الرئيسيةيوميات مواطن

بيتي الذي بنيته بالتقسيط صادره الرعب مجاناً.. نريد دولة لا كرتونة مساعدات!

نطالب بحماية حقيقية من الدولة وعدالة انتقالية ونزول إلينا على أرض الساحل

مازلت خائفة من العودة إلى منزل بنيته مع زوجي بالتقسيط، كل عام كنت أدخر لأضيف له شيئاً جديداً، بعت محابس الزفاف لأشتري براداً وفرن غاز، ثم ادخرت لستة أشهر لأشتري غسالة، وهكذا مرّت السنون العشر أضيف له شيئاً جديداً كل عام، ومع ذلك لم ينتهِ بعد، مايزال بحاجة إلى الكثير، مثل باب حديد من شأنه أن يحميني وطفلتي من شرّ حامل سلاح عابر مثلاً!

سناك سوري-نازحة في مدينتها

اليوم أنا مشردة في منزل قريبة مع عائلتي، ماتزال ذكريات الرصاص تطاردني، وحالة الهلع كلما فكرت بأني سأعود تطاردني، ماذا سأفعل إن عاد سيناريو إطلاق الرصاص تجاهنا نحن المدنيون؟ هل أسلم الأمر لله وأضع رأسي بين “هالروس وقول يا قطاع الروس” كما يخبرني زوجي، أم أواصل البحث المضني عن منزل يأويني هنا في المدينة حتى لو قضم كل راتبي مع كل الديون التي ركبتها على نفسي بعد مرض زوجي؟

ربما لن أكون مضطرة لكل تلك المعاناة اليوم، لو أن الدولة قررت أن تعاملني وسار من عاش تلك الأحداث الدموية، كمواطنين سوريين واضعين سوريتنا فوق كل اعتبار.

لم أسمع أي خطاب تطميني كنت أنتظره، لم أرَ المحافظ أو ممثلون عنه يتجولون في القرى المنكوبة لسؤالنا عن مطالبنا واحتياجاتنا، ليقدموا لنا الطبطبة والطمأنة قبل كرتونة مساعدات غذائية، لكن كلا الحدَثين لم يحصلا..

كمواطنة سورية تنحدر وتعيش من هذه البقعة الجغرافية، كيف يمكن أن أطمئن قلبي بأن كل شيء بات على ما يرام؟ إن كانت الانتهاكات ترتكب يومياً؟ كما في “حرف بنمرة” التي أيقظت داخلي شعور الرعب بعد أن كدت أقنع نفسي بأن كل شيء قد مضى؟

كيف أقنع نفسي اليوم بأني لن أكون وعائلتي الضحية القادمة؟ من يعطيني تلك الضمانة؟ أين الحكومة الجديدة التي كنا ننتظر أن تبدأ من ساحلنا المنكوب؟

المطلوب أن تتوجه أعين الحكومة والسلطة وأذرعها المدنية إلى الساحل، أن يكونوا بجانبنا أن يخرجوا كل المتطرفين، أن يفرضوا طوقاً أمنياً لمنع أي فصيل منفلت من الدخول إلى الساحل بكل ما يحمله من خصوصية، أن يبدأوا بتطبيق العدالة الانتقالية أن يحاكموا رموز النظام السابق لا المدنيين الفقراء العزل الذين سلموا سلاحهم ثم تعرضوا للإبادة.

متى سأجد الطمأنينة؟ وأول قرار بعد المجزرة كان بدفعات فصل جديدة بمؤسسة الكهرباء في اللاذقية، وكأن هناك من يقول لي إن هذا البلد لم يعد لك؟

لا أمتلك ثمن دفع تكاليف الفيزا الإنسانية إلى البرازيل، وأساساً لا أريد السفر بتلك الطريقة، كنت قد بدأت أحلم بالحصول على حياة حقيقية بعد سقوط النظام، بخلاف كل جيراني ومجتمعي، بعد الـ7 من آذار، أخشى أن مخاوفهم كانت محقة، ولا أجرؤ على النظر في عيونهم خجلاً من تطميناتي لهم بأن كل شيء على مايرام!

زر الذهاب إلى الأعلى