زوجة عشرينية وطفل رضيع.. وأب لا يوفر فرصة لممارسة رجولته بالعنف
الجيران يستمعون إلى أنين الأم وبكاء الطفل لكن لا أحد يتدخل
سناك سوري – هديل الشّعار
نام الجيران ليلة تلو الأخرى على صوت “فاديا” اسم مستعار وهي تبكي بعد أن ضربها زوجها وكذلك فعل مع طفلهما الرضيع الذي كانت قلوب الجيران تشفق عليه لكن إرادتهم لم تكن لتفعل شيء لوقف ماتعانيه الأسرة.
الحادثة وقعت في الكسوة بريف دمشق وكان أبطالها الحقيقيون أسرة من 3 أفراد أب سكير عنيف وزوجة عشرينية وطفل سيعلم الأذى فيه طويلاً وسيتراكم في لاوعيه إلى أن يبني له مستقبلاً أسود مالم يكن هناك مواجهة وإيقاف لهذه الحالة.
تروي إحدى الجارات أنها لطالما رأت الزوجة والطفل بعد تعرضهما للضرب يقفان أمام المنزل لساعات لحين أن يقرر الأب إعادتهما إليه بينما كان الجميع متكتفين لا يحركون ساكناً، بينما لا تمتلك هذه الجارة أي مبرر عن سبب عدم اتصالها بالشرطة سوى أنها لاتريد أن تخرب بيت “الزوجة” وكأن مايحدث لها هو “عمار البيت”.
استمرت هذه الحالة لأشهر طويلة حتى وجد الجيران الحل في الاتصال بصاحب المنزل وشرح ما يحدث له فكان قرار الأخير أن رفض تجديد العقد وبالتالي غادرت الأسرة الحي ولكن أوجاع الأم وطفلها لم تغادرا.
تقول “فاديا” قبل رحيلها لـ سناك سوري أنه لا خيارات لديها سوى هذا الزوج السكير الذي يضربها فإذا تطلقت “أين ستذهب؟” تطرح هذا السؤال دون أن تجد له إجابة فعائلتها لا تستطيع إعالتها ولا ترحب بامراة مطلقة.
أما الزوج فهو كثير الشرب والصراخ، وشديد البأس بالضرب ضعيف الإرادة بالعمل، تقول “فاديا” إن والده هو من يعينهم لكي يشتروا احتياجاتهم اليومية لكنه لا يفعل شيء لمنع ابنه من الضرب وحتى أنه لا يستطيع، بينما تشكوا حال طفلها الذي يبكي أكثر مما ينام.
العنف الذي تعرض له الطفل وأمه سيؤثر بلا شك في حياتهما المستقبلية، حسب ما أوضحه الخبير التربوي “محمد عصام محو” خلال حديثه مع سناك سوري، مشيراً إلى أن الحادثة مؤسفة وتثير التساؤل عن دور المجتمع والتقاليد في تعزيز أو محاربة مثل هذه السلوكيات «التي بتنا نسمع عنها بكثرة في الآونة الأخيرة».
ويضيف: « هذه الممارسات ستحفر عميقاً في نفس الأم التي غادرت بيت أبيها بسن مبكر (عمرها 20 عاماً وعمر طفلها عام أي أنها تزوجت بعمر الـ18 أو 19 سنة) وكلها أمل بحياة جميلة كما غالبية المقبلين والمقبلات على الزواج، ومع هذه الخيبة ربما ستسكنها المشاعر السلبية من ألم وانكسار، وشعور بالقهر، وبالتالي سيؤثر ذلك في دورها التربوي وفي تربية طفلها وأداء واجباتها، وربما يقودها هذا التصرف الهمجي إلى البحث عن الأمن والراحة في علاقات خارج إطار الزواج».
الحال الذي وصلت له هذه الأسرة، مسؤولية أهل الزوجين والمجتمع محمد عصام محو-خبير بالإعلام التربوي
أثر هذا التصرف السلبي على الطفل سيكون مضاعفاً، حسب الخبير “محو” :«إذ إنّ براءته ستصطدم بمشهد الأب المتوحش الذي كان يضربه دون أن يدرك هذا الطفل السبب، وهذا قد يزرع فيه عقداً نفسية، منها: أنه قد يتشرّب هذا الأسلوب، ويتحول إلى إنسان غير سوي يعامل زوجته وأولاده فيما بعد بطريقة مشابهة، أو قد يكون العكس، بأن يكره والده ويأخذ موقفا سلبياً من الآباء، ويحاول أن ينتقم من والده أو من غيره في محاولة لتعويض ما فقده في صغره، إضافة لتدني المستوى الدراسي للإبن نتيجة ما يراه وما يعايشه من أوضاع أسرية غير مستقيمة».
الحال الذي وصلت إليه هذه الأسرة مسؤولية عدة جهات، حسب حديث “محو” منهم أهل الزوجين وكذلك المجتمع الذي خطّت تقاليده أنّ من حق الزوج أن يفعل ما يشاء بزوجته وأطفاله ولو وصل الأمر إلى ضربهم وإهانتهم، مؤكداً على أهمية دور المجتمع والجيران في إبلاغ الجهات المعنية عن أي اشتباه بحادثة عنف، ويضيف أن سلطة القانون تستطيع وضع حد لتلك الممارسات وتنتصر للزوجة وطفلها.
اقرأ أيضاً: أخصائيون بانتظاركِ.. رقم تجريبي للإبلاغ عن حالات العنف ضد النساء
دور المجتمع والجيران مهم جداً في إبلاغ الجهات المعنية عن أي حالة عنف محمد عصام محو-خبير بالإعلام التربوي
أسباب التعنيف
أسباب كثيرة قد تدفع الرجل لتعنيف أسرته يوضحها “محو” فيقول: «البطالة ربما يكون لها دور في ذلك، لأن الزوج الذي يشعر بالفراغ وقلة المال سيحتقن بمشاعر سلبية قد يحاول تفريغها في الإدمان، أو ممارسة العنف الأسري؛ فالإدمان ينسيه واقعه المؤلم، ويغيّب عقله، مما يؤدّي إلى تصرّفات همجيّة غير محسوبة العواقب، وهناك أيضاً المنظمات المعنيّة بحقوق الإنسان ومنها حقوق الطفل، وحقوق المرأة، وذلك في نشر الوعي الأسري على نطاق أوسع، ولا سيما في المناطق التي ينتشر فيها العنف الأسري بكثرة، إضافة لمسؤولية الإعلام الذي ما فتئت كثير من قنواته ومسلسلاته تعزّز الممارسات الخاطئة مصوّرة من يقوم بها على أنه بطل ويتمتّع برجولة وسلطة لا محدودة».
مسؤولية الزوجة عما تتعرض له من عنف لايقل أهمية عن مسؤولية أية جهة أخرى، فعليها التحلي بوعي كامل بحقوقها وامتلاك الشجاعة للدفاع عنها، فإن لم تستطع التأثير وتغيير سلوك زوجها العدواني، عليها أن تلجأ إلى الجهات المعنيّة، حسب “محو” مضيفاً:«بأن تحقيق استقلالية المرأة وعدم تحملها للعنف من قبل الزوج يتطلب حصولها على عمل خاص بها يحقق لها استقلالها المالي و يمكنها من تأمين مصروف أطفالها».
اقرأ أيضاً: دوائر العنف تتقاطع لقتل النساء.. نحتاج قانوناً صريحاً يجرّم العنف