الرئيسيةرأي وتحليل

أين جمعيات البيئة من تلوث الشواطئ السورية وماهي خطة الحكومة؟

تحويل موجة الغضب الفيسبوكي إلى فعل على الأرض وليس على السوشل ميديا

سناك سوري – بلال سليطين

لا تخفي طريقة تنظيف الشواطئ السورية من التلوث الناجم عن تسرب الفيول سوء الوضع وعدم قدرة الجهات القائمة على التنظيف على إنهاء الملف بمفردها، في حين تبدو عملية الرصد للتلوث في أدنى مستوياتها والتنسيق ليس على أشده.

التسرب أعلن عنه في 23 من الشهر الجاري أي قبل 6 أيام وقيل حينها رسمياً أن فرق الصيانة بدأت بسحب الفيول إلى خزان آخر للسيطرة على التسرب قبل وصوله إلى مياه البحر، قبل أن يكتشف سكان جوار الشاطئ صباح اليوم التالي أن شاطئهم الأزرق أصبح أسوداً نتيجة التسرب الذي اختلفت المصادر حول كميته لكنها لا تبدو قليلة بعيداً عن المبالغة فحجمها يتضح بالعين المجردة دون الحاجة لأقمار صناعية.

في البداية لم تظهر السلطات المحلية ردة فعلها القوية لمواجهة الخطر الناجم عن تلوث يشكل خطراً على البيئة والحياة البحرية وحتى السكان، بينما ظهرت الصور التي اجتاحت صفحات التواصل الاجتماعي لتأتي الاستجابة بعدها باجتماع في 27 الشهر الجاري للإعلان عن تشكيل لجنة في طرطوس لإزالة التلوث خلال ثلاثة أيام، أي من المفترض أن يزول هذا التلوث اليوم (27-28-29)، لكنها لم تنته ولا يبدو أنها ستنتهي خلال الساعات القادمة ولا حتى الأيام.

اقرأ أيضاً: بعد تسرب الفيول في بانياس … باحثة بيئية تدعو لوقف الصيد

اللجنة المشكلة تعتمد فقط على المؤسسات الحكومية وغاب عنها المجتمع المدني من جمعيات ومتطوعين، ونتائج هذه اللجنة كانت مخيبة للآمال من خلال خطتها لإزالة هذا التلوث والتي اعتمدت أدوات مثل “التنك” أو أغصان الأشجار….إلخ بما في ذلك اعتماد العمال على أيديهم في الإزالة وهي الصورة التي أثارت موجة تعاطف واسعة مع هؤلاء العمال البسيطين وتساؤلات عن الأدوات والتجهيزات.

غضب السوشل ميديا ووضعه في إطار التطوع

في الأثناء كان التلوث يتسع ويمتد والبقعة التي كانت واحدة في عرض البحر تحولت إلى بقع، فبعد أن اتجه جزء منها شمالاً ووصل إلى جبلة، وجهت الرياح جزءاً آخر جنوباً بالأمس ووصل إلى ضهر صفرا التي لم يسجل بالأمس أي عمل على إزالة التلوث منها وربما تأخر رصده، بينما كانت عدسات الهواتف المحمولة تصور بعض الكائنات البحرية وقد نفقت على الشاطئ.

اقرأ أيضاً: سوريا: حركة الرياح تدفع بقع التلوث البحري جنوباً

كل هذه المعطيات تشير بما لا لبس فيه أن الأجهزة الحكومية ليس لديها القدرة لوحدها على مواجهة هذا التلوث لا بالتخطيط ولا بالأدوات، وهو ما يعني أنها بحاجة لشركاء من المجتمع للمبادرة في حل هذه المشكلة.

الشركاء المحتملون نوعين، وتقع عليهم مسؤوليات كبيرة، النوع الأول: جمعيات البيئة وأصدقاء الطبيعة الذين سجلت أعدادهم تزايداً كبيراً خلال السنوات الماضية، وهم بحاجة لترجمة علاقتهم مع البيئة بالمبادرة للمساهمة في إيجاد حلول لهذه الأزمة الملحة، وبالتواصل مع بعض هذه الجمعيات أكدوا أنهم بادروا والأبواب لم تكن مفتوحة أمامهم للمساعدة.
النوع الثاني هم الغاضبون على السوشل ميديا، وهؤلاء المتحمسون المغردون الحزانى أيضاً يمكن فتح الباب لهم للتطوع والمساعدة وتقديم ما يمكنهم للحد من هذه الكارثة، وبدل أن يقول بعض المسؤولين من خلف مكاتبهم:« قاعدين بتنظروا علينا من ورا اللابتوب» فليفتح لهم باباً للعمل وهكذا يرتاح من تنظيرهم.

حتى الآن لا يوجد أي مبادرة رسمية لإشراك المجتمع المدني في هذه الكارثة والاستفادة من موارده وكوادره، فيمكن لفاعلين بالمجتمع المدني السوري أن يساعدوا في توفير بعض المعدات، وتوفير المتطوعين، وكذلك توفير بعض المستلزمات للعمال الذين يزيلون الفيول بأيديهم وفي ذلك خطر كبير عليهم أيضاَ فمياه البحر المالحة مع الفيول في ظل حرارة شديدة كما هو الوضع هذه الأيام من شأنه أن يتسبب بأذية لهؤلاء العمال ويجعلهم بحاجة لحماية مسبقة.

لا يعيب الدولة ومؤسساتها أن تفتح الباب للشراكة مع المجتمع المدني ومع الفاعلين على “مشتقات التواصل الاجتماعي” وتدعوهم إليها للتنسيق والتعاون والعمل، بل المعيب هو هذا الواقع المرير الذي يحتاج الخلاص منه لتضافر كل الجهود والخجل منه لا من التعاون والتنسيق.

قد يقول قائل من يريد التطوع لا يحتاج دعوة!؟ لكن للأسف في حالة مثل سوريا وتعقيدات الموافقات فيها بأنواعها المختلفة فإن مبادرة تطوعية من هذا النوع حتى لايمكن القيام بها إلا بضوء أخضر واضح ومباشر وتمكن رؤيته من بعيد.

اقرأ أيضاً: الفيول الثمين محفوظ في خزانات مهترئة.. هل هو الإهمال؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى