أخر الأخبارالرئيسيةتقارير

النصرة تسيطر على حلب… انقلاب المشهد في سوريا والعودة إلى 2016

أهالي حلب يعيشون أوقاتاً عصيبة.. ارتباك في دمشق وهجوم مفاجئ للنصرة

لم تفلح كل محاولات “أحمد” 32 عاماً بإخراج عائلته المؤلفة من زوجته ووالديه وشقيقته من مدينة حلب. بالتزامن مع دخول جبهة النصرة إليها أمس الجمعة. في مشهد أعاد البلاد إلى ذروة أيام المعارك فيها منذ عام 2011.

سناك سوري-حلب

وساد جو من الارتباك الواضح في دمشق، عقب تقدم جبهة النصرة باتجاه مدينة حلب والسيطرة على معظم أحيائها بشكل مفاجئ بوقت قياسي لم يتجاوز عدة ساعات أمس الجمعة. مع غياب وجود أي ممرات آمنة للمدنين للخروج من المدينة التي شهدت أكبر عملية نزوح في تاريخها أمس الجمعة ويقدر عدد النازحين بـ300 ألف شخص خلال يوم واحد خرجوا إلى المدن السورية عبر خناصر.

يقول “أحمد” لـ”سناك سوري”، إن كل محاولاته باءت بالفشل، رغم الجهود الجبارة التي قام بها مع أصدقائه في محافظات اللاذقية وحماة ودمشق. فحين وصل الباص من اللاذقية كانت الطريق قد قطعت وتعذر الوصول إليه.

في السياق ذاته، أمضت عائلة “جميل” 11 ساعة ونصف الساعة في الطريق من حلب إلى سلمية. فالزحام كان كبيراً، نتيجة حركة النزوح من المدينة باتجاه المدن السورية الأخرى.

وقال “جميل” الذي غادر مع عائلته مساء أمس الجمعة لـ”سناك سوري” إن الطريق من حلب إلى السفيرة احتاج 8 ساعات بسبب الازدحام الكبير. مقدراً عدد السيارات المغادرة بأكثر من 50 ألف سيارة وقال إن معظم السيارات التي تتسع لخمسة أشخاص كانت تقل عدد أشخاص أكبر من سعتها. إضافة إلى سيارات البيك آب التي تحمل المواطنين. بينما كانت هناك سيارات محملة ببعض أغراض المنزل مثل الحرامات والاسفنجات.

على الطريق أيضاً كان هناك العديد من السيارات التي نفذت من البنزين. بينما نزل سائقوها لاستجداء البنزين من السيارات المارّة بحسب “جميل”. مضيفاً أن الطريق كان ضيقاً لدرجة أنه لا يمكن أن يتسع لأكثر من سيارتين معاً كذلك فإنه طريق ذهاب وإياب. ما أدى لتكرار التوقف.

حلب تشهد أكبر عملية نزوح في تاريخها هرباً من تقدم النصرة في أحياء المدينة – فيسبوك

الطريق من السفيرة إلى سلمية لم يقل ازدحاماً، حيث احتاجت عائلة جميل 3 ساعات ونصف الساعة للوصول. ورغم أن الوقت كان متأخراً إلا أن أضواء السيارات العابرة جعلت الليل كما لو أنه في وضح النهار.

وتحوّلت صفحات السوريين العامة والخاصة إلى منبر للأسئلة دون وجود إجابات واضحة. فالإعلام السوري لم يغيّر شيئاً من سياسته، وغابت أخبار ما يجري في حلب عن كافة الوسائل الإعلامية الحكومية كذلك المقربة من الحكومة. في حين تفرّد تلفزيون سوريا ومقره تركيا بنقل أخبار الحرب والجبهات عبر بث مباشر لم يهدأ.

وبغياب إعلام قادر على نقل صورة ما يجري، بدأت بعض الصفحات بطلب المعلومات من الأهالي المقيمين في حلب. ليتحدثوا عن الواقع لديهم في أحيائهم البعض قال إنه رأى المسلحين في الشوارع وآخرون قالوا إن الشوارع هادئة لكن الخوف كبير في داخلهم.

سوريون عالقون في حلب

في غضون ذلك بات معظم السوريون ليلتهم قلقين على أولادهم المتواجدين في حلب، كحال عائلة “مروة” 28 عاماً (اسم مستعار) وهي ممرضة في أحد المشافي الحكومية في مدينة حلب. والتي تصادف أنها في دوامها. وتقول والدة “مروة” لـ”سناك سوري”، إن آخر اتصال مع ابنتها كان عند الـ1 ليل اليوم السبت. طمأنتهم على حالها وطلبت إليهم عدم محادثتها مجدداً على الموبايل وبأنها ستتحدث إليهم متى استطاعت.

