إقرأ أيضاالرئيسية

“شيراز” حولتها الحرب إلى “ابنة بطوطة السورية”

“شيراز كُل” تصنع مستقبلها بعيداً عن كل أشكال المساعدة من أحد.

سناك سوري – آزاد عيسى

تركت “شيراز كُل” مقاعد الدراسة، وخرجت من دار والدها مكرهة إلى بيت الزوجية وعمرها 12 عاماً، ولم تمضي سنة الزواج الأولى على القاصر إلا وأصبحت أماً تتحمل تعب البيت ومسؤولياته الكبيرة في مجتمع لا يعرف للطفولة مكان. غير أن ذلك كله لم يكن شيئاً بعد رحلة البحث عن العمل التي بدأتها مع أسرتها من “حلب” إلى “طرطوس”، فـ”الطبقة” في ريف “الرقة”، ومن ثم العودة إلى “عفرين”، و”جنديرس” في ريف “حلب الشمالي، فـ”رأس العين”، لتختتم رحلتها المليئة بالمرارة في مدينة “القامشلي”، بانتظار ما تخبئه الأيام لها من مفاجآت لن يكون بطلها “بابا نويل” بكل تأكيد.

رحلة “ابنة بطوطة” السورية “شيراز كُل” وتجوالها في المدن السورية، للبحث عن الأمان والعمل، لخصتها بكلمة واحدة هي “القدر”، وقالت لسناك سوري: «قدري ألا أستمتع في مراحل الطفولة والشباب، فقد تركت الدراسة مكرهة، وتزوجت في عمر صغير رغماً عني، ووجدت أن زوجي يحتاج لمساعدتي للتغلب على فقر الحال، تعلمت مهنة الخياطة في مدينة “طرطوس”، وبدأت رحلتي مع ماكينة الخياطة تمتد لساعات يومية طويلة. وبعد مغادرتها إلى “الرقة”، و”حلب”، و”الحسكة”، كان النساء يترددن علي، بعد أن أتقنت صنعتي بشكل مثالي».

اقرأ أيضاً “خولة” شابة في 23 من العمر تعمل “عتالة”

غير أن رحلتها التي طالت في مدينة “القامشلي” قبل عدّة سنوات حملتها مسؤوليات مضاعفة، فلديها الآن أربعة أطفال، بينهم طفل مريض، يحتاج للدواء والعلاج الدوري، وبيت مستأجر، وزوج يعيش على راتب هزيل، فاختارت البحث عن عمل دائم، وتابعت القول: «منذ سنين وأنا ممرضة في عيادة طبية بـ”القامشلي”، حيث أنطلق إليها منذ الصباح الباكر، وحتى الثالثة عصراً، وإذا وجدتُ وقتاً أصنع قطعة من الصوف ضمن العيادة، لأن أدوات الصوف تبقى معي في كل وقت. ومع وصولي للمنزل أباشر بصنع المئونة للأهالي صيفاً وشتاء، وأستمر في الخياطة أيضاً، عدا الأشغال الاعتيادية برعاية الأطفال والاهتمام بالمنزل، مع ساعات قليلة للنوم ليلاً، وهكذا».

يمر شهر “رمضان” كأي شهر، رغم التزامها بالصوم، فهي لا تهتم بطقوس الطعام والشراب والنوم نهاراً كما معظم الصائمين، فالعمل عبادة، وهي صائمة عن ملذات الدنيا طوال السنة، وأضافت: «ملتزمة بالصيام، التعب اليومي صديق دائم في هذا الشهر، وكل الشهور، أحياناً كثيرة لا أتسحر، ومرات لا أفطر في الوقت المحدد، ولا أهتم بملذات الطعام والشراب، فهناك أطفال وبيت وزوج يحتاجان مني للمساعدة المالية، فلا وقت للتفكير بأي شيء، هذا هو قدري».

في هذه الدوامة، تعيش “شيراز” يومها، غير أن الوقت الذي تقتنصه للذكريات، ينقلها إلى “عفرين”، و”جنديرس” للتفكير بأحباب تركتهم هناك دون أن تعلم عنهم شيئاً، أو تعرف إن كانوا على قيد الحياة.. الحياة التي لم تمنحها فرصة واحدة للتعرف على جمالها ووجهها الآخر.

اقرأ أيضاً هذه الدوريات لن تقول لكم “رمضان كريم”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى