الرئيسيةتقاريرشباب ومجتمع

السوريات في الحياة السياسية .. مناصب نمطية وتعيينات “من فوق”

البرلمان أعفى رئيسته الفائزة بالتزكية .. والحكومة ضمّت 3 وزيرات فقط

بقي حضور النساء في المناصب السياسية على مدى السنوات الطويلة فولكلورياً. من طراز إضفاء نكهة نسائية على كل قائمة انتخابية أو إدارة عامة أو حتى التشكيلات الحكومية. وغالباً ما كان استحضار النساء في هذه المواقع يأتي “من فوق” بإسقاط أسمائهن على القوائم والتكشيلات والتعيينات. وليس عبر فاعلية نسائية تفرض حضورها دون تعيين أو اختيار حزبي.

سناك سوري -خاص

لا تتجاوز نسبة تمثيل النساء في البرلمان السوري خلال الدورة الحالية 12.8%. فيما وصلت نسبة الفائزات منهن في انتخابات الإدارة المحلية العام الماضي 12.6%. 

 

نسب تمثيل النساء في الوزارات وفي مجلس الشعب وفي رئاسة مجالس المحافظات

وعلى الرغم من وجود مشاركة نسائية في الحياة السياسية السورية. إلا أن تلك المشاركة بقيت نمطية وتواجه تحديات منها النظرة الذكورية التي تتهمها بأنها غير قادرة على لعب دور قيادي لأن عاطفتها تتحكم باختياراتها.

البرلمان يعفي رئيسته

في حزيران 2016 اختيرت “هدية عباس” رئيسة لمجلس الشعب كأول امرأة تشغل المنصب منذ تأسيس البرلمان السوري. لكن هذا الاختيار كان “من فوق” أيضاً حيث فازت بالتزكية إذ لم يترشّح أحد للمنصب أمام ترشحّها.

ورغم ذلك. فإن بقاءها في موقعها لم يطل حتى تموز 2017 حين فاجأها أعضاء المجلس بمعركة اتهموها خلالها بمنعهم من الإدلاء بمداخلاتهم والتصرف بطرق غير ديمقراطية.

نسبة تمثيل النساء في رئاسة الأحزاب السياسية في سوريا

وبحسب بيان المجلس الذي نقلته وكالة سانا آنذاك. فإن 163 عضواً اعترضوا على أداء “عباس” وتقدّموا بطلب إعفائها الذي وافق عليه المجلس بالإجماع فأسقطت عن رئاسة البرلمان.

المرأة نصف المجتمع في الخطابات فقط

في الخطابات والشعارات والمناسبات. تمثّل المرأة نصف المجتمع، أما في واقع الحياة السياسية فإن حضورها على سبيل المثال في الحكومة لا تتجاوز نسبته 10% بواقع 3 وزيرات من أصل 30 وزارة. ويتوزعن كما جرت العادة على “الثقافة. التنمية الإدارية. وزيرة دولة”.

بينما مثلاً على مستوى المحافظين يوجد 14 محافظ ذكر. بينما لا تحصل أي امرأة على منصب المحافظ الذي يتم تعيينه بقرار من السلطة المركزية.

ليس من المهم زيادة عدد المشارِكات في العمل السياسي. بقدر أهمية زيادة تأثيرهن وأدائهن في المهمات الموكلة إليهن الناشطة النسوية ريما السواح

تقول الناشطة النسوية “ريما السواح” أن المرأة السورية تمتلك القدرة والمعرفة والإمكانيات اللازمة للانخراط في الحياة السياسية. وترى أن على المجتمع السوري تغيير نظرته تجاه مشاركة المرأة في العمل السياسي ثم تغير نظرة المرأة إلى نفسها ورؤيتها لذاتها.

ولفتت “السواح” أنه ليس من المهم زيادة عدد المشارِكات في العمل السياسي. بقدر أهمية زيادة تأثيرهن وأدائهن في المهمات الموكلة إليهن. فالسوريات قادرات والأهم من ذلك أن يكون الشخص المناسب في المكان المناسب.