في غضون ذلك أطلق سراح السجناء في سجن حلب، وتُركت حرية الخيار لهم سواء بالخروج أو البقاء في السجن. ليختار “باسم” 30 عاماً الذي ينحدر من محافظة حمص الخروج والتوجه إلى منزله بأحد أحياء المدينة. بانتظار تأمين وسيلة نقل تقله إلى منزل أهله في حمص.

وبطبيعة الحال تحوّلت مدينة حلب إلى مدينة أشباح في معظم شوارعها، فالمدنيين يتجنبون الخروج من منازلهم، بالتزامن مع إعلان غرفة العمليات التي تديرها جبهة النصرة حظر تجوال ليلي وأساساً اليوم عطلة والمدارس مغلقة كذلك كافة مؤسسات الدولة تقريباً.

ونشرت صفحات الفيسبوك العديد من المنشورات الذي عرض أصحابها استقبال النازحين في حلب. وفتح معظم السوريون منازلهم لأقارب وأصدقاء وأي نازح قادم من المدينة.

نزوح الأهالي مساء أمس الجمعة – فيسبوك

ضحايا وإصابات بين المدنيين

ونعى ناشطون استشهاد 4 طلاب جامعيين خلال تواجدهم في السكن الجامعي بمدينة حلب. الذي تم استهدافه بقذيفة صاروخية بالتزامن مع توغل قوات النصرة داخل المدينة. في مشهد أعاد حلب إلى ما قبل عام 2016.

طلاب يسعفون زميلهم في السكن الجامي بعد سقوط القذائف – فيسبوك

إلى ذلك وعقب استهداف السكن الجامعي، أعلنت الجامعة الافتراضية السورية تأجيل الامتحانات التي كانت مقررة اليوم السبت وغداً الأحد في مركز نفاذ “حلب”. إلى وقت يحدد لاحقاً.

وتستمر موجة النزوح اليوم. لمن يستطيع الخروج من المدينة باتجاه باقي المدن السورية خوفاً من استمرار التصعيد الذي يبدو أنه بات أمراً واقعاً.

موجة النزوح شملّت حتى الفعاليات الاقتصادية والمسؤولين كما يبدو أيضاً. وقال رجل الأعمال والنائب السابق “فارس الشهابي”. إنه اضطر للنزوح مع عائلته أمس الجمعة، خوفاً عليهم واصفاً المشهد بأنه “رحلة النزوح التاريخي الكبير مع النازحين إلى المستقبل المجهول”.

بيان غرفة عمليات “ردع العدوان” إعلان السيطرة على حلب

من جانبها غرفة عمليات ردع العدوان التي تقودها جبهة النصرة أعلنت السيطرة على مدينة حلب وعشرات القرى والبلدات في ريفها بالإضافة لمناطق واسعة من ريف إدلب.

في غضون ذلك قالت قيادة الجيش السوري في بيان لها قبل قليل. إن جبهة النصرة شنّت خلال الأيام الماضية هجوماً واسعاً مدعومة بآلاف المقاتلين الأجانب والأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة. وأضاف البيان أن الجيش السوري خاض معارك شرسة ضد النصرة، مشيراً أن «الأعداد الكبيرة للإرهابيين وتعدد جبهات الاشتباك دفعت بقواتنا المسلحة إلى تنفيذ عملية إعادة انتشار هدفها تدعيم خطوط الدفاع بغية امتصاص الهجوم. والمحافظة على أرواح المدنيين والجنود، والتحضير لهجوم مضاد».

وتابع البيان أنه «ومع استمرار تدفق الإرهابيين عبر الحدود الشمالية وتكثيف الدعم العسكري والتقني لهم. تمكنت التنظيمات الإرهابية خلال الساعات الماضية من دخول أجزاء واسعة من أحياء مدينة حلب دون أن تتمكن من تثبيت نقاط تمركز لها بفعل استمرار توجيه قواتنا المسلحة لضربات مركزة وقوية. وذلك ريثما يتم استكمال وصول التعزيزات العسكرية وتوزيعها على محاور القتال استعداداً للقيام بهجوم مضاد».

واضاف البيان أن «الإجراء الذي اتخذته هو إجراء مؤقت وستعمل بكل الوسائل الممكنة على ضمان أمن وسلامة أهلنا في مدينة حلب. وستواصل عملياتها والقيام بواجبها الوطني في التصدي للتنظيمات الإرهابية لطردها واستعادة سيطرة الدولة ومؤسساتها على كامل المدينة وريفها».

زر الذهاب إلى الأعلى