أخر الأخبارالرئيسيةتقارير

بعد سقوط الأسد .. كم تحتاج سوريا لإعادة تأهيل حقول النفط والغاز؟

من يعوّض غياب توريدات النفط الإيراني؟ وما الحلول المقترحة للمستقبل؟

بلغَ إنتاج سوريا من النفط الخام خلال عام 2010 حوالي 400 ألف برميل يومياً. كما بلغ إجمالي الاحتياطي النفطي في سوريا نحو 2.5 مليار برميل وعلى صعيد الغاز، بلغَ الإنتاج السوري قبل آذار 2011 نحو 30 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يومياً.

سناك سوري _ حلا منصور

في حين أقرّ وزير النفط في النظام السابق “فراس قدور” على هامش مؤتمر الطاقة العربي في قطر عام 2023، أنّ البلاد باتت تنتج حوالي 15 ألف برميل فقط يومياً، في أدنى نسبة شهدها قطاع النفط خلال العقدين السابقين، وأوضح قدور حينها أن عجز الكهرباء في سوريا يبلغ نحو 75%، لافتاً إلى أنّ إنتاج الغاز تراجع إلى نحو 5 ملايين متر مكعب يومياً.

الغاز
تعبئة أسطوانات الغاز – سناك سوري

كيف تصل سوريا إلى الاحتياطي المؤكد من الغاز؟

المدير التنفيذي لشركة C.r.e.t.a group الدكتور معتز الرياحي أوضحَ في حديث مع “سناك سوري” الخلط الشائع بين الاحتياطي المقدر مقابل الاحتياطي المؤكد.

مُبيّناً أنّ “الاحتياطي المُقدّر -وهو المتداول إعلامياً- يعتمد على توقعات أولية، بينما يتطلب تحويله إلى احتياطي مؤكد دراسات جيولوجية وتقنية متكاملة وهو ما نفتقده في الحالة السورية. إضافة لذلك فإنّ البنية التكتونية في الساحل السوري لا تدعم قابلية لوجود احتياطي من الغاز قابل للاستثمار. ومع ذلك، يمكن الحديث عن احتياطي مؤكد ضمن خزان مشترك في المياه الإقليمية السورية مع تركيا وقبرص.

قمة مجموعة البنك الدولي للشباب
الدكتور معتز الرياحي _ فيسبوك

إلّا أنّ التحديات الجيوسياسية المتمثّلة بغياب الترسيم الواضح للحدود البحرية، تُعقّد مسألة تقدير الكميات القابلة للاستثمار. حيث تمتد مساحة المنطقة السورية البحرية على حوالي 1000-1500 كم².

ويُعتبر الترسيم الرسمي والتفاهمات المشتركة مع تركيا وقبرص ولبنان خطوة أساسية للحكومة الجديدة لتطوير خطة استثمارية فعّالة.

وأضاف “الرياحي” أنّ سوريا تمتلك إمكانيات واعدة لتطوير قطاع الغاز البري في المنطقة الوسطى التي تضم حقول عدّة للغاز، أبرزها حقل “الشاعر” في تدمر، أكبر حقول البلاد من حيث طاقته الإنتاجية التي تصل إلى 3 ملايين متر مكعّب.

إضافة لحقول “هيل وحيّان وآراك” وغيرها. لكننا نحتاج إلى ما لا يقل عن 5 سنوات من العمل المكثف لإعادة تأهيل الحقول والبنية التحتية نتيجة التدمير والتخريب الذي تعرّضت له خلال الحرب، للوصول إلى مستويات إنتاج تغطي بعضاً من الاحتياجات المحلية، بينما سنحتاج 10 سنوات لتحقيق نتائج بشكل مستدام.

أحد حقول النفط التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية – إنترنت

تحدي الزمن لاستثمار النفط

وعن النفط، قال “الرياحي” أنّ سوريا تمتلك احتياطات نفطية مؤكدة، لكنّها غير مستثمرة بسبب التدهور الكبير في البنية التحتية وغياب التكنولوجيا الحديثة اللازمة للاستكشاف والإنتاج.

فيما يتمثّل التحدي الزمني باستعادة إنتاج النفط إلى مستويات قريبة من 350 ألف برميل يوميًا (ما قبل 2011) بالحاجة لثلاث إلى خمس سنوات على الأقل واستثمارات كبيرة في البنية التحتية.

آثار إيجابية لرفع العقوبات

الباحث في مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية “كرم شعّار” اعتبرَ في حديثه مع “سناك سوري” أنّ رفع العقوبات سيكون له أثر كبير على الاقتصاد السوري ومعيشة المواطنين نظراً لأن وجودها يمنع الاستثمارات والمؤسسات الأجنبية من العمل في قطاع النفط.

وبيّن “شعّار” أن النظام المخلوع اعتمدَ بعد خسارته لأهم حقول النفط في البلاد، على التوريدات من حليفه الإيراني، التي تراوحت بين 60 إلى 80 ألف برميل من النفط يومياً. متوقعّاً أن تكون “قطر” الآن اللاعب الرئيسي في تزويد سوريا بالنفط والغاز، بعد توقف “إيران” عن ذلك إثر سقوط نظام بشار الأسد وخسارة مصالحها، لتحل “الدوحة” التي تنسج علاقات استراتيجية مع السلطة الجديدة مكانها. أمّا عن استثمارات روسيا طويلة الأجل في النفط والغاز السوري فإنّ مصيرها لا يزال مجهولاً، بحسب “شعّار”.

رؤية اقتصادية واقعية ومستدامة

يرى “الرياحي” أنّ الغاز والنفط موارد مهمّة لدعم إعادة الإعمار في البلاد على المدى القصير، لكنّها محدودة التأثير الاستراتيجي على المدى الطويل نتيجة تراجع الاعتماد العالمي على النفط والتوجه نحو الطاقة النظيفة.

بينما التركيز بحسب “الرياحي” يجب أن يكون على الغاز الطبيعي والفوسفات، نظرًا لدورهما المحتمل في تلبية الاحتياجات المحلية وخلق فرص اقتصادية وتنموية جديدة. مُضيفاُ أنّ الاستراتيجية المستقبلية لسوريا يجب أن تُبنى على الواقعية والاستفادة من الموارد الحالية لدعم إعادة الإعمار، والتركيز على تنويع الاقتصاد لضمان استدامته بعيدًا عن الاعتماد الكامل على الموارد التقليدية.

تحتاج “سوريا” وفق تقديرات الخبراء إلى 5 سنوات لاستعادة تعافي قطاعها النفطي، لكن تلك المدة ليست مضمونة إن لم تقترن بالعمل وفق منهجية علمية تهدف فعلاً للوصول إلى مرحلة إعادة تأهيل كافة الحقول النفطية والغازية . وإدارة ملف الطاقة في البلاد وفق منهجية جديدة واستثمار كل الموارد بما فيها الطاقات البديلة؟

زر الذهاب إلى الأعلى