أول عدوان على سوريا بعد طوفان الأقصى .. والاحتلال يذهب لأخطر تصعيد _ بانوراما الأسبوع
الأسد يبحث الوضع الراهن مع بن زايد ورئيسي .. ودمشق تتحفظ على جزء من البيان العربي
لم تكن “سوريا” بمنأى عن أصداء وانعكاسات عملية “طوفان الأقصى” في قطاع “غزة” والتي أرخت بظلالها على المنطقة وفرضت نفسها في صدارة الأحداث حتى على مستوى العالم.
سناك سوري _ دمشق
افتتح السوريون أسبوعهم على وقع الحداد الذي كانت يخيّم على البلاد بعد هجوم “الكلية الحربية” في “حمص” الخميس الماضي ليحمل لهم صباح السبت بشرى بدء عملية “طوفان الأقصى”.
وخيّم مشهد التفاعل مع العمليات التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في غلاف قطاع غزة. على الشارع السوري الذي أبدى تفاعلاً واسعاً مع مجريات الأحداث. والتي جاءت انطلاقتها بعد يومين فقط من حادثة الهجوم على حفل تخريج طلاب ضباط من الكلية الحربية في “حمص” والتي راح ضحيتها العشرات من الخريجين وذويهم. ما دفع الحكومة السورية لإعلان حالة الحداد الوطني مدة 3 أيام.
وخلال أيام الأسبوع تكرّرت الأنباء والمخاوف داخل كيان الاحتلال من هجمات محتملة قادمة من جبهة “الجولان” السوري المحتل. حيث تكرّر إطلاق صافرات الإنذار في “طبريا” و”الجولان” و”صفد” و”بيسان” و”ديشون”. خوفاً من عمليات تسلل أو طائرات مسيّرة.
التصعيد الإسرائيلي الأخطر
وادعت قوات الاحتلال الثلاثاء أن قذائف سقطت في مناطق مفتوحة داخل الأراضي المحتلة. تم إطلاقها من “سوريا” وأنها ردّت بإطلاق قذائف مدفعية ومورتر باتجاه الأراضي السورية دون توضيح مزيد من التفاصيل. بينما لم يصدر تعليق سوري رسمي على الخبر. إلا أن وكالة رويترز نقلت عن مصدر في “جنوب سوريا” لم تسمّه قوله إن فصيلاً فلسطينياً أطلق 3 صواريخ باتجاه الأراضي المحتلة. دون تسمية الفصيل.
طائرة الوزير الإيراني غيّرت مسارها إثر تعذّر هبوطها في المطارات السورية بعد تعرّضها للعدوان الإسرائيلي. مصدر دبلوماسي
الاحتلال فضّل الذهاب إلى تصعيد خطير في ذروة الأحداث في الداخل الفلسطيني المحتل. واستهدف الخميس مطارَي “دمشق” و”حلب” ما أدى لخروجهما عن الخدمة.
الخطير في العدوان الإسرائيلي أنه تزامن مع الإعلان عن زيارة يعتزم وزير الخارجية الإيراني “حسين أمير عبد اللهيان” إجراءها إلى “دمشق”. فيما نقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن مصادر دبلوماسية لم تسمّها قولها أن طائرة الوزير الإيراني غيّرت مسارها إثر تعذّر هبوطها في المطارات السورية بعد تعرّضها للعدوان الإسرائيلي.
بدورها. أصدرت وزارة الدفاع السورية بياناً قالت فيه أن العدوان الإسرائيلي هو محاولة يائسة. لتحويل الأنظار عن جرائم الاحتلال في “غزة” والخسائر الكبيرة التي يتعرض لها على يد المقاومة الفلسطينية. مضيفاً أنه جزء من النهج المستمر في دعم الجماعات الإرهابية المتطرفة التي يحاربها الجيش السوري. في شمال البلاد والتي تشكّل ذراعاً مسلحاً لكيان الاحتلال على حد تعبير البيان. وأعلنت وزارة النقل تحويل الرحلات الجوية المبرمجة عبر المطارين إلى مطار “اللاذقية”. مشيرة إلى أن كوادر المؤسسة العامة للطيران المدني بالتعاون مع الشركات المعنية. باشرت الكشف عن الأضرار التي لحقت بمدرجات المطارين وإزالة آثار العدوان تمهيداً لإصلاحهما وإعادتهما للخدمة.
السياسات الصهيونية هي التي تتسبب في سفك الدماء. ويجب التحرك سريعاً على المستويين العربي والإسلامي لحماية الشعب الفلسطيني الرئيس بشار الأسد
بينما نقلت قناة “العربية” أن رئيس أركان الاحتلال “هيزري هاليفي” أكّد الهجمات. وقال أنها جاءت رداً على سقوط قذائف من “سوريا” مهدّداً بتنفيذ المزيد من الهجمات خلال الأيام القادمة.
المحادثات مع إيران
الحديث عن زيارة “عبد اللهيان” إلى “دمشق” والتي حال العدوان الإسرائيلي دونها. سبقه مباحثات هاتفية مساء الأربعاء جمعت الرئيسين السوري “بشار الأسد” والإيراني “إبراهيم رئيسي”.
