
أبدى صناعيون وفلاحون تخوفاً من استمرار تدفق البضائع الأجنبية كذلك المنتجات الزراعية العربية إلى السوق السورية، ما يهدد أعمالهم ومصدر رزقهم المتراجع أساساً، نتيجة السياسات الاقتصادية السابقة وضعف القوة الشرائية في البلاد.
سناك سوري-دمشق
“أُوبي” 47 عاماً وهو وكيل معمل منظفات مقره دمشق، قال لـ”سناك سوري”، إن عمله توقف منذ شهر ديسمبر الفائت بالكامل، نتيجة عدة أسباب، أولها تدفق البضائع التركية بشكل كبير، بأسعار قليلة قياساً بأسعار المنتجات المحلية، إضافة إلى استمرار تراجع القدرة الشرائية لعموم الناس، الذين يبحثون اليوم عن شراء الطعام كأولوية مقارنة بالمنظفات.
البلد اليوم بأمس الحاجة إلى تشكيل مجلس إصلاح اقتصادي لإنجاز إصلاح اقتصادي مدروس لواقع غاية في التعقيد. لمياء عاصي – خبيرة اقتصادية
يؤكد “أُوبي” أن المعمل كذلك متوقف عن العمل في العاصمة، لأن صاحبه بانتظار استقرار السوق مجدداً، ولأين يتجه مع انخفاض الدولار، وهل سيكون هذا الانخفاض دائماً أم أنه حالة مؤقتة وسيعود للارتفاع مجدداً.
وعقب سقوط النظام ومارافقه من حالة فوضى، دخلت البضائع الأجنبية بكثافة إلى السوق السورية، وهو ما عبرت عنه الباحثة الاقتصادية “لمياء عاصي”، بالقول إن البلد اليوم بأمس الحاجة إلى تشكيل مجلس إصلاح اقتصادي لإنجاز إصلاح اقتصادي مدروس لواقع غاية في التعقيد.
وأضافت أنه «لا يمكن الاكتفاء بانفتاح اقتصادي مشوه، والسماح بالاستيراد لكل شيء، وفتح الابواب على الغرب لنصبح سوقاً لتصريف بضائع الغير، دون القدرة على الإنتاج، ودون تبني سياسات تعنى بتشجيع المنتج المحلي، وإصلاح القطاع العام المنهك».
بينما اعتبر الصناعي “تيسير دركلت” من محافظة حلب، أن تدفق المنتجات الأجنبية لا يعتبر إغراقاً بل فوضى، وأضاف في تصريحات نقلتها صحيفة الحرية، أن «مايحدث حالياً حالة فوضى نتيحة استغلال تأخر صدور القرارات الاقتصادية، لذلك يتم إدخال مواد غير مراقبة من حيث الجودة، لكن أسعارها رخيصة».
“دركلت” قال إنه من المفروض ألا يكون لهذه المنتجات تأثير على الصناعة عندما تكون بحالة جيدة، لكن صناعتنا للأسف مريضة، لذلك كان لها تأثير كبير جداً، داعياً لإدخال مواد أولية عوضاً من إدخال المنتجات والسلع.
يأمل الصناعي السوري أن تأثير الفوضى سينتهي بمجرد صدور القرارات الاقتصادية وتنظيم حركة الاستيراد وحصرها بيد الدولة السورية بتعرفة موحدة لكل المنافذ الحدودية، بحراً وبراً وجواً.
من المفروض ألا يكون لهذه المنتجات تأثير على الصناعة عندما تكون بحالة جيدة، لكن صناعتنا للأسف مريضة، لذلك كان لها تأثير كبير جداً تيسير دركلت – صناعي سوري
البندورة الأردنية تضرب الموسم
ولا يقتصر الحال على البضائع الاستهلاكية، حيث أعلن مؤخراً عن دخول المنتجات الزراعية الأردنية إلى السوق السورية، وتواجدت بكثافة ما أدى إلى زيادة العرض وبالتالي انخفاض الأسعار، وعلى الرغم من أن هذا يبدو مبشراً للمستهلكين، إلا أن الفلاحين دفعوا الثمن.
“محمد” 65 عاماً مزارع من قرية حريصون بريف بانياس، قال لـ”سناك سوري”، إن سعر البندورة المنتجة محلياً في البيوت المحمية تباع اليوم بين 3500 إلى 5 آلاف ليرة، وهو تقريباً سعر الكلفة، أي أنهم كفلاحين لن يحصلوا حتى على أجرة جهدهم.
وحمّل “محمد” البندورة الأردنية بأنها سبب تخفيض الأسعار، مطالباً حكومة بلاده بالانتباه إلى الروزنامة الزراعية السورية، بمعنى ألا يتم استيراد المنتجات الزراعية بموسم إنتاجها في سوريا، لدعم الفلاحين.
وقال الفلاح السوري إن حكومات النظام السابق، دمرت الزراعة وأفقرت الفلاحين، وأضاف أنه ينظر بعين الأمل إلى الحكومات القادمة لعلّها تولي اهتماماً حقيقياً بالزراعة.
ويمنع الأردن استيراد المنتجات الزراعية السورية في ذروة إنتاجها محلياً لديهم، مثلاً عام 2018، أعلن المتحدث باسم وزارة الزراعة الأردنية “لوارنس المجالي”، فرض بلاده حظراً على استيراد الحمضيات وزيت الزيتون والخيار والبندورة من سوريا، بهدف حماية منتجاته الأردن الزراعية من تدفق مثيلاتها السورية.