جيل الشباب يؤيد زيادة نسبة مشاركة المرأة

أجرى سناك سوري استطلاع لآراء الشباب حول مشاركة المرأة في الحياة السياسية. فكان هناك إجماع على ضرورة زيادة التمثيل النسائي في العمل السياسي.

الناشطة النسوية عادلة بيهم الجزائري من الرائدات العربيات في الساحة السورية والعربية
الناشطة النسوية عادلة بيهم الجزائري من الرائدات العربيات في الساحة السورية والعربية

 يرى “محمد 25 عاماً” أن مشاركة المرأة في العمل السياسي تساعدها أكثر في الحديث عن القضايا والحقوق النسوية. فهي الأقدر على الحديث عن معاناتها وحياتها.

وقالت “نور 24 عاماً” لـ سناك سوري «مشاركة المرأة بالحياة السياسية مهمة جداً وما فينا نعزلها عنها. خصوصاً أن المرأة عبر التاريخ استلمت مناصب مهمة وأثبتت جدارتها وقدرتها على قيادة الحياة السياسية. والانخراط فيها بشكل إيجابي و فعّال»

وتدعو الشابة لزيادة عدد المقاعد المخصصة للنساء وعدم احتكار النسبة الأكبر للرجال الأمر الذي يسهم في تحييدهن عن المشاركة.

المشاركة بحاجة لنضال على الأرض

يرى “حسين 30 عاماً ” أن مشاركة السوريات في العمل السياسي يجب أن تأتي بعد نضالهن  لأخذ حقهنّ في المشاركة بمراكز القرار. وألّا تكون مشاركتهن ”هبة“ حسب وصفه، لأنها بذلك تكون عديمة الفائدة.

ويرفض الشاب فكرة تنميط النساء وحصر مشاركتهن بالحياة السياسية بقصد الدفاع عن حقوقهن فقط. وإن كان هذا الأمر مهم أيضاً. وإنما يؤكد أن عملها في الحياة السياسية للمجتمع ككل وألا يُحصر في شؤون المرأة فقط.

توفر الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع. المادة 23 من الدستور السوري

 

بدورها اعتبرت “نداء علي 23 عاماً” أن الحياة السياسية تتطلب معرفة شاملة وعميقة بمفاصل العمل الدبلوماسي باعتباره من المجالات الدقيقة والحساسة. مؤكدة أنّ المشاركة فيه لا يجب أن تكون قائمة على معادلة “رجل أو امرأة”. بل على أساس “الأكثر كفاءة”. 

في الحياة الحزبية بقيت المرأة السورية مظلومة، فالأحزاب المرخصة بما فيها أحزاب الجبهة لا يتعدى حضور المرأة السورية في رئاسة الأحزاب سوى سيدة واحدة مقابل  قيادة 21 رجل لبقية الأحزاب.

وتصف “نداء” إقصاء المرأة عن المشاركة مشكلة حقيقية. وتقول أن من الطبيعي أن يكون تمثيل المرأة موازياً لتمثيل الرجل. على أن تكون زيادة التمثيل مدروسة وليست لمجرد التمثيل الشكلي.

تعتبر “حنين الرحبي 22 عاماً” أن المرأة تمتلك طاقة وأفكار متجددة. الأمر الذي يسهم في تطوير العمل السياسي ولها رؤية مختلفة عن الرجل في كثير من المواضيع فالتشاركية أمر إيجابي لا سيما في العمل السياسي.

لا تعتبر مشاركة السوريات في الحياة السياسية أمراً ثانوياً يمكن إغفال مناقشته والتغاضي عنه على حساب ملفات أخرى. كونه يعبّر عن إقصاء فئة اجتماعية عن المشاركة في صناعة قرارها ومستقبلها وهو بذاته مستقبل سوريا التي يتطلع إليها السوريون.

زر الذهاب إلى الأعلى