبد الرحيم الطباع” على كرسيه الكهربائي في شوارع “حمص” نحو عشر ساعات وأكثر باحثاً عن رزق عائلته المكونة من خمسة أفراد، نحو خمسة عشر عاماً وهو يعمل في مجال تعبئة الرصيد لخطوط الجوالات، هذه المهنة التي أحبها ولذلك لقَّب نفسه “‘ملك تحويل الوحدات أبو أحمد الطباع”.
12 عمل جراحي
حكايته مع الإعاقة بدأت منذ سنوات عمره الأولى بسبب حدوث نقص في أكسجة الدماغ مما أدى لشلل أطرافه الأربعة كما يقول في حديثه مع سناك سوري ويضيف: «عندما كنت طالباً في المرحلة الابتدائية خضعت لأكثر من 12 عملية جراحية وبعدها تابعت دراستي حتى نهاية المرحلة الإعدادية ورسبت في امتحاناتها الأخيرة بسبب عدم وجود مرافق معي كي يكتب عني، بعد ذلك نزلت مع والدي إلى السوق المسقوف وافتتح لي بسطة صغيرة لبيع الإكسسوارات والمكياجات من باب التسلية، من هنا بدأت خطواتي الأولى في رحلة الاعتماد على الذات».
اقرأ أيضاً: سوريون يرقصون على الكراسي المتحركة في تجربة هي الأولى
الحرب وضعته هنا
علاقة “أبو أحمد الطباع” مع العمل ليس فيها انقطاع إلا وقت الضرورة، بدأ بعمله في تحويل الوحدات بعدما أصبح يملك محلاً خاصاً به، يقول: «اشترى لي والدي محلاً في حي “كرم الشامي” كنت أبيع فيه بضاعة رخيصة (أي قطعة بعشرة) وأدوات منزلية بسيطة، إلى جانبها كنت أقوم بتحويل الرصيد للزبائن، اعتمادي على نفسي كان في كل شيء من لحظة الخروج من البيت لغاية فتح المحل عبر جهاز تحكم كهربائي، الأمور كانت جيدة لحين توقف الحياة في المدينة بسبب الحرب وبعد تحسن الأحوال بدأت التجول في بعض شوارع المدينة الرئيسية مثل شارع “‘الخراب” وشارع “الحمرا” مقابل باب نادي “الكرامة” وتعبئة الرصيد للمارة، اعتادت الناس على رؤيتي هنا، وأصبح عندي زبائن كثر يترددون عليَّ أو يطلبون الرصيد عبر الهاتف».
يأمل بوظيفة تناسب وضعه
لا يتوقف “الطباع” عن التجول والعمل إلا عند حدوث عطل في الكرسي الكهربائي الخاص به، ويضيف:« أخرج من منزلي صباحاً وحتى الساعة العاشرة مساءً صيفاً وشتاءً، أعمل حتى لا أحتاج أي إنسان مهما كان وفي أي شيء، وخاصة بعدما أصبح لدي عائلة منذ 15 سنة و3 أولاد حالياً مسؤول عن تأمين احتياجاتها، تعودت على رؤية الناس والاحتكاك بهم، هنالك صعوبات بالتأكيد وخاصة فيما يتعلق بأمور الكرسي الكهربائي وتكاليف صيانته، وآخر مرة كانت التكلفة بحدود 400000 ليرة لكنني تعودت على مسيرة حياتي اليومية وأصبحت أكثر حبَّاً لمهنتي، وأتمنى أن أحظى بفرصة وظيفة مكتبية كمحاسب أو أمين صندوق لأني أجد نفسي في هذا المجال وقادر عليه، لكن النظرة للأشخاص المعاقين في بلدنا تبقى ناقصة للأسف الشديد».
اقرأ أيضاً: محمد هرو منعه الكرسي عن المدرسة فخط بقلمه لوحات
حلمي الوحيد السفر للعلاج
حقوق ذوي الإعاقة غائبة في “سوريا” حسب “الطباع” لهذا فهو يطمح ويحلم بالسفر إلى أية دولة أخرى ليس بقصد الهجرة، إنما بحثاً عن فرصة علاج مهما كانت صعوبتها – ليس كمهاجر أو لاجئ- إنما كي يعود إلى وطنه “سوريا” ويلامس ترابه ماشياً على قدميه حسب تعبيره، ويتابع:«صديقي المقيم في “ألمانيا” يرسل لي صوراً ومقاطع فيديو تبين احترام الأشخاص المعاقين هناك والتسهيلات التي توفر لهم في محطات القطارات والباصات والتقنيات الحديثة المستخدمة في خدمتهم، وأشاهد ذلك في صفحات الفيس بوك أيضاً، أما عندنا فالخروج لقضاء أية حاجة يلزم من صاحب الكرسي وجود شخص أو أكثر كمرافقين لك، وخاصة عندما تكون لديه معاملة مثلاً في مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل الواقعة في الطابق الثالث ولا وجود لمصعد يعمل هناك، والحال هذا ليس فيها فقط بل في كل المباني الحكومية، أتابع التطورات العلمية الحاصلة في مجال الطب وآمل أن أجد فرصة العلاج وأمشي على قدمي يوماً ما».
اقرأ أيضاً: ياسر صيصان: آسف لأولئك الذين ينظرون للنصف المفقود من جسدي
حب الرياضة وتشجيع نادي “الكرامة”
“أبو أحمد” يحب كرة القدم ومن مشجعي نادي “الكرامة” ويواظب على حضور أغلب مبارياته التي تقام في ملعب “حمص” والإدارة كانت تمنحه أحياناً بطاقات دخول مجانية مثلما ذكر لنا وأضاف: «بدأت الذهاب إلى الملعب مع أشقائي منذ بداية شبابي، وتابعت حضور جميع المباريات إلا عند وجود التزامات معينة، لدي ذكريات جميلة مع فريق كرة القدم وخاصة الذي شارك في بطولات آسيا حيث تواجدت في كل المباريات حينها».
بدورها الرياضية “شيرين الحزام” التي عرفت “الطباع” من خلال متابعته للمباريات تقول عنه:« أحترم فيه إرادته وعزيمته على العمل وروحه المرحة عرفته من خلال متابعته لمباريات فريق كرة القدم للرجال وحضوره المميز على المضمار ومحبته للرياضة دفعته للاهتمام بممارسة أبنائه لها حيث أشرف على تدريبهم كرة السلة».
اقرأ أيضاً: “إخلاص غريزي” تحدي الحاجة بالعمل