الرئيسيةيوميات مواطن

عن طنجرة الشوربا بتوقيت اليوم السابع من عمر الزلزال

بـ2000 ليرة عدس شوربا وقليل من الحطب.. هنا وجع القلب غطى على الجوع

بتوقيت اليوم السابع بعد الزلزال، كانت جارتي التي تستضيف لديها عائلة تهدّم منزلها، قد اخترعت موقداً صغيراً مؤلفاً من برميل حديدي صغير. يضاف إليه بعض الحطب وأكواز الصنوبر وبعدها عود ثقاب صغير.

سناك سوري-شخص ما

سرعان ما أتت الطنجرة الصغيرة، مملوءة بالمياه، سيضاف إليها بعد حين كمية من عدس الشوربا، بمبلغ 2000 ليرة سورية، يُحضرها الولد الصغير من الدكان القريب.

“كلو بالدين عمن شتري ومو عرفانين لأيمت”، تقول جارتي التي أحب ابتسامتها رغم كل الضيق من حولنا، يمضي الوقت، نصف ساعة كانت كافية لإنضاج الطبخة الصغيرة. وحان الوقت لوضع البصل والزيت، على الموقد ذاته، وضعت المقلاة حتى يذبل البصل قليلاً، وسط تطاير الرماد.

تحاول جارتي تحريك المقلاة أمامي في محاولة لإبعاد الرماد عنها، أدرك ما تفعله وما غايتها، فأبادرها قائلة: “خليها شو هي وقفت على هالرماد”. تبادرني بابتسامة عظيمة وكأن قلبها ارتاح، ليس لأني مهمة، لكن لأن حياة الريف لدينا هكذا، نحاول مراعاة الآخرين ولو على حساب معتقداتنا وحياتنا.

تنضج الطبخة تقدم لي زبدية شوربا من الطبخة الصغيرة التي قد لا تكفي الجميع، بما فيهم زوار المنزل المنكوبون، آخذها، أرتشفها بلذة لا يمكن وصفها. ليست شوربا عادية، هو صحن مليء بالحب والجمال والفقر والكرم، وأشياء أخرى.

كابنة لمنطقة منكوبة لم أخسر شيئاً لا منزلي ولا أحد من عائلتي، أتمنى لو أستطيع إيصال أصوات جيراني وأقاربي، أولئك الذين باتوا يعيشون مع بعضهم البعض في ظروف فقر مدقع. ووسط غياب كامل للخدمات، بما فيها الغاز المنزلي الذي تعلمنا كيف نتدخره ليكفي عوائلنا، لكن كيف سندخره مع زيادة عدد المقيمين في المنزل، ومثله مازوت التدفئة، والراتب والطعام وكل الخدمات القليلة جداً في حياتنا.

كلنا منكوبون، كلنا نحتاج مساعدة، ليس الآن فقط أبداً، بل قبل ذلك بكثير، وما الزلزال سوى صرختنا التي سُمع صداها.

اقرأ أيضاً: الاستيقاظ من صدمة الزلزال والعودة لنكبة الفقر

زر الذهاب إلى الأعلى