دلال سليمان.. نسوية عمرها 100 عام ومؤسسة صوامع الحبوب
دلال سليمان عاشت مفاهيم النسوية منذ أصبحت مراهقة أربعينيات القرن الماضي

في منزلها بقرية “زخيرة” بريف بلدة “الجوادية” في “الحسكة”، استقبلتنا المرأة الاستثنائية كما يصفها أهل قريتها. “دلال سليمان”، التي احتفلت بعيد ميلادها المئة بداية عام 2023، عاشت الكثير من التجارب. وذاكرتها تحتفظ بأحداث كبيرة وقديمة جداً حتى يومنا هذا.
سناك سوري-عبد العظيم عبد الله
ولدت الجدة “سليمان”، عام 1923، تزوجت في عمرٍ مبكر، وهو ما حمّلها الكثير من الأعباء والتعب كما تقول لـ”سناك سوري”، وتضيف. أنها عملت في الأراضي الزراعية وتربية الحيوانات بما فيها الأنعام والجواميس والأبقار والماعز، حيث ترعاها وتحلبها وتذبح العشرات منها في اليوم الواحد.
وتضيف أنها كانت تذبحها وتسلخها وتقطعها لوحدها دون مُعين، وحتى أنها تذكر بأنه في أحد الأيام، كانت تعمل لوحدها كامرأة مع 14 شاباً.
وصل النشاط بـ”سليمان”، في ذلك الوقت لدرجة بناء صوامع الحبوب لوحدها، تقول لـ”سناك سوري”: «تحملتُ ذاتياً حفر خنادق بعمق 2 متر تقريباً. بهدف وضع الحبوب فيها لتخزينها لفصل الشتاء، تلك الحفر تشبه الصوامع في وقتنا، كل حفرة لنوع من الحبوب سواء القمح أو الشعير أو العدس».

كان عملاً شاقاً جداً، تقول الجدة، وتضيف، أنه لم يكن الوحيد فبالتزامن معه، كانت تجهز الخبز على الصاج أو في التنور. حيث كانت تستيقظ قبل شروق الشمس وتستمر بالعمل حتى غروبها. وهذا كان حال يومها لعشرات السنين.
حتى وسائد منزلها وكافة مقتنياته من صنع يدها، كما أنها أعدت مثلها لأولادها ليستخدمونها في منازلهم بعد زواجهم.
إكرام الضيوف
وسط هذا الكم الكبير المُلقى على عاتقها، لم تنسّ “سليمان” واجب إكرام الضيوف واستقبالهم بحفاوة، وهو عرف أهالي المنطقة. علماً أن الضيوف وعابري السبيل لم يكونوا حدثاً طارئاً، إنما حدث يومي تقريباً.
لم تكتفِ الجدة “سليمان” بهذا القدر من العمل، وبدأت في مرحلة عمرية متقدمة مهمة جديدة تمثلت بالتجارة بين بلدها والعراق. تقول إنها كانت ترافق القافلة المؤلفة من 7 حمير محملة ببضائع عبارة عن ألبسة وأدوات منزل من صنع يدها، تسافر معها وتبيعها في العراق.
وطيلة السنوات التي عملت بها بالتجارة بين سوريا والعراق، لم تتعرض “دلال سليمان” لأي حادث، أو أذية لتشيد بالأمان الكبير في تلك المرحلة.
رغم كل تلك الحياة المتعبة ومشقة ما عاشته، إلا أن الجدة سليمان لم تزر الطبيب سوى قبل 4 سنوات، وتقول إن للعمر حقه.
فقدت “سليمان” زوجها قبل 50 عاماً، وقبله ولدها البكر الذي تصف رحيله بأنه “هدّ حيلها”، وتضيف أنها لم تتزوج وفضلت الاعتناء بأسرتها والاستمرار بعملها.
يذكر أن “دلال سليمان”، تتقن الكردية وهي لغتها الأم، إضافة إلى العربية والركيّة، ولها 57 حفيداً، وستة أبناء.