وذكر بيان الرئاسة أن الرئيسان أكّدا على دعم الشعب الفلسطيني في مواجهته لما يتعرض له من جرائم. ومقاومته المشروعة للدفاع عن قضيته العادلة واستعادة حقوقه المغتصبة.
وأكد الرئيس “الأسد” أن السياسات الصهيونية هي التي تتسبب في سفك الدماء. مشدداً على ضرورة التحرك السريع على المستويين العربي والإسلامي لحماية الشعب الفلسطيني لا سيما في قطاع غزة. ووقف الغارات الإسرائيلية التي تستهدف النساء والأطفال.
نتحفظ على أي عبارات يمكن أن يفهم منها المساواة بين المحتل الإسرائيلي والشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال وزارة الخارجية السورية
تحفظ سوري على بيان الدول العربية
في الأثناء. اختتمت جامعة الدول العربية اجتماعها الطارئ على مستوى وزراء الخارجية والذي حضره الوزير “فيصل المقداد”. بإصدار بيان طالب بالوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على “غزة” وإدانة كل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان وانتهاك لحقوقه.
وأكدت الدول العربية على ضرورة رفع الحصار عن القطاع والسماح بالإدخال الفوري للمساعدات الإنسانية. والغذاء والوقود إليه وضرورة وقف كيان الاحتلال لقراره بحرمان غزة من المياه والكهرباء.
وبينما تضمّن القرار دعوة جميع الأطراف إلى ضبط النفس وإطلاق سراح المدنيين وجميع الأسرى والمعتقلين. فإن الخارجية السورية أبدت تحفّظها على أي عبارات يمكن أن يفهم منها المساواة بين المحتل الإسرائيلي والشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال. لكنها رحّبت بإدانة الدول العربية للعدوان.
مشاركة سوريا في طوفان الأقصى
بعد بدء عملية “طوفان الأقصى” صباح السبت السابع من تشرين الأول. بدأت مروحة اتصالات واسعة بين زعماء دول المنطقة لبحث ملابسات الوضع الذي انفجر بشكل مفاجئ للجميع.
أول الاتصالات تلقّاها الرئيس “الأسد” من نظيره الإماراتي “محمد بن زايد” يوم الأحد. واكتفى بيان الرئاسة بالقول أن الجانبين بحثا تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والأوضاع في المنطقة.
هذا الاتصال دفع صحفياً إسرائيلياً في موقع “أكسيوس” الأمريكي للحديث عن تحذير إماراتي لسوريا من المشاركة في “طوفان الأقصى”. حيث نقل عن مصدرين قال أنهما مطلعين على الجهود الدبلوماسية الإماراتية قولهما أن مسؤولين إماراتيين وجّهوا رسائلهم إلى مسؤولين سوريين رفيعي المستوى وأطلعوا الإدارة الأمريكية على اتصالاتهم مع السوريين.
وتابع أن مسؤولاً إماراتياً رفض مناقشة المحادثة الدبلوماسية الخاصة. وأن البعثة السورية في “الأمم المتحدة” لم ترد على الفور على طلب التعليق.
توسّع دائرة الحرب
لم يكن مستغرباً أن يردّ الاحتلال على العملية التي باغتته بها المقاومة وأظهرت فشلاً ذريعاً في مخابراته. بقصف عنيف على قطاع “غزة” وصل إلى حد استخدام الفوسفور الأبيض المحرّم دولياً. وضرب البنى التحتية والمدارس والمشافي والمساجد، واستهداف النساء والأطفال وسيارات الإسعاف والصحفيين وكل ما تطاله يد أسلحته.
إلا أن مخاوفه من احتمال فتح جبهات “سوريا” و”لبنان” بالتزامن مع “غزة” لتشتيت عملياته. ومحاولاته لرد الاعتبار لصورته أو استعادة “هيبة” قواته. ساهمت في تنفيذه ضربات صاروخية جنوب “لبنان” واستهدافه لمطاري “دمشق” و”حلب” لا سيما بالتزامن مع زيارة “عبد اللهيان”. في رسالة تحذيرية واضحة لـ”دمشق” و”طهران”.
من جهة أخرى. رأى مراقبون أن عدوان الاحتلال جاء كمحاولة جرّ الطرفين السوري والإيراني إلى الحرب. وتحويلها من معركة داخل الأراضي المحتلة فقط. إلى حربٍ إقليمية واسعة تستدعي تدخلاً أمريكياً وربما غربياً بالعموم إلى جانب الاحتلال. في مواجهة واسعة تشمل “سوريا” و”لبنان” وربما “إيران” أيضاً. لكنها مغامرة خطرة قد لا تقف عند حدود الإقليم فحسب بل قد تتحول إلى حرب عالمية نظراً لتعقيدات المشهد الدولي الحالي وتأزم الأوضاع في العالم ربطاً بالحرب الروسية الأوكرانية التي عزّزت من الاستقطاب والتكتلات وزادت من مخاطر انفجار الأوضاع بين معسكرين على الأقل من دول العالم.